بيروت ـ عمر حبنجر
يبدو أن جلسة مجلس الوزراء المرتقبة ذهبت أدراج رياح التأزم السياسي المتصل بالمحكمة الدولية وقراراتها الاتهامية وشهود الزور التي تضعهم المعارضة وعلى رأسها حزب الله في مصاف قضية الاغتيالات الأساسية وتطالب بأولوية طرحها على قوس القضاء.
ومرد هذا الإخفاق رفض رئيس الحكومة سعد الحريري صاحب الصلاحية الدستورية تعيين موعد جلسة مجلس الوزراء وتحديد جدول أعماله بالتشاور مع رئيس الجمهورية، ما تطلبه المعارضة هو وضع بند شهود الزور على رأس جدول أعمال الجلسة.
لماذا رفض ملف شهود الزور؟
وبالتأكيد المسألة ليست بهذه الشكلية إنما غاية رئيس الحكومة وفريقه الأكثري منع دفع مجلس الوزراء الى موقف من شأنه ان يؤثر سلبا على المحكمة الدولية كإحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، بما يعنيه اختلاق قضية موازية للقضية العالقة في المحكمة فضلا عن إدخال المجلس العدلي فيما هو خارج اختصاصه.
وتعتقد الأكثرية ان المعارضة وعلى رأسها حزب الله تصر على استثمار قصة شهود الزور لشل مؤسسات الدولة، الأمر الذي يضعف من طاقتها على استقبال قرار الاتهام عند صدوره.
إحراج سليمان وجنبلاط
كما أن الإصرار على أولوية شهود الزور يرمي بنظر الأكثرية الى احراج رئيس الجمهورية الذي اوضح موقفه، والنائب وليد جنبلاط الذي يفضل عدم تجرع كأس تأييده الاضطراري لموقف 8 آذار عند طرح الموضوع على التصويت.
وهناك موقف نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع الياس المر، الذي قد تكون له تداعيات غير محسوبة.
موقف المر المفاجئ
فردا على ما نشرته صحف المعارضة من وثائق ويكيليكس عن كلام منسوب للوزير المر، بحق المقاومة اعلن الاخير عدم مشاركته في أي جلسة لمجلس الوزراء ما لم تدرج محاسبة المحرضين الفعليين على القتل والكراهية والفتنة في لبنان كأول بند على جدول أعمال الجلسة لينضموا الى شهود الزور.
وتساءل المر في بيان له: من يحاسب الذين يحاولون التدمير السياسي والمنهجي لمقومات الدولة ومؤسساتها القضائية أو السياسية او الأمنية أو حتى العسكرية؟
بعض المراقبين استنتجوا من موقف المر انه ربما ادرك أن مجلس الوزراء على عتبة عطلة طويلة الأمد.
الأسد وساركوزي والحل اللبناني
ولكن يبدو ان الرهان على مخرج للأزمة اللبنانية من بين يدي الرئيس السوري بشار الاسد ومضيفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، كان مبالغا فيه الى حد بعيد، بعدما انتهى اللقاء المطول بينهما الى القول ان الحل في لبنان لبناني ونحن نساعد فيما ذكرت مصادر ديبلوماسية ان الاسد ابلغ ساركوزي ان الموقف سيتغير كليا بعد صدور القرار الاتهامي اذا لم تسبقه المواقف المطلوبة لحماية الاستقرار اللبناني وتبني خطاب مصالحة في الوقت المتبقي، على ما ذكرت اذاعة «النور» الناطقة بلسان حزب الله.
وفي هذا السياق كان قول رئيس قلم المحكمة الدولية ان مكتب المدعي العام سيرسل على الأرجح مسودة القرار الى القاضي فرانسين قريبا جدا جدا، موضحا ان تأكيد القرار قد يستغرق من ستة الى عشرة أسابيع.
القرار بعد عاشوراء
وعاد مصدر في 14 آذار الى التأكيد لـ «الأنباء» ان القرار سيدخل حيز الصدور بعد انتهاء مراسم عاشوراء.
خطران كبيران
ومن المخاطر التي تتحسب لها 14 آذار، في حال تعذر التوافق على المواقف المطلوبة، اثنان: تسرب مسودة القرار الاتهامي قبل صدوره، او اغتيال شخصية سياسية مهمة ومعروفة، طبقا لمعلومات «الأنباء». لكن رئيس الحكومة سعد الحريري الثابت على موقفه دعا الى وضع الخلافات جانبا والعودة الى الدستور والمؤسسات والعمل على تنفيذ ما التزمناه جميعا في البيان الوزاري في خدمة المواطنين، والى تحصين قدراتنا على الصمود في وجه العدو الاسرائيلي ومخططاته لضرب استقرارنا.
الحريري وفي خطاب في حفل عشاء لمؤسسة الفكر العربي في قاعة بيال، قال ان الازمات السياسية جزء لا يتجزأ من حياتنا الديموقراطية ونظامنا الديموقراطي لكن من غير المسموح أو المقبول ان يؤخذ اللبنانيون ومصالحهم رهائن للصراع السياسي.