بيروت ـ عمر حبنجر
في غمرة الهدوء الذي يشهده الداخل اللبناني بفعل الأعياد وانتظار نتائج المساعي السورية ـ السعودية للحل، أطل استحقاق جديد على الحكومة اللبنانية، فرضه القرار المبدئي الذي اتخذه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر بالانسحاب من الشطر الشمالي اللبناني من قرية الغجر الحدودية مع سورية وفلسطين المحتلة.
ومع ان الجانب الإسرائيلي لم يحدد موعدا للانسحاب، فقد أبلغت إسرائيل قرارها الى القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، بشخص قائدها الجنرال الإسباني البيرتو اسارتا، الذي تلقى اتصالا من المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية يبلغه فيه قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي.
وقال الناطق بلسان القوات الدولية ان المسؤول الإسرائيلي، أورد القرار بصيغة الموافقة على اقتراح اليونيفيل بتسهيل انسحاب الجيش الاسرائيلي من شمالي الغجر.
من جهته، قال وزير الإعلام طارق متري لقناة العربية ان الجزء الشمالي من الغجر ارض لبنانية ولا نقاش في سيادة لبنان عليه، لافتا الى انه بعد الانسحاب الاسرائيلي يجرى التنسيق بين اليونيفيل والجيش اللبناني حول الوجود الأمني فيها.
وشدد متري على ان إسرائيل مسؤولة عن معالجة المسائل الإنسانية للسكان الناتجة عن تقسيم البلدة.
بدوره، النائب احمد فتفت، عضو كتلة المستقبل اللبنانية، اعتبر ان القرار الاسرائيلي يعكس المصالح الاسرائيلية، باعتبار انها تحتاج الى رسالة سياسية لتوهم العالم بأنها تسعى للوصول الى السلام.
لغم إنساني
مصادر لبنانية مسؤولة وصفت المبادرة الإسرائيلية، بأنها خطوة في طريق الهروب الى الأمام من موضوع الاستيطان واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين طبقا لما يراه الأميركيون.
وان هذا الانسحاب الذي لا يستطيع ان يرفضه، هدف ايضا الى زرع لغم إنساني بوجه الدولة اللبنانية، من خلال كيفية تعاطيها مع مواطنين لا يعتدون بها، وهم في الوقت ذاته يحملون جوازات سفر دولة معادية هي إسرائيل، وهل يمكنها ان تجرد هؤلاء من هذه الجنسية المفروضة؟
المصادر سألت هل سيكون بوسع الحكومة اللبنانية إرسال قوات الأمن الداخلي الى البلدة؟
وبينما لم يتبلور الموقف اللبناني الرسمي من الانسحاب، يتوقع أن يشكل القرار الإسرائيلي مدار جدل واسعا وانقساما آخر بين معتبر أنه دليل إضافي على انتفاء الحاجة الى السلاح في الجنوب وداع الى نزعه، وبين من يعتبرون ان السلاح ضرورة مستمرة لمواجهة العدوان الإسرائيلي وحتى تحرير آخر شبر في شبعا ودلال كفر شوبا. وفي مقدمة هؤلاء، رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي علق على قرار الانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر، معلنا أن اللبنانيين سيبقون يرددون من بوابة الغجر أن المقاومة لاتزال تشكل حاجة وطنية وقومية في مواجهة العدوانية الإسرائيلية وذلك بانتظار ان يبلور لبنان موقفا موحدا حيال كيفية التعاطي مع الخطوة الإسرائيلية.
بري، وفي تصريح له، أشار إلى انه «سواء اندرجت الخطوة الإسرائيلية تجاه الغجر ضمن باب المناورة السياسية المكشوفة أو الصحوة المتأخرة على بند من بنود القرار 1701 الذي يلزمها الانسحاب من الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط، ، فإنها عليها إعادة كل شبر من الأراضي اللبنانية المحتلة عودة للحق إلى أصحابه».
ولفت إلى أن الخطوة الإسرائيلية، إذا ما حصلت، تأتي لتنهي «اربع سنوات ونيف على استمرار إسرائيل في احتلالها للشطر اللبناني من قرية الغجر بالترافق مع آلاف الخروق الإسرائيلية لسيادة لبنان وكل ذلك خلافا للقرار 1701»، مشيرا إلى انها «سنوات تضاف الى نصف قرن من التمرد الإسرائيلي على قرارات الشرعية الدولية، هذه الشرعية التي مازالت ترى بعين واحدة وتكيل بمكيالين».
هذا المستجد الإسرائيلي لم يشغل اللبنانيين عن واقعهم السياسي وتداعيات الملفات الخلافية، المرشحة لدخول جنة التوافق، عبر الجسر السعودي ـ السوري الخاص بلبنان، وأهمها ملف القرار الاتهامي المنتظر والمحكمة الدولية التي ستنظر فيه.
عون حذر من اللعب بالنار
وكان العماد ميشال عون، الموجود في باريس، قد حذر أمام جمعية الصحافة الديبلوماسية من «اللعب بالنار» في موضوع المحكمة الدولية، مع من يعتبر نفسه بريئا من جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لأن ذلك قد يشعل أزمة ويحدث انفجارا ونحن سنعمل لئلا يحدث هذا.
واضاف ان حزب الله حزب مقاومة وقد صارع العدو على ارضه من اجل تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي بعدما عجزت الامم المتحدة عن تنفيذ القرار 425.
وقال عون ان سلاح حزب الله استمد شرعيته من الاحتلال، لأن شرعية الامم المتحدة يعطي لكل شعب احتلت ارضه بتحرير ارضه بجميع الوسائل المتاحة.
واضاف عون: ان حزب الله لم يكن يوما ارهابيا والتحدي الكبير ان تسألوا اي مسؤول في العالم، اين القضية الارهابية التي تورط بها حزب الله؟
شهود الزور
عن المحكمة الدولية قال عون «خلال لقائه اعضاء في الجالية اللبنانية في باريس: لا المحكمة الدولية تنظر في قضية شهود الزور ولا المحكمة اللبنانية قادرة على ذلك، ولن ننتظر الاخرة كي نحتكم إلى العزة الإلهية لتحكم بالأمر.. ولذلك نقول لا يمكن الاستمرار في الدعوى ان لم تنجل قضية شهود الزور».
زيارة سليمان للمعايدة فقط
في هذه الاثناء قالت اذاعة «النور» الناطقة بلسان حزب الله، انها تلقت معلومات مؤكدة مفادها ان زيارة الرئيس ميشال سليمان الى دمشق ولقاءه الرئيس بشار الاسد كان للمعايدة فقط، على الرغم من ان جولة افق جرت خلال اللقاء للوضع في لبنان والمنطقة.
واضافت مصادر قصر بعبدا التي نسبت الاذاعة إليها هذه المعلومات قولها ان الرئيس ميشال سليمان يواصل اتصالاته ولا يزال متفائلا ويعول على حس المسؤولية وعدم تخطي السقف المرسوم وعن جلسة مجلس الوزراء لفتت المصادر الى انه سيتم البحث في جلسة لمجلس الوزراء بعد عيد الاستقلال الموافق 22 الجاري، مشيرا الى صعوبة انعقاد طاولة الحوار كما كان محددا من قبل.