مرت اسابيع على الحديث عن تسوية سورية ـ سعودية لحل الازمة اللبنانية الا ان شيئا لم يتضح حتى الساعة وتبقى التسريبات في خانة التخمينات. ووسط ازدياد حالة القلق والترقب مع اقتراب اعلان القرار الظني نقلت صحيفة «الاخبار» اللبنانية المقربة من سورية والمعارضة امس عن اوساط رئيس الحكومة سعد الحريري استعداده للتخلي عن المحكمة الدولية من أجل تبديد هواجس حزب الله من استهدافه، أو إدخال البلاد في فتنة مذهبية، فيما المعادل الفعلي لتلك الهواجس، هو تبديد هواجس مماثلة لدى رئيس الحكومة وحلفائه حيال سلاح حزب الله.
وتابعت الصحيفة نقلا عن اوساط رئيس الحكومة انهم لا ينظرون إلى سلاح المقاومة إلا كجزء من مشكلة أعم، هي أن إمساك حزب الله بالقرار العسكري أفضى أو لايزال يفضي إلى إمساكه بالقرار السياسي، وتجاوزه الدولة المركزية.
من جانبه اتهم حزب الله على لسان مسؤول العلاقات الخارجية عمار الموسوي «الفريق الآخر بالتآمر المتعمد باستخدام هذه القضية الحساسة لتصفية حسابات وتنفيذ اوامر خارجية»، متسائلا «عما قدمه رئيس الحكومة سعد الحريري من تنازلات لمصلحة الوطن؟، لافتا الى ان «الاعتراف بشهود الزور من مصلحته والتراجع عن الخطأ فضيلة لا تنازل عنها وتصحيح العلاقات مع سورية لمصلحة لبنان».
وكشف الموسوي استنادا الى مصادر «موثوقة» ان الفريق الآخر طرح مقايضة تقضي بإحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي اذا تم التغاضي عن 11 مليارا وقطع الحساب وهو ما لم يرض به «حزب الله»، مشيرا الى ان «الفريق الآخر لا يهدف للحقيقة او العدالة وانما لتحقيق مكاسب خاصة».
الحريري في موقف صعب جداً
تولي الصحف الإسرائيلية الانعكاسات المرتقبة لصدور القرار الاتهامي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني سابقا رفيق الحريري على الوضع الداخلي في لبنان وعلى الحدود مع إسرائيل، اهتمامها.
في صحيفة «هآرتس» اعتبر آفي يسخروف أن الحريري يمسك اليوم بمفتاح الاستقرار في لبنان، وكتب: ليس من قبيل المبالغة القول ان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يمسك بمفتاح الاستقرار في لبنان خلال السنة المقبلة، وهو الآن يقف أمام مفترق طرق خطر.فاذا ظل متمسكا بمطالبته بايضاح ظروف اغتيال والده، فإن عليه أن يختار بين توريط لبنان في حرب أهلية ستنتهي على الأرجح بسيطرة حزب الله على لبنان وتعريض حياته للخطر، والخضوع لمطالب التنظيم الشيعي الذي سبق له ان هدده، فيعلن رفضه لقرارات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وتابع: تضع التسوية السعودية - السورية الحريري في موقف صعب جدا. فإذا رفض التسوية، فسيظهر بمظهر من يعرض الهدوء والاستقرار في لبنان للخطر، واذا قبل بها، فإنه سيخيب أمل معسكر كامل في لبنان، يعتبره زعيما شجاعا يحارب من أجل منع وقوع لبنان تحت سيطرة إيران وسورية.
واضاف: «في المدة الأخيرة شددت الحماية حول سعد الحريري، لكن الحريري يعرف من خلال تجربته الشخصية مدى اختراق أجهزة الحماية». وتساءل: «فماذا ينوي ان يفعل الحريري؟ من الاحتمالات هناك احتمال توجيه ضربة محدودة الى حزب الله. فقد ينتظر حتى صدور القرار الاتهامي لعناصر من الحزب، ويكتفي بالضربة المعنوية التي سيتلقاها الحزب، ثم يطلب وقف التحقيق في اغتيال والده دفاعا عن وحدة لبنان. ومن المحتمل في هذه الحال ان يتسبب حزب الله بأزمة سياسية، ولكن هذا لن يفيده. ثمة احتمال آخر هو وقوع احداث عنف في لبنان، والاعتداء على عائلة الحريري. كما انه من المحتمل أن يجر حزب الله البلد الى مغامرة عسكرية ضد إسرائيل، من أجل تحويل انتباه الناس».
بدورها نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» مقالا لسمدر بيري رأى فيه انه، ايا يكن الموقف الذي سيتخذه سعد الحريري من القرار الاتهامي فإنه سينعكس سلبا على زعامته وكتب: «سيجد الحريري نفسه مضطرا إلى الاختيار بين أمرين متضادين: فإما أن يترك العدالة تأخذ مجراها حتى النهاية، ويسمي قتلة والده بأسمائهم، واما ان يختار الهدوء الداخلي، ويتنكر للقرار الاتهامي للمتهمين من حزب الله، والذين استخدموهم من قادة الأجهزة السورية. وايا يكن القرار الذي سيتخذه فهو سينعكس سلبا على صورته، وسيؤدي الى اهتزاز موقعه في رئاسة الحكومة.
وتابع: «لايزال الحريري مترددا. فهو من جهة يريد تصفية حسابه مع قتلة والده، ومنع حزب الله من مواصلة عربدته، ولكن من جهة اخرى أوضح له رئيس الجمهورية وقائد الجيش أن لا جهاز في لبنان سيوقف المتهمين، كما انه ليس هناك من يريد التورط مع سورية، ومع طهران، ومع نصر الله».