بيروت ـ عمر حبنجر
آراء متفاوتة، بل متناقضة غالبا، من مآل المساعي السعودية ـ السورية، تملأ الفراغ السياسي في لبنان وسط الجمود الحكومي.
الرئيس ميشال سليمان يواصل تحركه على إيقاعه التوافقي التقليدي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري عاد أمس إلى أربعائه النيابية، بينما الرئيس سعد الحريري في الرياض حيث التقى الامير الوليد بن طلال.
البعض رأى في استمرار غياب رئيس الحكومة دليلا على عدم نضوج مساعي التسوية السورية ـ السعودية، فيما البعض الآخر والاوسع اطلاعا، اعتبر ان بقاء الحريري في الرياض، هو بمثابة تحد منه لمن يطالبون بالعودة وبدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، دون ان يتنازلوا عن شروطهم الوهمية المانعة لهذا الاجتماع.
الأوضاع الإقليمية
هذه المصادر تؤكد لـ «الأنباء» انها مع القائلين بقرب توصل «س.س» إلى تسوية مقبولة، استنادا الى المعطيات الاقليمية والدولية، ومن هذه المعطيات، التقارب الاميركي ـ السوري الذي يعبر عنه تعيين واشنطن سفيرا لها في دمشق بمعزل عن الكونغرس المسيطر عليه يهوديا، والذي تزداد احتمالات تقدمه اكثر، مع المواجهة السياسية المباشرة بين الرئيس اوباما وبين رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو.
ويدخل على خط هذه المعطيات تضاؤل نسبة التناغم بين اركان السلطة الايرانية، الذي تفجر وصعد إلى السطح مع احتدام الخلاف حول ابعاد منوچهر متكي عن وزارة الخارجية في ظروف غير اعتيادية وتعيين صهر نجاد الذي لم يحظ بمباركة الامام خامنئي، وربما ان هذا الارتباك الايراني الداخلي كان وراء تأجيل او الغاء زيارة مدير مكتب نجاد، السيد مشائي الى بيروت الاثنين الماضي.
الموقف الداخلي.. راوح مكانك
ووسط هذه المعطيات الخارجية، تتمسك الاطراف الداخلية بحدود المواقف، العماد ميشال عون متمسك بأولوية ملف شهود الزور، وقد اتهم رئيس القوات سمير جعجع، بأن خياراته السياسية الخاطئة هي التي تشكل خطرا على المسيحيين.. وقوى 8 آذار تتهم حزب «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب «بالقصف المنسق على معابر الحلول» كما ترى في موقف الامانة العامة لـ 14 اذار، قلقا من ان تفقدها التسوية الامان الذي تحظى به الآن، وان هذه الامانة العامة تنتظر عودة الرئيس سعد الحريري من الرياض بالخبر اليقين، حول ما يجري على خط دمشق ـ الرياض في حين أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لقناة «المنار» على متانة الوضع النقدي في لبنان، لكنه نبه من أن السنة المالية الجديدة ستتأثر حكما بالمناخات السياسية.
مصادر مقربة من الرئيس ميشال سليمان، قالت امس ان المسعى السعودي ـ السوري بلغ مرحلة متقدمة، وان التسوية هي عبارة عن «سلة متكاملة» قد تطوي معها ملف شهود الزور، بلا عودة، بحسب ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شدد على تمسكه برئيس الحكومة سعد الحريري ردا على الاقاويل حول التغيير الحكومي المحكى عنه.
لكن مصادر اعلامية قريبة من «المستقبل» تحدثت عن مطالب ايرانية جديدة من السعودية، في اطار المساعي حول لبنان، وهذا ما جعل صحيفة «اللواء» القريبة من الحكومة تجدد الحديث عن صعوبات تعوق التسوية في حين نقلت صحيفة «السفير» المعارضة تفاؤل اوساط رئيس الحكومة بقرب التوصل الى التسوية.
أما المصادر المقربة من الرئيس ميشال سليمان فقد أكدت أن تقدم المساعي، تناول نقاطا كثيرة ومهمة، تهم اللبنانيين وتعود بالفائدة على المنطقة عموما، واشارت الى ان ما تحقق حتى الآن تطلب جهودا مضنية، ولو أنه لايزال في اطار المبادئ والاطر العامة، وان التفاصيل تحتاج الى حوار داخلي بين اللبنانيين.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، تحدث في مجالسه، عما يتردد عن تبديل حكومي، وفي رسالة لا تحتاج الى تفسير، رفض بري الدخول في هذا الكلام، مؤكدا على تمسكه بالرئيس سعد الحريري «أولا وثانيا وعاشرا».
لكنه قال في ذات الوقت: انني لن اقرأ الفاتحة على الحكومة الحالية إذا رحلت، وحول اختيار التسوية قال: اذا نجحت التسوية جراء المسعى السعودي ـ السوري، فقد يطوى ملف شهود الزور ضمن سلة متكاملة متفق عليها.
علما ان وزير التربية الوطنية والتعليم العالي حسن منيمنة، استبعد اعلان التسوية، ان حصلت قبل صدور القرار الاتهامي عن المدعى الدولي بلمار، وقال اذا طارت الحكومة الحالية فمن ذا الذي يقدر على تشكيل غيرها؟ ورأى أن المسعي السعودي ـ السوري يراوح مكانه، وان الغاء المذكرات القضائية السورية بحق 33 شخصية لبنانية جزء من تعهدات يتعين تنفيذها.