بيروت ـ عمر حبنجر
مع حلول السنة الجديدة تبقى الآمال اللبنانية معلقة بأهداب المساعي والجهود لتسوية توفق بين العدالة في ملفات الاغتيالات السياسية التي كان رئيس الوزراء رفيق الحريري كبير شهدائها، وبين الاستقرار الأمني الراهن والذي رغم هشاشته يبقى الكابح لعدم انزلاق لبنان نحو الوضع الأسوأ.
المحكمة الدولية هي الخصم لبعض اللبنانيين وهي الحكم لبعضهم الآخر، الفريق المستخصم لها يأمل تخلي الفريق الآخر عنها بداعي انها مسيسة أو متواطئة مع سياسات الدول الكبرى الداعمة لها، وأنها لعنة القدر الدولي على لبنان، بينما الفريق الآخر، يرى فيها الحكم الوحيد القادر على وقف معادلة اقتل تحكم او بالأحرى لتتحكم، المعتمدة في لبنان منذ اربعة عقود وفق مفاهيم سحيقة ترى في الدماء عزاء الآلهة على الأرض.
أحجية تتطلب تفسيرا
هذه الأحجية وضع اللبنانيون ومن خلفهم المجتمعان العربي والدولي عبء تفسيرها وبالتالي حلها على القوتين العربيتين الأكثر حضورا في لبنان وهما سورية والسعودية، اللتان بدورهما وبعد بضعة اشهر من الاخذ والرد، خلصتا الى التركيز على اساسية المساهمة اللبنانية الذاتية في الحلول، وهذا ما اعتبره بعض الفرقاء اللبنانيين موقفا اعتباريا لصالحهم، كونهم اصحاب العلاقة الأساسيين الذين لا يجوز لأي طرف عربي مهما بلغت فعاليته أن يركب خيلهم وهم مشاة بينما رأى فيه الفرقاء الآخرون هروبا الى الأمام نتيجة العجز عن تفسير او حل الاحجية المطروحة عبر اعادتها الى منشئها المرتبك بل المعقد والعاجز عن مداواة نفسه بنفسه.
ومن هنا، يمكن فهم محدودية الآمال المعلقة على السنة اللبنانية الجديدة، والتي اختزلها بعض المتشائمين بالقول إنها لن تغير شيئا في الواقع اللبناني سوى وضع الرقم واحد مكان الصفر ليبدأ العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
وعلى المستوى السياسي ما حصل هو انتقال للملفات من سنة الى سنة، الاجماع النادر الحصول في لبنان تم على هذه النقطة وحسب التأجيل من سنة الى سنة، وهو إجماع ارغامي وليس اختيارا في ظل انعدام البدائل، واقلها التفاهم على الحلول، لسبب بديهي وبسيط وهو ان الزمام ليس بيد اللبنانيين ولو تمظهروا بالعكس، فالراهن انهم يرقصون على إيقاع غيرهم مع علم معظمهم بالأمر، وأما من لا يعلمون فمثواهم التعايش مع الواقع المر او اللحاق بركب المهاجرين الى اصقاع الدنيا الواسعة.
ولا يَغُرَّنَّ أحدا ضخامة الاحتفالات بليلة رأس السنة التي غطت معظم المناطق.
اللبنانية، والمرافق والمرابع والكازينوهات، ووصلت أسهمها النارية المبتهجة الى كبد السماء، فهذه جزء من تقاليد سطحية لا تعبر عما في قرارة نفوس اللبنانيين معطوفة على «جهود» أصحاب المصالح السياحية وتجار المفرقعات!
حساب الحقل والبيدر
والواقع كما رآه وزير العدل ابراهيم نجار أمس، انه اذا صحت التوقعات وعقدت التسوية، فلا يمكن لهذه التسوية ان تطال القرار الاتهامي أو المحكمة الدولية، لأن قرارات الشرعية الدولية لا يمكن الا ان تطبق.
وأضاف: يجب ان نشير الى انه في تاريخ لبنان لم تحل الى المجلس العدلي أي قضية ووصلت الى نتيجة، ومثال ذلك قضاء اختفاء الامام موسى الصدر والرئيس المنتخب بشير الجميل والى ما هناك.
وتابع يقول: لا أعتقد أن حساب الحقل سينطبق على حساب البيدر، وما يقال الآن مجرد سيناريوهات لا اعتقد ان حسابها سيتطابق مع حساب البيدر.
بالمقابل، فإن وزير الشباب والرياضة القريب من حركة أمل علي عبدالله رأى ان الاشكالات التي حصلت في 2010 أعطت لبنان تمايزا عن محيطه ويجب ان ينظر الجميع الى مصلحة الوطن، لافتا الى ان الجميع يحب لبنان، لكن كل على طريقته.
وقال: أعتقد انه في النصف الاول من الشهر الجاري ستكون هناك حلول وتسويات عدة لإشكالات عدة.
لا للتعويل على الخارج
بدوره الوزير جان أوغاسبيان (المستقبل) قال ان أزمة المحكمة والتداعيات الاستباقية للقرار الاتهامي، طبعت مجمل المجريات في العام 2010.
واعتبر ان السرية التي تتسم بها المبادرة السعودية ـ السورية هي في غاية الاهمية. ولا يجوز التعويل على الخارج وانتظار العجاب منه.
أما وزير السياحة فادي عبود، ممثل التيار الوطني الحر في الحكومة فدعا اللبنانيين الى تفهم بعضهم بعضا، ويجب أيضا شطب لغة التخويف من قاموسنا السياسي، معربا عن اعتقاده بأنه لا قابلية لأحد للحرب.
وقال عبود: اننا لا نبني مجتمعا موحدا في الوقت الحاضر، حتى في مدارسنا، والسياسة تأتي نتيجة لهذا المجتمع المقسم مذهبيا حتى بتاريخه وأحلامه ومستقبله.
وفي إشارة الى الوزير بطرس حرب قال: لا أصدق أن يضطر أحد أهل السياسة الى طرح مشروع منع بيع الأراضي بين الطوائف.