لخص مراقب سياسي على طريقة «الكوميديا السوداء» صورة الوضع الحكومي الذي يدفع المواطن ثمنه على الشكل التالي: قالت قوى الثامن من آذار كلمتها ومشت: «لا بحث في أي من البنود الـ 334 المدرجة على جدول أعمال مجلس الوزراء قبل البت في ملف شهود الزور وإحالته للتصويت»، ردت عليها قوى 14 آذار بالقول: «الملف غير موجود ولا تصويت على بند خلافي»، مسرحية حكومية تتكرر أحداثها منذ أكثر من شهر، وكان فصلها الأول حين هدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمقاطعة جلسات الحكومة في حال عدم البحث في الملف، وإحالة شهود الزور للقضاء، بعدها تضامن وزراء 8 آذار وتكاتفوا ليشكلوا حاجزا منيعا أمام مرور اي بند من البنود.
وفي المقابل تمترس وزراء 14 آذار وراء مواقفهم، التي يعتبرونها مبدئية، لتكتمل حلقة التعطيل الحكومي، والمواطن يرزح تحت أعباء لا تنتهي، خاصة مع حلول فصل الشتاء.
فجدول أعمال مجلس الوزراء الذي يرزح تحت ثقل البند الأول، بند «شهود الزور»، محمل اليوم بمشاريع قوانين، ومشاريع مراسيم، وطلبات لوزارات، تتصل بالقطاعات الصحية، والتربوية، والاجتماعية، والرقابية وتشجيع الاستثمارات وانتظام عمل المؤسسات.
وفي الإطار نفسه، يقول مراقب آخر ان الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء أفضت الى خلاصة غير مألوفة دستوريا وسياسيا:
لا تكفي الصلاحية الدستورية لرئيس مجلس الوزراء بدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد بعد وضع جدول أعماله كي ينعقد حكما، ولا يكفي ترؤس رئيس الجمهورية جلسة مجلس الوزراء كي ينتظم عمله الإجرائي في درس جدول أعماله واتخاذ قراراته، وبات على المعارضة ايضا ان توافق على جدول الأعمال ولا تكتفي بالاطلاع عليه، وان تلح على التصويت كي يستمر انعقاد الجلسة. وصار على رئيس الجمهورية بذل جهود مضنية من أجل اكتمال نصاب الجلسة لانعقادها، والاتفاق المسبق مع رئيس مجلس الوزراء والوزراء على الحؤول دون انفجارها، وعدم الفسح في المجال امام انسحاب رئيس مجلس الوزراء كي لا تنسف المجلس، او امام انسحاب وزراء المعارضة كي لا تفقد نصابها القانوني والسياسي بخروج وزراء طائفة كبرى رئيسية من الجلسة، وان يحذر من الاحتكام الى التصويت الذي يطلبه فريق ويرفضه آخر، وأن يحصل سلفا على موافقة الطرفين على الطريقة التي ينبغي ان ترفع بها الجلسة.