في أول زيارة له، يصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى لبنان في زيارة رسمية ـ شعبية تشكل نموذجا مصغرا من زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، حيث ستكون له إلى جانب لقاءاته ومحادثاته الرسمية والسياسية، زيارات الى مناطق لبنانية خصوصا صيدا حيث يرعى افتتاح المستشفى التركي التخصصي للطوارئ والحروق، والذي أنشئ بهبة من الحكومة التركية على أرض قدمتها بلدية صيدا (المستشفى التركي في صيدا انجزته في وقت قياسي شركة تركية وضعت له حجر الأساس في مايو من العام الماضي، وانجز البناء في صيف 2010، وبلغت قيمة الهبة التركية التي بني بها المستشفى نحو 20 مليون دولار)، وهو مستشفى متخصص وليس عاديا كالمستشفيات الاخرى، وربما يكون الوحيد في كل لبنان الذي يقدم هذه الخدمات المتخصصة في شأن الحروق والاصابات.
اهمية هذه الزيارة التي تشكل مؤشرا الى اتساع حجم الاهتمام الاقليمي التركي بعد الايراني بالوضع في لبنان والاستثمار سياسيا فيه، انها تحصل في ظرف لبناني حساس مع تفاقم ازمته الداخلية على خلفية المحكمة الدولية والقرار الظني المرتقب، وخصوصا مع حصول انقطاع في العلاقة الجديدة بين دمشق والرئيس سعد الحريري، وهذا أمر يهم الاتراك كثيرا نظرا لعلاقاتهم الوثيقة مع الرئيس بشار الاسد وايضا مع الرئيس سعد الحريري الذي ورث عن والده علاقة وطيدة وحميمة مع اردوغان.
وتردد أخيرا ان اردوغان قام بوساطة ومحاولة تقريب بين الاسد والحريري لم يكتب لها النجاح. في الوقت الذي تحدثت معلومات عن اعادة نظر او بالاحرى عن نقاش في القيادة السياسية التركية يتناول جملة امور بما يترك المجال واسعا للتساؤل عما إذا كان هناك تغيير في السياسة الخارجية التركية في المدى المنظور. في هذا المجال يدور سجال تركي داخلي بشأن تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع سورية. وتفيد تقارير تركية بأنه للمرة الأولى منذ بدء مسيرة تطبيع العلاقات بين تركيا وسورية تظهر بوادر اعتراض عسكرية تركية على توثيق التعاون التركي ـ السوري، ولاسيما على الصعيد الأمني والعسكري، وحيث طلبت رئاسة الأركان التركية وقف الاستعدادات لتوقيع اتفاقات عسكرية شاملة مع سورية لأن الظرف غير مناسب لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات التي ستثير غضب اسرائيل وتعمق الازمة معها.
وواقع الأمور في تركيا، وبحسب ما تفيد معلومات مصادر معنية، قد تكون امام معادلة جديدة ومراجعة افضت إلى ضرورة احياء علاقتها بالولايات المتحدة بعدما تراجعت الحرارة فيها نتيجة مجموعة من التطورات كان احدها التقارب التركي من ايران التي تحدثت اخيرا ومن لبنان عن محور جديد في الشرق الأوسط يضم شعوب ايران والعراق وسورية وتركيا.