بيروت ـ عمر حبنجر
حركت عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض الى بيروت الركود والتلاشي العام، لكن المعطيات الدولية التي طرأت من لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى القمة الاوبامية ـ الساركوزية في واشنطن الاثنين المقبل، املت على رئيس الحكومة المغادرة ظهر امس الى نيويورك للقاء خادم الحرمين الشريفين والبقاء على مقربة من محادثات الكبار حول لبنان.
وكان الرئيس الحريري استبق عودته الى بيروت بحديث صحافي قال فيه بصراحة تامة: لن انفذ اي التزام من جانبي قبل ان ينفذ الآخرون ما التزموا به.
وكشف الحريري عن احراز تقدم في المسعى السعودي ـ السوري، مشيرا الى ان الكرة الآن في ملعب الفريق الآخر.
وقال لصحيفة «الحياة» ان هذا المسعى وصل الى نتائج محددة قبل اشهر عدة، وان هذا الموضوع انجز منذ ما قبل انتقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلاج، واضاف انه يزور نيويورك لمقابلة العاهل السعودي والبحث في دفع الجهود السعودية ـ السورية الى الامام وحماية هذا المسار الذي يشكل ضمانة للاستقرار، مشيرا الى ان ذلك يتطلب خطوات ايجابية عدة لم يقم الطرف الآخر بأي منها حتى الآن.
ثمرة القمة الثلاثية
وقال: لقد التزمت الصمت طوال اشهر، والآن كسرت حلقة الصمت، فقط لأني مسؤول ومعني بهذا المسار لما فيه مصلحة البلد واستقراره، موضحا ان الجهود السعودية ـ السورية تتناول عددا من النقاط لتثبيت الاستقرار في لبنان، وهي ثمرة لمسار اطلقته القمة الثلاثية في بيروت بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الاسد والرئيس ميشال سليمان، ومن هنا لا يجوز لاحد ان يخطئ في تحديد هذا المسار، مشددا على ان الـ «س.س» لن تتراجع امام حملة التشويش الكبرى التي تتعرض لها وان الحديث عن حكومة جديدة خارج البحث كليا في المسار السعودي ـ السوري.
وأعلن الحريري بشكل غير مباشر رفضه مقايضة المحكمة الدولية بالحكومة قائلا «لا يعتقدن احد أنني متمسك بالكرسي».
بري يتحدث عن معطيات تفاؤلية
بدوره، تواصل رئيس مجلس النواب نبيه بري هاتفيا مع الحريري ونقلت عنه «المنار» ان الاجواء التفاؤلية ناجمة عن المساعي السعودية ـ السورية.
وقال بري ان التفاؤل الذي يعبر عنه يستند الى معطيات وليس الى امنيات، ورأى ان شهر يناير هو شهر الحسم.
وواكب هذه التفاؤلات اللبنانية الرسمية حراك دولي اقليمي في اطار تأمين الغطاء للحلول قبل الشروع في التنفيذ، وضمن هذا الحراك يقع لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون مساء امس في فندق بلازا حيث يمضي الملك السعودي فترة نقاهة، كما ان ملف لبنان سيكون على طاولة المحادثات المقررة بين الرئيس الاميركي باراك اوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاثنين المقبل في العاشر من الشهر الجاري بواشنطن، حيث تشير المعلومات الى اصرار فرنسا على الغطاء الدولي وتحديدا الاميركي لنتائج المساعي السعودية ـ السورية.
«الجديد»: لا وجود لـ «س.س»
وفي وقت اكد رئيس الحكومة ان المساعي السعودية ـ السورية توصلت الى نتائج محددة، طلت قناة «الجديد» المعارضة والقريبة من دمشق برأي مستنتج من التناقضات الحادة للمواقف وفي الطليعة المساعي السعودية ـ السورية «يمكن للمراقب العادي ان يستنتج ان لا «س.س» عمليا، بما يعني ان لا وجود لخطة يجري تداولها بين الرياض ودمشق».
واضافت القناة ان السيناريوهات التي يوزعها المعارضون هي التي تؤكد ان هذا المشروع بات يذكر بالقطار الوهمي في مسرحية المحطة الرحبانية، حيث انهم لا ينفكون يتحدثون عن املاء سيفرض على الرئيس الحريري فيما الكلام الآخر الصادر عن دمشق نفسها يتحدث عن تسويات وتفاهمات جدية ما يدعم نظرية المشككين بوجود الـ «س.س». ونقلت هذه القناة عن مصدر في حزب الله عن سيناريو تعطيل تدريجي لكل مرافق الدولة وصولا الى مجلسي النواب والوزراء، والاخير معطل اصلا، لكن مع محاذرة السقوط في التلاعب الامني.
بيد ان قناة «المنار» الناطقة بلسان الحزب اعتبرت ان الترقب سمة المشهد السياسي في لبنان، بعدما تبددت مفاعيل القنابل الدخانية للتعمية وتلاشت اصداء الظواهر الصوتية في التشويش، وباتت النتيجة جلية وهي ان تقدما فعليا سجل على خط المسعى السوري ـ السعودي. ولاحظت ان مواقف المعنيين تحسم باتجاه حصول تطورات جديدة على الرغم من ان التفاصيل مازالت في الخانة السرية ويبني الكثيرون على العناوين العامة من دون مقاربة الجزئيات التي تبقى «سر الملك» والرئيس وخاصة المعنيين في لبنان وما يتردد يلحظ اكثر من سيناريو للحل مع تفكير بصوت عال يتحدث عن تعديل حكومي تتطلبه المرحلة، وهو ما نفاه الرئيس الحريري علانية.
علام الخلف بينكما علامَ؟
خلاصة الموقف بعد تأكيدات الحريري على ان المساعي السعودية ـ السورية تبلورت بعناوين سبقت سفر خادم الحرمين الشريفين الى نيويورك وان الحل هو بتنفيذ الفريق الآخر ما تعهد بتنفيذه، تلمس المراقبون في بيروت علامة استفهام كبيرة: علام الخلاف؟ وما موانع اعلان التسوية؟ وهل هو حول اولوية اعلان هذه التسوية على صدور القرار الاتهامي كما يطالب حزب الله وحلفاؤه في الداخل والمحيط ام العكس كما تصر الاكثرية الحريرية والتي ترى ان قرار الاتهام يجب ان يرسم الطريق الواضح لأي تفاهم؟
الاتفاق على التسوية والاختلاف على التنفيذ
مصدر سياسي مستقل رأى لـ «الأنباء» ان المعادلة المعوقة للتسوية او لاعلان هذه التسوية مرتبطة بأولوية تنفيذ موجبات التسوية، وقد وضع الرئيس الحريري اصبعه على الجرح عندما قال: على الفريق الآخر ان يبدأ بتنفيذ ما التزم به، مضيفا بالقول: لن انفذ اي التزام من جانبي قبل ان ينفذ الآخرون ما التزموا به.
الحريري غادر الى نيويورك ظهرا بعدما اتصل برئيس الجمهورية ميشال سليمان مشاورا وبالعماد ميشال عون معزيا في وفاة شقيقه الياس عون (ابو نعيم) على امل ان يلتقي خادم الحرمين الشريفين ووزيرة الخارجية الاميركية ايضا.