بيروت ـ عمر حبنجر
يؤمل ان تأتي الايام القليلة المقبلة بجديد على صعيد المسعى السعودي ـ السوري، ومنشأ هذا الامل اتصال المعايدة بالميلاد الذي تلقاه الرئيس ميشال سليمان من الرئيس بشار الاسد، وحديثه عن نضوج «التسوية الكبرى» ولقاء رئيس الوزراء سعد الحريري خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في نيويورك للاطمئنان على صحته.
هذه المؤشرات اشبه بجرعة منشطة للمساعي التي تباطأت، منذ دخول الملك عبدالله الى المستشفى في الولايات المتحدة، وستظهر فعالية هذه الجرعة خلال هذا الاسبوع اي قبل رأس السنة، الذي يصادف الجمعة المقبل، ان لم يكن على صعيد الحلول المرتبطة عمليا بعناصر دولية واقليمية، وبالذات اميركية وايرانية، فعلى صعيد ترسيخ الاستقرار الراهن، بما يدعم مرحلة ما بعد صدور القرار الاتهامي، حيث شبه مصدر ديبلوماسي لـ «الأنباء» وضع لبنان، انذاك بالطائرة حين تواجه مطبات هوائية، مما يتطلب الصيانة الاستباقية الشديدة، لمواجهة مثل هذه المطبات.
الفوضى تتيح الفرص أحيانا
ويتوقف المصدر امام حسابات دمشق، ومدى تكيفها مع المعطيات الدولية والتوازنات الاقليمية، التي ستتعاظم ضغوطها على حزب الله، بعد جولة المفاوضات النووية الايرانية ـ الغربية العقيمة المنتظرة مطلع الشهر المقبل (يناير) على امل الاسهام في فتح ثغرة في جدار الحل اللبناني المسدود، اقله تمكين مجلس الوزراء من معالجة امور الناس بعيدا عن الملفات المستعصية، وفي طليعها ملف «شهود الزور».
الرئيس اللبناني ميشال سليمان جدد القول امس ان التصويت في مجلس الوزراء لن يتم الا في حالة «الابواب المقفلة».
وقال لصحيفة «السفير» ان التصويت في مجلس الوزراء هو اسهل الخيارات على المستوى الشخصي لكنه الاكثر كلفة على صعيد الوطن.
ونبه الرئيس سليمان الى عدم جواز تجاهل المناخ السائد في البلد، والذي يجعل من اي انقسام او فرز يتخذ طابعا مذهبيا.
وشدد رئيس الجمهورية على انه لا مشكلة لديه في احالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، لكن من المهم ان يحظى اي قرار بالتوافق لان صدوره تحت وطأة الانقسام سيؤدي الى عكس المرتجى.
وقال الرئيس سليمان انه ينظر بتفاؤل الى السنة الجديدة، وان تفاؤله هذا ليس نظريا، بل مبني على معطيات يملكها، متوقعا نضوج التسوية الكبرى في مطلع السنة الجديدة.
أنا أدرى بالمعطيات
وتوجه سليمان الى منتقديه بالقول يجب ان يدرك المزايدون عليه في الدستور والتصويت «انني ادرى منهم بالمعطيات والوقائع الموجودة في الداخل والخارج وبما يجري على صعيد المسعى السوري ـ السعودي الذي وضع حجر اساسه خلال القمة الثلاثية في قصر بعبدا «الملك عبدالله، الرئيس الاسد والرئيس سليمان».
واذا صحت هذه المعطيات فان المصادر تتوقع ان يتم على حساب بعض حلفاء دمشق، وليس من حسابها وهو ما يفسح ايضا في المجال للرئيس ميشال سليمان، كي يضع المخرج المناسب، او حتى الممكن من اجل تسيير شؤون المواطنين، فالفوضى تتيح الفرص احيانا.
المصدر تحدث لـ «الأنباء» عن ثمن مفترض، لكنه لم يتحدث عن مقداره وعن مصدره بالتحديد، وهو لم يستبعد فرضية استمرار الجمود وتواصل الدوران في الحلقة المفرغة، بيد انه رأى ان الوقت لا يعمل لمصلحة المعارضة، خصوصا وقت القرار الاتهامي، الذي بقدر ما يتأخر في رأيه، بقدر ما تتضاءل سطوة المعارضة بشتى اطرافها وبالتالي سيطرتها على الحياة السياسية في لبنان.
