لابد أولا من الاشارة الى ان أجواء وأحاديث التسوية وعملية الترويج لها وتحديد إطارها الزمني والسياسي مصدرها دمشق والأوساط السياسية القريبة منها.
أما «حلفاء السعودية» في تيار المستقبل و14 آذار، فإنهم مازالوا على درجة عالية من الحذر والتحفظ، ويرون انه لا وجود حتى الآن لتسوية أو لمبادرة سورية - سعودية، وانما هناك جهود ومساع وتبادل أفكار، وعدم صحة التسريبات الجارية لمواقف ومداولات سرية، والمندرجة في إطار مناورات سياسية وإعلامية، وان زيارة الرئيس سعد الحريري الى نيويورك هدفها حصرا الاطمئنان الى صحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وانه لا صحة للكلام الجاري عن تنازل عن المحكمة الدولية والقرار الظني، لأنه لا مساومة على المحكمة ولا تنازل عنها، ولأن الموقف من القرار الاتهامي يحدد بعد صدوره.
وفي أجواء واتجاهات معاكسة تخلو من التحفظ والحذر، وتشير الى تقدم فعلي وجدي تحقق وستظهر نتائج مع بدايات العام الجديد، تتحدث أوساط قريبة من دمشق عن «خريطة طريق» متفاهم عليها بين سورية والسعودية توصل الى الحل وتخرج الأزمة من خطر الفتنة، وعن برنامج زمني وسياسي معد وفق التسلسل التالي:
- حصل اتصال هام ومطول بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد بناء على مبادرة من خادم الحرمين الشريفين، واستؤنف البحث من النقطة التي كان توقف عندها قبل سفر العاهل السعودي الى الولايات المتحدة للعلاج.
- اثر هذا الاتصال، رغب الملك عبدالله في لقاء الرئيس سعد الحريري الذي توجه على عجل الى نيويورك لإطلاعه على ما تم التوصل اليه ويحتاج الى ترجمات لبنانية.
- يعود الحريري الى بيروت وتكون عودته إيذانا بانطلاق قطار الاجراءات والمواقف اللبنانية المواكبة للاتصالات السورية - السعودية.
ولعل أهمها موقف الحريري نفسه من موضوع المحكمة الدولية والقرار الظني الذي سيؤسس لموقف رسمي صادر عن الحكومة اللبنانية لاحقا.
- يقوم الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بزيارتين الى بيروت حيث يجري لقاءات سياسية رفيعة المستوى لإنضاج التسوية وتدعيمها، والى دمشق حيث يتم وضع اللمسات الأخيرة على التسوية بعد أخذ الملاحظات اللبنانية في الاعتبار.
- من المقدمات، حصول تفاهم على موضوع شهود الزور للبت به بطريقة ما تراعي موقف الطرفين، يلي ذلك استئناف جلسات مجلس الوزراء وسقوط تلقائي لمذكرات التوقيف السورية.
- لقاء بـين الرئيـس سـعـد الحريري والـسـيد حسن نصرالله للاتفاق على الآليات التنفيذية والترجمة اللبنانية لأفكار الحل السعودي - السوري.
- اعادة النظر بالاتفاقية الموقعة بين لبنان والمحكمة الدولية وفق آلية دستورية لبنانية، واستطرادا سحب القضاة اللبنانيين ووقف التمويل اللبناني للمحكمة.
- زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد، زيارة تضع حدا لانقطاع دام شهورا وتعطي اشارة البدء لتشكيل حكومة جديدة.
- حكومة جديدة برئاسة الحريري تكون أقرب الى حكومات حقبة «ما بعد الطائف وما قبل العام 2005» وتكون معها انطلاقة فعلية وشاملة للعلاقات السورية - اللبنانية.
- التسوية تحــت مظـلة سـورية سـعودية مشتركة والتنفيذ لبناني تحت اشراف ورعاية دمشق.
- التسوية تتجاوز مسألة محاصرة ومعالجة تداعيات القرار الظني الى إعادة ترتيب الوضع اللبناني تحت سقف اتفاق الطائف من دون اغفال اتفاق الدوحة الذي استحدث أعرافا وموازين جديدة في الحكم.