بيروت ـ عمر حبنجر
بدأت منذ أمس استراحة المحاربين على جبهة المحكمة الدولية ومشتقاتها في لبنان، مع حلول عطلة نهاية الاسبوع، وبداية عطلة الاضحى المبارك، امتدادا الى عيد الاستقلال الذي سيوجه الرئيس ميشال سليمان خلاله رسالة الى اللبنانيين تتضمن ما سهى أو غاب، من معاني الاستقلال، الى جانب الواقع الراهن وجهود الدولة لمعالجته بالحكمة والتعقل «وبعيدا عن الفتن الطائفية المذهبية».
يضاف الى العوامل الفارضة للاستراحة الزيارات الرئاسية الخارجية، فالرئيس ميشال سليمان سيكون في قطر يوم 23 نوفمبر الجاري، والرئيس الحريري اليوم في الامارات والاثنين في موسكو فالمملكة العربية السعودية يوم الأضحى، وسيكون في طهران يوم 28 منه، فيما غادر العماد ميشال عون الى باريس امس للقاء الرئيس نيكولا ساركوزي، في حين يصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى بيروت في 25 الجاري بدعوة من اتحاد المصارف العربية.
لكن هذه الاستراحة، لا تعني اللاحراك، فضمن برنامج الزيارات الخارجية، تركيز اساسي على البحث عن مخارج للقضايا الداخلية، التي ازدادت تعقيدا بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي هدد بقطع يد كل من يحاول اتهام حزبه او ايا من عناصره بالتورط في اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، متهما بعض القيادات اللبنانية بالتواطؤ في حرب يوليو 2006، الأمر الذي استدعى ردود فعل عديدة، لكن السيد نصر الله ابقى نافذة الأمل مفتوحة من خلال تعديله على المسعى السعودي ـ السوري الذي كاد يكون نقطة التقاطع الوحيدة بين الاطراف اللبنانية المتباعدة.
وثمة كلام عن ان المساعي السعودية ـ السورية، قطعت مسافات لا بأس بها، في سبيل العثور على المخرج الملائم، ويبدو أن المسؤولين اللبنانيين في الاجواء، وبالذات الأمين العام لحزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
من جهته، السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم توقع امس ان يسفر التواصل السوري ـ السعودي عن وفاق بين اللبنانيين، لتفويت الفرصة على محاولات العبث بالنسيج اللبناني.
الشق الإيجابي
على أن رئيس الحكومة سعد الحريري وخلال ترؤسه اجتماع كتلة المستقبل، قبيل مغادرته بيروت، شدد على ثبات موقفه من المحكمة الدولية والدعوة إلى الحوار مع الاستعداد لسماع كل الآراء، متوقفا امام «الشق الايجابي في كلام الأمين العام لحزب الله حول نجاح المسعى السعودي ـ السوري للتهدئة، متخطيا العناصر السلبية في الخطاب، انطلاقا من الصمود والصلابة والرغبة في الحوار.
كما قدر المجتمعون في الكتلة مواقف الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط اللذين ساهما في عدم تفجير جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، حيث كان النقاش بناء، لولا السجال بين
الوزير شربل نحاس (كتلة عون) وقوى 14 آذار، لاسيما الحريري واتهامهم بالتعرض لضغوط اسرائيلية، ما استدعى ردا من رئيس الحكومة وعدد من السائرين في ركابه.
ونقل عن الرئيس الحريري قوله في اجتماع الكتلة: لن نقبل الا بالتسوية، لأن الانفجار في لبنان ممنوع.
بدوره رئيس مجلس النواب نبيه بري أبدى ارتياحه الشديد الى تعويل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على المسعى السعودي ـ السوري. وردا على سؤال حول «المثالثة» في السلطة، قال بري لـ «النهار» ان المطلوب تطبيق الطائف بكل مندرجاته وحروفه، فلا مثالثة ولا من يحزنون.
وأضاف: صدقوني، اقولها للمرة الالف لا قيامة للبنان اذا لم تلغ الطائفية.
الحل سياسي
وقال انه ابلغ الرئيس الفرنسي ساركوزي، بأن الحل في لبنان سياسي وليس دستوريا، وان الاتكال على السعودية وسورية.
في هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو ان وزير الخارجية برنار كوشنير لم يتطرق في أي من محادثاته في بيروت الى احتمال تعديل اتفاق الطائف بين القوى اللبنانية.
واضاف ان كوشنير اعلن اكثر من مرة هدف زيارته الى بيروت وهو التذكير بدعم فرنسا للسلطات اللبنانية والتي تأمل باريس في تعزيز قدراتها، مؤكدا ان كوشنير سلم الرئيس سعد الحريري دعوة لزيارة فرنسا ولقاء الرئيس ساركوزي. وأشار الى ان الرئيس ساركوزي سيستقبل العماد عون يوم غد.
وذكرت معلومات صحافية في بيروت ان سلسلة دعوات وجهت الى شخصيات لبنانية لزيارة فرنسا في مقدمتها الرئيس أمين الجميل ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في اطار التهدئة الممهدة لصدور القرار الاتهامي، ما يعني انه بات قريبا.
القرار الاتهامي مسيس!
من جهته، النائب وليد جنبلاط رأى ان الوضع في لبنان الآن حساس للغاية ويتطلب من كل القوى السياسية اليقظة وإدراك حجم المخاطر الكبرى التي تحيط بلبنان والمنطقة.
وأضاف لوكالة ايرنا الايرانية: ان ما رشح من معطيات ومعلومات حول المحكمة يوحي بأن القرار الاتهامي مسيس، وهو يتهم فريقا من اللبنانيين، وقد يؤدي الى وقوع فتنة، وهذا ما يتطلب اعادة فتح قنوات الحوار بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله.
وشدد جنبلاط على أن الاستقرار والعدالة لا ينفصلان، ولا يمكن اليوم النظر الى مشهد المحكمة الدولية بمعزل عن التطورات الاقليمية والدولية المختلفة. وان الاصطفافات الداخلية تجر البلاد الى التوتر والمطلوب تعزيز مناخات الحوار والتفاهم، وقال جنبلاط ان زيارته الى طهران ممكنة في الوقت الملائم.
لكن كتلة نواب زحلة دعت الى التمسك بالمحكمة الدولية والى تحصين الساحة الداخلية وتغليب لغة الحوار الهادئ.
وطالبت الكتلة بعد اجتماعها برئاسة النائب طوني أبوخاطر بوضع القضاء اللبناني يده على ملف السيناريوهات الانقلابية الاجتياحية التي تباهى البعض بالحديث عنها في وسائل الاعلام، والتي تمس مقومات الدولة الاساسية.
المقاومة والسلم خط أحمر
لكن صحيفة «السفير» اكدت أن القيادة السورية ابلغت عددا من المسؤولين اللبنانيين: بأن المقاومة والسلم الاهلي في لبنان، هما خط احمر بالنسبة الى دمشق، وان سورية لن تقبل بأي امر يمس المقاومة بسوء.
بدوره رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين رأى ان كل ما تفعله اميركا من بث للسموم ومحاولات دفع الفتنة في لبنان لن تحصد منه الا الخيبة.
وخلال افتتاح روضة الشهداء في الشياح قال صفي الدين ان المقاومة اليوم اعظم شأنا من ان تنالها الايادي الخبيثة او ان تطولها كل دعايات الاستكبار العالمي وكل محاولات النيل منها، وقال ان كل السياسات الاميركية والاسرائيلية في منطقتنا اصبحت هباء منثورا.