ثمة تفسيران متناقضان لدى فريقي 8 و14 آذار لآفاق المسعى السعودي - السوري ونتائجه المحتملة:
- فريق 8 آذار يذهب على غرار ما أوضحه السيد حسن نصرالله الى الحديث عن «تسوية» استباقية لصدور القرار الظني، مشددا على ضرورة التوصل الى حل قبل صدوره، محذرا من فقدان زمام المبادرة في حال صدور القرار قبل التوصل الى هذا الحل.
وتشير مصادر مقربة من المعارضة الى انه سبق لنصرالله أن شرح لقادة لبنانيين، من بينهم من هو قريب جدا من الرئيس الحريري، أن صدور القرار الاتهامي سيفرض أمرا واقعا على الأرض سيتحول الى أرضية خصبة لمن يريد القيام بأعمال تخريب وتوتير وإشعال للنار المذهبية.
وهو قال صراحة إن هناك استعدادا عملياتيا من جانب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية والغربية وربما العربية لرعاية أعمال عنف دموية قد تشهدها البلاد بعد صدور القرار الاتهامي، وتوضع في سياق ردود الفعل الغاضبة، سواء تلك الأعمال التي تستهدف مجموعات شيعية أو تلك التي تستهدف مجموعات أو شخصيات سنية، باعتبار أن القرار الاتهامي يحتاج الى الدماء لكي يفعل بصورة جيدة، تماما كما كان القرار 1559 يحتاج الى دم رفيق الحريري كي يكون بندا قابلا للتنفيذ في بعض جوانبه.
والفتنة في حال اندلاعها، ستفرض وقائع سياسية من نوع مختلف، إذ سيكون من الصعب الحديث عن مصلحة لحزب الله في حماية الحكومة الحالية، وإذا لم يكن هناك من مؤشر إلى نية حزب الله العمل على إسقاط حكومة الحريري هذه، فإنه بالتأكيد يصعب توقع أن يسهل الحزب عمل حكومة تريد أن تكون طرفا في المواجهة معه.
وإذا كانت الإشارات العملية لا تقود الى استنتاج أن إسرائيل سوف ترتكب حماقة كبرى، إلا أنها قد تجد في المناخات المواكبة لصدور القرار الاتهامي ما يساعدها على القيام بعمليات محدودة كانت ممتنعة عن القيام بها في الوقت الحالي، علما بأنه سيكون من الصعب تحقيق أمر من هذا النوع الآن.
- فريق 14 آذار يحصر امكانات المسعى السعودي ـ السوري بمعالجة تداعيات القرار الظني بعد صدوره. وتقول مصادر ان الحريري ومعه جهات بارزة في لبنان والعالم العربي يسيرون في وجهة التسوية بعد صدور القرار، وفي اعتقادهم ان ذلك سببه ان التسوية قبل القرار تعني انتحارا سياسيا للحريري وتعني خسارة ورقة تفاوضية قوية في مواجهة حزب الله، وان المجتمع الدولي سيكون له رد فعل سلبي اذا عمل الفريق الحليف له في لبنان والمنطقة على تعطيل جهد عمره سنوات طويلة، لذلك يتعمد الحريري ابلاغ جميع من يلتقيهم في لبنان وخارجه انه مستعد لتسوية شاملة وانه لا يخشى على البلاد لكنه يحتاج الى بعض الوقت، وهو يشرح للمقربين منه انه ينتظر صدور القرار الاتهامي وبعدها لكل حادث حديث.
وحول التسوية تقول مصادر في تكتل لبنان أولا بضرورة الا يتخذ القرار الظني كمنصة للهجوم على المقاومة وسلاحها اذا ما اتهم القرار أحدا من عناصر حزب الله، وهذا ما يخشاه الحزب، وفي المقابل ممنوع على حزب الله ان يستغل القرار ويستخدم سلاحه في الداخل، وهذا هاجس لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين. وتؤكد المصادر انه بهذه المحاولة الثابتة نكون حافظنا على العدالة والاستقرار معا، وأرسينا قاعدة تقوم على معادلة ثابتة تمنع الاستهداف السياسي للمقاومة، وفي الوقت نفسه توقف الاغتيال السياسي. وهذه التسوية ترضي الجميع ولا تبقي البلد مكشوفا أمام مناورات الخارج.
واقعيا لن يكون هناك حل قبل صدور القرار الظني، ومن يريد مثل هذا الحل كان عليه ان يدير الأزمة بذهنية مختلفة تماما. ويخشى الآن ان يكون الوقت قد فات لتدارك الأخطاء التي حصلت في فترة «ما قبل» القرار، لكن الفرصة لم تفت بعد لرسم خريطة التعامل مع «ما بعد» ذاك القرار.
فالجميع يهجس بـ «التداعيات» الإقليمية والدولية، ولا أحد يجهل ان هذه التداعيات ستشتغل باستغلال ما يمكن ان يحصل في الداخل. هل يتم التوصل الى تسوية سياسية قبل القرار الظني أم بعده؟ هل تتبلور معالم التسوية قبل القرار وتكتمل وتعلن بعده؟ هل يصار الى تأجيل التسوية الى ما بعد القرار أم يعمل على تأجيل القرار الظني الى ظروف أخرى تكون فيها الأجواء أقل توترا وخطورة وقدرة السيطرة على تداعياته متوافرة أكثر.