بيروت ـ عمر حبنجر
ترك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجال التكهنات فسيحا، حول ما بلغه المسعى السعودي ـ السوري، الذي عوّل عليه يوم الأحد، للمرة الثانية خلال شهر واحد، كمصدر لتوافق يحصن الموقف اللبناني، قبل صدور القرار الاتهامي. وقد ترافق ذلك مع معاودة المساعي السورية ـ السعودية من النقطة التي بلغتها سابقا، في ضوء الأفكار التي يتداولها الجانبان، من أجل احتواء استباقي لتداعيات القرار الاتهامي. وفي هذا السياق نقلت «السفير» القريبة من المعارضة، استبعادها حصول لقاء قريب بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله، الأمر الذي نفته ايضا مصادر مرافقة لرئيس الحكومة، الذي غادر طهران امس باتجاه باريس، بعدما التقى المرشد الأعلى للثورة السيد علي خامنئي، وقبله الرئيس محمود أحمدي نجاد.
مصادر الوفد اللبناني ردت على كلام السيد حسن نصرالله في خطاب التعبئة التربوية، حيث اعتبرت ان الزيارة هي لفتح علاقة جدية مع إيران، وليست لتقطيع الوقت، كما قال نصرالله.
وأشارت المصادر الى ان لقاء نجاد ـ الحريري مساء أمس الأول، أكد أهمية الاستقرار والوحدة. وأضافت ان اللقاء مع الرئيس نجاد لم يأت على ذكر حزب الله بالاسم، بل تم تناول موضوع المقاومة بشكل عام انطلاقا من مقاومة لبنان لإسرائيل، معتبرا ان الدفاع عن لبنان هو دفاع عن إيران. أما موضوع المحكمة الدولية فقد حضر انطلاقا من حرص ايران على امن واستقرار لبنان، وان ايران تريد ايضا معرفة الحقيقة.
نجاد للحريري: أقدر سعة صدركم
الرئيس نجاد الذي أولم على شرف الحريري، أشاد بحكمة هذا الأخير في معالجة الموضوع، وقال له: أدرك ظروفكم، وأقدر سعة صدركم في البحث عن حلول. وشدد الرجلان على عدم وقوع اللبنانيين في فخ الفتنة المحضر لهم، وتم التركيز من الجانب الإيراني على أهمية المسار السعودي ـ السوري، ولم تغب عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية، كما تطرق الحديث الى الملف النووي وموقف لبنان المعروف منه، الداعي الى شرق أوسط خال من السلاح النووي بدءا من إسرائيل.
كما تحدث الحريري في اللقاء مع نجاد عن الدور المسيحي في المنطقة وأهمية لبنان والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، متمنيا على العرب المسلمين إظهار حرص أكثر على المسيحيين في الشرق الأوسط.
وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أشاد بدور الجيش اللبناني في مواجهة إسرائيل، وانتقد في الوقت ذاته عمل المحكمة الدولية، حيث قال انها تفسح المجال للبعض من خارج لبنان لأخذ البلد رهينة.
وختم الحريري زيارته بلقاء المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي دعا رئيس الحكومة اللبنانية الى «تعزيز العلاقات» بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وقال خامنئي عند استقباله الحريري صباح امس، كما أفاد موقعه الرسمي «هذه العلاقات يجب ان تتعزز أكثر فأكثر».
وأضاف: «مادام النظام الصهيوني قائم، فإن لبنان في حاجة الى المقاومة» المتمثلة في حزب الله اللبناني.
وتابع: «لو كان بمقدوره، لكان النظام الصهيوني تقدم حتى بيروت وحتى الى طرابلس لتطويق سورية، إن المقاومة هي العنصر الوحيد الذي يمنع النظام الصهيوني». ورد الحريري بالقول ان «اي انقسام في لبنان يخدم مصالح اسرائيل»، مشددا على ضرورة «تعزيز الوحدة الوطنية» في لبنان كما أضاف الموقع نفسه. وغادر الحريري الى باريس ومنها سينتقل الى أنقرة لاستكمال بحث الاتفاقيات التي وقعت في بيروت أثناء زيارة الرئيس أردوغان.
في هذا الوقت أكد النائب وليد جنبلاط طرح نصرالله التسوية قبل صدور قرار الاتهام لا بعده، وقال لصحيفة «السفير» انه من الأفضل بالتأكيد إنجاز التسوية بأسرع وقت ممكن، معربا عن أمله في تحقيق نتائج إيجابية دقيقة، ونحن في الجو ذاته.
منسق 14 آذار: نصرالله محرج
أبرز ردود الفعل على خطاب نصرالله جاء من منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد الذي لاحظ مجيء خطاب نصرالله في وقت يزور فيه رئيس حكومة لبنان سعد الحريري طهران، وبالتالي فإن الأمين العام كان محرجا، اذا ذهب باتجاه التصعيد سيحرج أصدقاءه الإيرانيين واذا ذهب باتجاه التبرير فسيفقد مصداقيته امام الرأي العام اللبناني، وهو كان على رأس حملة تصعيدية بدأت في سبتمبر 2010.
وأضاف: لقد بدا ان السيد نصرالله وفريق المعارضة اقتنعا بأنه لا إمكانية لإسقاط مبدأ القرار الاتهامي، أو مبدأ المحكمة، بالأمس أقر السيد نصرالله بأن القرار الاتهامي بات أمرا واقعا، وبالتالي لا إمكانية لإسقاط لا القرار الاتهامي ولا المحكمة الدولية، كما ان القرار الاتهامي حدث استثنائي، لم يشهده لبنان المعاصر من قبل، ما من مرة قال احد في ان لبنان ان فلانا قتل فلانا، وحتى الزعامات التي سبقت الرئيس الحريري بالاستشهاد لم يتجرأ احد من أهلهم أو من بيئتهم السياسية على الذهاب الى الآخر من اجل معرفة القاتل، وبالتالي بمجرد صدور القرار الاتهامي سيكون بمثابة زلزال سياسي، حتى لو حصلت تسوية تحت عنوان التهدئة والاستقرار فإن تداعيات هذا القرار لن تلغي واقع ان فلانا قتل فلانا.. وهذا يستحيل معه ان تجري التسوية السياسية قبل صدور القرار.
وهاب يكسر الجرة مع الحريري
بيد ان رئيس تيار التوحيد وئام وهاب المتطرف في معارضته، خرج من جو التهدئة العام امس، في توقيت مدروس ليكسر الجرة مع رئيس الحكومة سعد الحريري على نحو غير مسبوق، فيما كانت طهران تفتح للحريري أبوابها الواسعة ما يعكس انعدام الانسجام في مواقف المعارضة من الزيارة الحريرية لإيران.