بيروت ـ عمر حبنجر
انحسرت العاصفة المناخية، فيما بقيت العاصفة السياسية مخيمة على اجواء لبنان.
ومن توقع هدوء الانفعالات مع تعيين جلسة لمجلس الوزراء الاربعاء، كان واهما كما يبدو في ظل ما يتبدى من سجالات ومجادلات حادة ومتحدية بين قوى 8 و14 آذار حول بند «شهود الزور» الذي فرض على رأس قائمة جدول أعمال هذه الجلسة، بين من يريد مناقشته دون اقراره، ومن يريد اقراره بالتصويت بأي ثمن في وقت يؤكد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ان الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري متفاهمان على عدم طرح هذا الموضوع على التصويت مهما كانت الاسباب.
جعجع: لا يحق لأحد الاشتراط
وقال جعجع ان قرار تحويل ملف شهود الزور الى المجلس العدلي هو تطويق لعمل المحكمة الدولية.
ولفت جعجع في حديث لتلفزيون «ماي لايف» المصري الى ان رئيسي الجمهورية والحكومة اتخذا موقفا بعدم احالة هذا الملف الى التصويت في مجلس الوزراء لكن حزب الله وحلفاءه يرفضون هذا المنطق مشددا على انه لا يحق لاحد الاشتراط عليهما لفرض اي بند على جدول مجلس الوزراء.
وقال جعجع: لو كنت مكان حزب الله لسلمت اي متهم الى المحكمة الدولية في منطق القرار الاتهامي الذي سنرفضه في حال بني على وقائع غير ثابتة.
واوضح جعجع ردا على سؤال ان تسمية القرار المنتظر بالظني ليست دقيقة بل الأصح هو القرار الاتهامي على اعتبار ان القرار الظني يبقى على مستوى الظن انما القرار الاتهامي هو على مستوى الاتهام الجنائي. وحذر جعجع من استعمال العنف والتهديد قائلا: «مش كل مرة بتسلم الجرة».
في غضون ذلك تصاعد السجال السياسي بين حزب الله وتيار المستقبل مع اقتراب صدور القرار الظني والذي اكدت مصادر في «محكمة» لـ «السفير» انه بات قريبا «جدا جدا».
ففيما صعد حزب الله على لسان رئيس كتلة النيابة محمد رعد وباقي اعضاء الكتلة، شن عضو كتلة المستقبل النائب محمد عبداللطيف كبارة هجوما عنيفا على قوى 8 آذار التي ترفض عمل المحكمة الدولية مهددا بـ «التصدي الجدي لأي محاولة لالغاء المحكمة الدولية».
وقال كبارة خلال احتفال اقيم في طرابلس في شمال لبنان بمناسبة ذكرى رأس السنة الهجرية ان «أي محاولة لإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سيتم التصدي لها جديا. فلا يخيفنا تهديد ولا برق ولا رعد ولا زعيق ولا نريد نصائح من احد».
وتابع: «لا لأي تسوية تسبق القرار الاتهامي ولا لأي تسوية على المحكمة بعد القرار الاتهامي ايضا، ولا لأي تسوية تستهدف العدالة الدولية».
واضاف: «من طرابلس عاصمة اللبنانيين السنة اعلن بصراحة ووضوح وشفافية (...) كل عين تنظر شزرا إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سنقتلعها، وان كل اصبع سيغامر بالارتفاع في وجه لبناننا الحبيب سنكسره».
ورد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إميل رحمة، في حديث إلى قناة «المنار» إلى ان «خطاب قياديي ونواب طرابلس في تيار «المستقبل» حول «طرابلس عاصمة للسنة» يشير الى اننا ذاهبون إلى تقسيم ما» معولا على مبادرة فاعليات طرابلس الاساسية الى التعليق على هذا الأمر ونفيه»، موضحا ان «ما يتقدم به المذكورون مشروع يناسب اسرائيل وما يناسب اسرائيل يناسب للأسف أميركا».
بيد أن عضو كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض رد على منتقدي تصريحات رئيس الكتلة محمد رعد التهديدية بالقول حينما يطلق مسؤولو الحزب تحذيراتهم حيال المرحلة المقبلة فإنهم لا يقومون بالتهديد، إنما يضعون المآل الذي ستأخذه الأزمة في حال تفاقمت.
واضاف: اما اذا أصر الفريق الآخر على تغليب خيار الخصوصة على التفاهم فإن حزب الله والمعارضة ماضون في مواجهة هذه المؤامرة الهادفة الى زرع الفتنة.
بدوره دعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، في كلمة ألقاها خلال المجلس العاشورائي الذي اقامه «حزب الله» في حسينية بلدة كفررمان ـ قضاء النبطية، الفريق الآخر الى ان يعيد حساباته ويراجع خياراته لأن البلد ايضا سيتعرض للإساءة وسيهتز وضعه.
وشدد على انه «لا أحد يريد أن يهان في كرامته من دون دليل، ولا أحد يريد ان يُشترى قاضٍ ويباع من أجل ان يخدم هذا المشروع السياسي أو ذاك، لا أحد يقبل أن تعتمد أسوأ معايير للعدالة في محكمة لا يعمل فيها إلا رجال مخابرات من كل دول العالم، والذي لا يرى البلد ماذا سيصيبه، أنا أقول لهم وأنبههم، نحن لا نهدد ولا نتوعد، لكن طبيعة الأمور هي أن الكرة ستتدحرج تلقائيا بشكل سلبي يهدد الاستقرار في البلد.
ولفت رعد الى ان «الحكومة مازالت تعيد النظر في ان تجتمع أو لا تجتمع وعطلت البلد، إذا كانت مسألة جزئية ولها علاقة بشيء من القرار الاتهامي او من المحكمة عطلت البلد شهرين. فماذا، إذا صدر قرار ظني مزور ومفبرك وتهم ملفقة ضد ابرياء؟ فهل سيبقى بلد او حكومة؟ هذا ما نريد أن نلفت النظر اليه، ولكن في النهاية نحن معنيون بأن ننبه ونعطي الحجة تلو الحجة والدليل تلو الدليل، وكل واحد يتحمل مسؤوليته».
البطريرك صفير: وضعنا محزن
بدوره البطريرك الماروني نصر الله صفير وصف الوضع في لبنان بالمحزن، تبعا للتجاذبات الحاصلة بين الافرقاء السياسيين وللتوتر السائد في البلد، والصعاب الجمة التي يتخبط بها الوطن الصغير.
وابدى صفير خلال استقباله رئيس اتحاد الكنائس الإنجيلية في فرنسا تخوفه من اختلال التوازن الوطني ومن تعطل الصيغة التي بني على اساسها لبنان، معتبرا ان مشاركة الطوائف في صناعة القرار الوطني يجب ان تكون متوازنة بحيث تشعر كل منها بأنها تؤدي دورها كاملا وبالتعامل مع غيرها من الطوائف مما يستدعي قبل كل شيء ان تقوم مؤسسات الدولة برعاية شؤون المواطنين على قدم المساواة.
رئيس اتحاد الكنائس ابلغ البطريرك انه لمس قلقا من جميع من التقاهم في لبنان.