بيروت ـ عمر حبنجر
خيمت جريمة التفجير التي استهدفت كنيسة الإسكندرية على الاجواء السياسية في لبنان وتمحورت عظات رجال الدين ومواقف السياسيين حول هذا الحدث، حتى ان مطران جبيل الماروني بشارة الراعي دعا الى قمة اسلامية لمعالجة مسألة تفريغ الشرق من المسيحيين كما دعا الجامعة العربية للانعقاد فيما ردها النائب السابق ايلي الفرزلي الى ثقافة حرب الحضارات بهدف تكريس الاسلاموفوبيا في اذهان العالم.
أما على الصعيد الداخلي، فالكل في انتظار نتائج المساعي السورية ـ السعودية فيما خرج كارلوس ادة عميد حزب الكتلة الوطنية لينسب الى العماد ميشال عون شهادة الزور في سياق اتهامه القديم لسورية بالاغتيال.
من جهته، أكد راعي ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر على التمسك بالوحدة بين اللبنانيين وعلى التمسك باتفاق الطائف والعيش الواحد.
وقال في عظة رأس السنة الميلادية لقد قلنا بعد اتفاق الطائف عفى الله عما مضى وهذا الموقف قانوني اكثر من كونه وجدانيا بينما الغفران الوجداني هو المطلوب.
ودعا المطران مطر الى نهضة روحية في شرقنا العزيز وإلى ان يلتقي اهل الصلاح من كل دين وان يعملوا معا على وأد كل فتنة بين اهل الشرق الواحد.
عمل على الأرض
بدوره، المطران بشارة الراعي انضم الى المنددين بهذه الجريمة في لبنان والعالم ونقول انه مع كل ذلك لا نستطيع القبول بالاستنكارات الكلامية وحسب، والمفروض ان يحصل عمل على الارض كما قال البابا بيندكتوس السادس عشر.
وأسف الراعي لوجود ارضية مؤاتية في مصر لما حدث لأن المسيحيين في مصر يعيشون هذا الواقع هذه المعاناة بالاعتداء على حقوقهم وعلى أمنهم وبالتعامل معهم وكأنهم دخلاء على بلادهم.
ودعا المطران الراعي عبر اذاعة صوت لبنان الدولة المصرية للتعامل مع مواطنيها المسيحيين دون تمييز بينهم وبين مواطنيها الآخرين وقال لا يكفي ان تندد السلطة السياسية او تستنكر بل عليها ان تعطي المسيحيين حقوقهم المتوازية مع باقي المواطنين المصريين.
واعتبر الراعي ان ما يحصل اليوم من العراق الى مصر من اعتداءات مباشرة وسافرة وإجرامية على المسيحيين لا أساس له لا ديني ولا روحي ومشوه للجماعات التي ينتمي إليها الفاعلون، وقال نحن نطالب بقمة إسلامية لاتخاذ موقف مما يحصل باسم الدين، وبشجب الدول التي تمول المجرمين والأصوليين القائمين بهذه الحركات، وتتخذ موقفا وان تنعقد جامعة الدول العربية لهذه الغاية وقال هكذا نكون تحركنا بشكل مثمر اما ان نكتفي ببيانات الشجب والاستنكار فهذا لا يكفي.
المطران الراعي أمل كذلك ان تبقى عيون السياسيين ورجال الامن مفتوحة وساهرة لمنع هذه الأصوليات الاجرامية من دخول لبنان خصوصا ان هناك احتراما بين المسلمين والمسيحيين علما انه ليس في لبنان ارضية عدائية ففي لبنان المساواة تامة بين المسلمين والمسيحيين.الفرزلي: استهداف قديم
وعن توقيت هذه الاعتداءات والرسالة منها، قال نائب رئيس مجلس النواب سابقا ايلي الفرزلي ان استهداف الوجود المسيحي بدأ في المنطقة منذ وقت طويل، وقد بدأ هذا الاستهداف في فلسطين وهدفها تفريغ منطقة ولادة السيد المسيح من المسيحيين.
وقال ان تفريغ الشرق من المسيحية رأيناه اولا في فلسطين، حيث تناقص من 25% من مجموع السكان الى 1%، كل ذلك تحت اعين العالم برمته، ثم تاليا في العراق وقبله في لبنان وفي مصر بالتحديد.
