بيروت ـ عمر حبنجر
يوم تركي آخر وأخير في لبنان، امضاه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بين مؤتمر اتحاد المصارف العربية في بيروت وتدشين مستشفى الحروف التركي في صيدا، ومع الوحدة العسكرية التركية العاملة مع القوات الدولية في الناقورة الحدودية مع اسرائيل في الجنوب.
وتحدث اردوغان في المناسبات الثلاث، لكن لم يطلق اي مبادرة باتجاه الازمة انما اكتفى بابداء الاستعداد للمساعدة، مطمئنا اللبنانيين وبحزم بأنه لن يسمح للفتنة بالدخول الى لبنان، بيد انه شدد على اهمية الحوار وعلاقات دول الجوار ورد عليه الرئيس الحريري «المرتاح للتنسيق التركي ـ السوري» بالقول: الفتنة لن تحصل، ولا احد يستطيع جرنا اليها.
التشبه بالاتحاد الأوروبي
وفي الشق السياسي من كلمته في افتتاح مؤتمر اتحاد المصارف رأى رئيس وزراء تركيا ان «الجغرافيا الواسعة تجعل الناس يتكلمون لغات مختلفة، الا ان اللغة واحدة والثقافة واحدة»، مضيفا: «شكلنا التاريخ مع بعضنا في هذه الارض وسنشكل المستقبل معا، والمثل التركي يقول لا تأخذ بيتا بل خذ جارا، وهناك مثل عربي في هذا المعنى «الجار قبل الدار»، كما استشهد باقوال للشاعر التركي جلال الدين الرومي والشاعر اللبناني جبران خليل جبران.
وقال اردوغان: «نحن نأتي من ثقافة حولنا فيها الجيرة الى علاقة اخوية، فقد تشاركنا الاحزان والاقدار وسنتشارك في الرفاهية والانسانية ايضا»، وتابع: «نحن رفعنا التأشيرات مع كل من سورية ولبنان والاردن، ولم يكن لنا اي ضرر من ذلك، نحن لم نرفع التأشيرات بل رفعنا الحسرة بين شعبينا منذ مئات السنين، والآن يتعانق اخواننا فيما بينهم، وهناك تبادل للزيارات بالاضافة الى ان رجال الاعمال يستطيعون الذهاب الى البلدين بكل راحة»، وسأل: «لماذا لا نؤسس بين بلداننا شيئا شبيها بالشينغين بين دول الاتحاد الاوروبي؟ فنحن لا نفهم لماذا الخوف من ذلك؟ فهدفنا الوحيد في المنطقة السلام والاستقرار والرفاهية، نحن كتركيا نقول صفر مشكل مع دول الجوار».
وتابع: «لا شك اننا ننشئ مجلس التعاون الاستراتيجي مع سورية والعراق وسنؤسس مجلس التعاون الرباعي، ولا شيء اكثر طبيعية من هذا، وبدأنا بآلية الحوار الاستراتيجي مع جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، اذا كان الاستقرار والامن والرفاهية موجودة فالكل يستفيد من ذلك».
واضاف ملمحا الى ان اسرائيل «تقتل الاطفال في لبنان وتهدم المدارس والمستشفيات وبعدها تطلب منا ان نسكت، وتستخدم احدث الاسلحة وتدخل غزة وتقتل الاطفال وبعد ذلك تطلب منا ان نسكت، انت تقوم بالقرصنة في البحر الابيض المتوسط وتقتل تسعة مواطنين من الاتراك كانوا في طريقهم الى غزة وبعدها تطلب منا ان نسكت، فلن نسكت وسنقول الحق ونكون مع الحق»، مؤكدا أن تركيا «لن تسكت إذا هاجمت إسرائيل من جديد لبنان أو غزة».
واعتبر انه «اذا كانت هناك سيادة للحق فسيكون للفلوس قيمة ومعنى، فالفلوس تكسب قيمتها مع الحق»، وسأل: «هل سمعتم تهديدا لاي دولة في قمة الناتو؟ هل رأيتم بلدا مهددا؟ ولن تروا، خصوصا اذا كان لتركيا حق الفيتو هناك واستخدمته واذا كانت في اي اجتماع فلا يستطيع احد ان يطلب منا ما لا نقبل به»، وسنستمر نهتم بمصالح دول الجوار وسنستمر نتحدث عن غزة وكابول وبغداد وبيروت والقدس. ولاحظت اوساط رسمية لـ «الأنباء» تجنب اردوغان حديث المحكمة الدولية او القرار الاتهامي الذي هو هاجس الجميع، مصرا على ترك هذا الامر للمدعي العام الدولي، داعيا وسائل الاعلام الى الكف عن تداول التسريبات، لان العدالة لا يمكن ان تبنى على فرضيات او تكهنات.
غول في لبنان الشهر المقبل
بيد ان ما رفض اردوغان استباق الامور بشأنه، قد يكون في صلب برنامج زيارة الرئيس التركي عبدالله غول، حيث كشف النقاب عن زيارة مرتقبة له الى لبنان الشهر المقبل، في توقيت قد يتلاقى مع صدور القرار الاتهامي، بحيث يتسنى له الاسهام في احتواء تداعياته المرتقبة. وقد تحدثت وسائل اعلام عن مبادرة رباعية لحل الازمة اللبنانية، قطرية ـ فرنسية ـ تركية وسورية، قبل صدور قرار الاتهام باغتيال الرئيس رفيق الحريري والشهداء الآخرين، لكن تصريحات اردوغان لا تحسم هذا المجال.
وعودا على المؤتمر الصحافي المشترك للحريري واردوغان قال الرئيس الحريري انه تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين لبنان وتركيا، مؤكدا انها تؤمن مصلحة البلدين، كما انها ستنعكس ايجابا على مستوى عيش الشعبين. وشدد الحريري على ان العلاقة بين اللبنانيين يجب ان يحكمها الحوار، كما يجب ألا يكون هناك اي جو من الاحتقان بالاضافة الى اهمية العمل من اجل ايجاد حلول داخلية للمشاكل. وقال ان الذين جرى اغتيالهم ليسوا اشخاصا عاديين ولذلك فان كل ما يخص المحكمة الدولية والقرار الاتهامي فانه شأن مجلس الأمن وحده.
اما اردوغان فقد شدد على ايجاد حل للازمة اللبنانية وعلى عمل ما يلزم لتحقيق ذلك، متحدثا عن بذل جهود في هذا الاتجاه مجددا دعمه للحكومة اللبنانية كاشفا عن انه سيطرح هذه الامور مع الرئيس بشار الاسد في وقت لاحق.
إلى صيدا والناقورة
ومن مؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي انعقد في فندق فينيسيا انتقل الحريري واردوغان الى مدينة صيدا حيث افتتح رئيس الحكومة التركية المركز الطبي التركي لمعالجة الحروق، بعدئذ تفقد الوحدة التركية في القوات الدولية في الناقورة ثم عاد الى بيروت حيث التقى احزاب المعارضة في آخر محطات زيارته اللبنانية التي استغرقت يومين.