في غضون ذلك، عاد الى بيروت امس السفير السعودي علي عواض عسيري بعد ان أمضى بضعة أيام في بلاده، ويراهن على مشاورات يجريها محليا تخدم المساعي المرشحة للتحرك بين بلاده وسورية من أجل لبنان.
باقري التقى الخليلين في دمشق
وفي سياق متصل، كشف النقاب عن لقاء عقد في دمشق بين مساعد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي باقري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، الذي كان اعلن ان الحديث عن ايجابيات يبنى على معطيات وان هناك تقدما في النقاش غير المباشر بين اللبنانيين والنقاش المباشر بين السعودية وسورية حول لبنان.
الـ «س ـ س» أتى ثماره
من جانبه، الوزير محمد رحال (المستقبل) قال ان المسعى السعودي ـ السوري أتى ثماره، بمراحل كثيرة ومن أهمها ابقاؤه رد فعل فريق 8 آذار تحت الخط الأحمر، وغيره من السيناريوهات التي سمعنا بها عبر شاشات التلفزة والصحف والمحافظة على السلم الأهلي وعدم توتير الأوضاع أمنيا، وهذا من أهم نتائج المسعى السعودي ـ السوري.
وقال ردا على سؤال لـ «صوت لبنان» حول جلسات مجلس الوزراء المعطلة، ان رئيس الحكومة يتولى التحضير لجلسة مجلس الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية، انطلاقا من كون الخلاف السياسي يجب ألا يعوق مجلس الوزراء عن اقرار المسائل الحياتية لأربعة ملايين لبناني.
وتوقع رحال هذه الجلسة مطلع الشهر المقبل، معتبرا ان من المعيب الا يجتمع مجلس الوزراء.
وحول ملف شهود الزور قال ان هذا الملف حينما طرح في مجلس الوزراء على شكل سؤال من الوزير حسين الحاج حسن (حزب الله) كلف المجلس وزير العدل ابراهيم نجار بوضع مطالعة قانونية حوله، وقد أجاب وزير العدل لكنهم لم يقبلوا بجوابه، وطلبوا تحويل الملف الى المجلس العدلي، وحصلت المشكلة وقال نحن مع محاكمة شهود الزور لكن لسنا مع انهاء المحكمة الدولية، وان ما حصل هو نسف لاتفاق الدوحة ولمؤتمر الحوار وللبيان الوزاري للحكومة.
النائب انطوان زهرة عضو كتلة القوات اللبنانية اتهم العماد ميشال عون بالاسهام الكامل في الانقلاب على مؤسسات الدولة عبر تعطيل جلسات مجلس الوزراء وقال في تصريح له امس ان التعرض لهذه المؤسسات لا يخدم مصلحة أحد.
سورية تشكك في نزاهة المحكمة
بالنسبة للمحكمة الدولية كان لافتا موقف سوري عبّرت عنه مستشارة الرئاسة السورية بثينة شعبان عبر حديث لجريدة «الرياض» السعودية قالت فيه: لو كانت المحكمة الدولية نزيهة وعادلة لما اعترض احد عليها، لكن مسارها الى اليوم ينبئ بأنها مسيسة، وبأنها تقع ضمن أدوات المخطط الهادف الى شرذمة العرب وضرب مواقع اتهامهم.
وقالـــــت ان العلاقــــة السورية ـ السعودية مهمة لكلا البلدين، ولبنان من ضمن البلدان الذي تؤثر العلاقة عليه، واعتبرت ان الرئيس الأسد أعلن ان اي تهمة توجه لأي جهة يجب ان تكون مدعومة بالدليل القاطع وإلا فلن يقبل اي فريق بالاتهام، وقالت اتهموا سورية عام 2005 واليوم يتحدثون عن اتهام حزب الله وغدا قد يتهمون فريقا ثالثا ورابعا.
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية ان المدعي العام الدولي دانيال بلمار توصل الى أدلة قوية وقاطعة لكن لا أحد يعلم بموعد صدور قراره الاتهامي سواه.