واضاف: ان ما أقرأه شخصيا ان اسرائيل تنظر الى كل تقارب مسيحي ـ اسلامي على انه فعل مكروه، وترى انها صاحبة مصلحة في توسيع هوة الخلاف بين المسيحيين والمسلمين في الشرق الاوسط، لذلك عندما نقرأ في «السينودس» الاخير للفاتيكان ان المسيحيين العرب قادرون على ان ينقلوا للمسيحيين الغربيين صورة طيبة عن التعايش الاسلامي ـ المسيحي، فهذا سيتناقض جذريا مع ثقافة حرب الحضارات والحرب بين الشرق بأكثرية اسلامية وغرب بأكثرية مسيحية، لكي تأخذ المجتمع الدولي الى حروب تلحظها اليوم، ونلاحظ كيف ان فكر «الاسلاموفوبيا» داخل الذهنية العالمية والخوف من الاسلام تعيشه اوروبا واميركا بصورة واضحة.
وتوقع ان تحدث في مصر وغير مصر احداث اخرى مماثلة، فأنا اعتقد انها تقع ضمن الخطة التي تستهدف استئصال الوجود المسيحي من الشرق برمته.
ورأى ان الوضع في لبنان يتطلب تحصين السلطة اللبنانية والنظام اللبناني، معتبرا ان الاتجاه نحو الانعزال لا يؤمن امن المسيحيين، وقد ثبت ذلك فيما سبق، ولن نستطيع ان نرى امنا للمسيحيين، الا من خلال عمقهم اللبناني ومن خلال هويتهم في المنطقة، بالتأكيد على انهم ليسوا بجالية صليبية او غربية، بل هم ابناء هذه المنطقة وسيدافعون عن وجودها وكرامتها عبر تعميق ثقافة العيش المشترك.
النخبة السياسية
وعن الوضع اللبناني في مواجهة ما يجري، اسف الفرزلي للقول ان النخبة السياسية في لبنان اثبت التاريخ القريب والبعيد انها عاجزة عن مواجهة او التعاطي مع احداث جسام ذات ابعاد ومخاطر استراتيجية من هذا النوع، وان المسعى السعودي ـ السوري اذا ما اكتسب خاصية الديناميكية وفرض نفسه على الساحة لا شك ان هذه الاحداث ستنعكس دعما لهذه المساعي.
داخليا تعود الحياة الى دورتها الاعتيادية اعتبارا من يوم غد مع استمرار أجواء الترقب على حالها، بانتظار ترجمات المسعى السعودي ـ السوري، الذي يؤكد النائب عمار حوري عضو كتلة المستقبل انه محكوم بالنجاح شرط المواكبة الداخلية.
لكن النائب علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري يرى ألا مواعيد محددة للتسوية السورية ـ السعودية. وقال في تصريح متلفز أمس ان المعارضة حريصة على ان يكون الرئيس سعد الحريري أحد أعمدة هذه التسوية. بدوره، الرئيس عمر كرامي وفي مؤتمر صحافي له في طرابلس أمس قال انه وفقا لمعلوماته المتواضعة فإن الاتفاق حاصل ولا خلاف.
شاهد زور
عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده شن حملة عنيفة على العماد ميشال عون، عبر التذكير بأن العماد عون كان أول من خرج الى الإعلان عبر القناة الفرنسية «ان سورية هي من اغتالت الرئيس الحريري». واعتبر إده في هذا القول دليلا على ان العماد عون هو من شهود الزور ايضا. بالمقابل رأى النائب نبيل نقولا عضو الكتلة العونية ان المحكمة الدولية اسقطت نفسها بالتسريبات والتدخلات السياسية وعدم الأخذ بشهود الزور، وطالب بالعودة الى المحاكم اللبنانية لأن هناك قضاة نزيهين في لبنان ويستطيعون الوصول الى حقيقة أفضل من القضاء الدولي. من جهته، النائب حسن فضل الله عضو كتلة الوفاء للمقاومة توقع محاولات جديدة للعرقلة الخارجية، مشيدا بالجدية العالية السورية والسعودية للوصول الى حل، مؤكدا على أهمية الجهد الداخلي.