بات في حكم المؤكد ان القرار الظني الذي كان مفترضا صدوره منتصف الشهر الجاري تأجل لفترة تتراوح بين شهر وشهرين، وربما الى بداية الربيع المقبل. فالمعلومات والمؤشرات الجديدة تفيد بأن مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار سيحول القرار بعد عطلة الأعياد ومنتصف يناير على الأرجح الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الذي أمامه فترة تمتد ستة أسابيع كحد أقصى لاصدار قراره الاتهامي، لأن الاتهام لا يمكن ان يصدر بحسب نظام المحكمة الا بعد تصديق القاضي فرانسين الذي يمكنه ان يأمر بتعديله أو يرد الاتهام، وذلك بعد اجراءات وتدقيق كبير. التأجيل تم لأسباب تقنية في الظاهر ولكنه في العمق حصل لأسباب سياسية ونتيجة مداخلات دولية واقليمية تقاطعت على ضرورة التأجيل نتيجة قناعة ترسخت خصوصا لدى الفرنسيين، بأن لبنان واستقراره يواجه خطرا جديا اذا صدر القرار الآن ولم يكن قد سبقته تسوية سياسية، وان المسعى السوري ـ السعودي بحاجة الى فسحة زمنية أوسع والى فرصة جديدة كي يصل الى خاتمته السعيدة، خصوصا وانه يلقى دعما اقليميا ودوليا ولا مسعى آخر يزاحمه أو ينافسه، ولكن أين صار المسعى السوري السعودي الذي أقل ما يقال فيه انه فقد زخم الانطلاقة وانه دخل في حال الجمود والضبابية والتباطؤ والتراجع؟ حتى ان القيادتين السورية والسعودية تحرصان في الآونة الأخيرة على نفي وجود مبادرة سورية سعودية وعلى خفض سقف التوقعات ازاء هذا المسعى وخفض سقفه السياسي، وكان لافتا ان الرئيس بشار الاسد تحدث في باريس عن اتصالات فرنسية ـ سعودية ـ وفرنسية ـ سورية وأغفل ذكر الاتصالات السورية ـ السعودية، كما انه بعد باريس أخذ وجهة قطر ما أعطى انطباعا بأن حلقة الاتصالات توسعت ولم تعد تقتصر على خط سورية ـ السعودية وانما دخلت على خطها أطراف اقليمية ودولية مثل ايران وتركيا ومصر وقطر وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة». كما كان لافتا ان حماسة حزب الله للقرار الظني والتي بلغت حد التساؤل لدى كثيرين عن أسباب هذا «الرهان المفرط» على نتائج المسعى السوري ـ السعودي، فترت أخيرا الى درجة ان خطابات السيد حسن نصرالله في آخر أيام عاشوراء خلت من أي اشارة الى هذا المسعى، وتفيد مصادر قريبة من حزب الله بأن قيادة الحزب التي كانت قبل أسابيع في صورة اتصالات جدية بين دمشق والرياض تجري على أساس وضع تصور متكامل للحل يقوم على نقطتين: معالجة جدية لمسألة القرار الظني تأجيلا أو افراغا له من مضمونه الاتهامي والتفاهم حول آليات ادارة الحكم حتى آخر عهد الرئيس سليمان بما فيها عمل حكومة الحريري والضمانات المطلوبة في هذا الاطار، هذه القيادة باتت في أجواء مختلفة: من جهة ترسخت لديها القناعة بأن المحكمة الدولية تتأثر بضغوط وتدخلات دول وجهات معادية لحزب الله، وان الدور السعودي الى انكفاء بما في ذلك عدم الرغبة في ممارسة ضغوط اضافية على الرئيس سعد الحريري، وان الحريري ليس في وارد تغيير موقفه المتمسك بالمحكمة الدولية بقطع النظر عن تداعياتها وقراراتها ونتائجها.