بيروت ـ عمر حبنجر والوكالات
وسط معلومات صحافية عن قرب إعلان التسوية نهاية الشهر الجاري، أشارت «كونا» الى ان الملف اللبناني يتحرك بين العواصم العربية والعالمية تمهيدا لإيجاد مخارج للتسوية «المنجزة» بين السعودية وسورية للأزمة السياسية اللبنانية. ووصف مصدر سياسي واسع الاطلاع الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى نيويورك والتي التقى خلالها الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأنها «تأتي في إطار تسريع آليات تنفيذ الحل».
وأوضح ان «الحل الذي تم إنجازه» وأعلن عنه الحريري في حديث صحافي، بدأ يتحرك نحو التنفيذ، وأشار المصدر الى ان من نتائج المشاورات القائمة «عودة التواصل بين الحريري والقيادة السورية وبينه وبين «حزب الله» بشخص أمينه العام السيد حسن نصرالله بحيث سيكون ذلك مؤشرا قويا الى ولوج الحل باعتبار ان عودة التواصل من شأنها ان تزيل الحواجز والهواجس وتؤسس لإعادة بناء الثقة».
من جهتها، اعربت كلينتون بوضوح تام عن دعمها للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حسبما اعلن مصدر شارك في اللقاء، كما اكدت دعم الولايات المتحدة القوي لاستقلال لبنان وسيادته.
وكانت كلينتون التقت خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز في فندق بلازا المجاور لمكان لقائها الحريري، وقبل لقاء الاخير.
هذا في نيويورك أما في بيروت فقد توالت ردود الفعل على التصريحات الاخيرة للرئيس الحريري، بين مؤيد ومستوضح، وفي هذا السياق قال النائب فريد الخازن ان موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، هو الموضوع الاخطر والاصعب الذي يواجهه لبنان منذ تاريخه.
وذكر الخازن، وهو عضو في كتلة العماد عون النيابية ان رئيس الحكومة سعد الحريري صرح علنا بأن التسوية السعودية ـ السورية انجزت وهذا يعني ان المتبقي هو التفاهم اللبناني ـ اللبناني الذي سيوصل الى نتيجة.
مطلوب 4 عناوين
في المقابل قال النائب عمار حوري عضو كتلة المستقبل ان الفريق الآخر «المحلي والاقليمي» يعرف تمام المسؤولية المناطة به وما عليه فعله، مشيرا الى ان التفاهم السعودي ـ السوري هو تفاهم احتضاني ولا يحل مكان التفاهم اللبناني. وتحدث عن اربعة عناوين يجب اتمامها وهي: تحويل مسألة شهود الزور الى القضاء العادي، وانهاء مذكرات التوقيف السورية، وعودة مجلس الوزراء الى العمل والانتاج، وعودة هيئة الحوار الوطني الى الاجتماع.
من جهته، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لصحيفة «السفير» ان الرئيس الحريري يعلم ما عليه ان يفعله، وان الكرة في ملعبه، مضيفا في قناعتنا توجد معطيات راجحة لمصلحة التسوية ونحن ندفع باتجاه الحل لأنه أفضل للجميع، لكن في الاتفاقات لا توجد نجاحات 80 او 90%، فإما ان تنجز او لا تنجز، بمعنى اما ابيض او اسود. وأضاف: اننا في انتظار الاعلان الرسمي السعودي ـ السوري بأن التسوية قد أنجزت وهذا هو الطريق لمعرفة ما اذا كان هذا الأمر قد تم ام لا.
وفيما رفعت قناة المستقبل «الدوز» بوجه منتقدي تصريحات رئيس الحكومة، الذي أسقط القناع عن وجوه فريق 8 آذار ليظهروا على حقيقتهم التي لم تكن خافية على «أوادم» هذا البلد، ووصفت مجموعة القوى المعارضة التي لا تفي بوعودها والتزاماتها وتخطط في ليل لإحداث انقلاب يطيح بالاستقرار وبمصالح الناس، أكد حزب الله عبر محطة «المنار» انجاز تفاهم على خط المسعى السعودي ـ السوري، وان الأمر يحتاج الى الترجمة العملية، لكن هناك تسويفا ومماطلة، ولاحظت القناة ان ما قاله الرئيس الحريري بعيد كل البعد عما يقوله حلفاؤه، وهو ما كانت تردده المعارضة منذ أفسح السيد حسن نصرالله المجال لعبور اعلان النوايا المحقق في قمة بعبدا الثلاثية بين الملك السعودي والرئيسين السوري واللبناني. وأبرز الحزب اعتراف الحريري بإنجاز التفاهم «وهنا الرسالة وبيت القصيد»، لكنه أضاف الى ذلك جرعة الى جمهوره بربط النجاح بأجوبة والتزامات لدى الطرف الآخر، دون ان يوضح ماهية وطبيعة هذه الالتزامات.
مصادر في 14 آذار اوضحت لـ «الأنباء» ان ما قصده الرئيس الحريري هو الخطوات الايجابية التي بدأها بزيارة سورية وصولا الى حديثه الشهير لجريدة «الشرق الاوسط» عن بعض الشهود الذين ضللوا التحقيق، وكان المقابل بحسب هذه المصادر هجوم اعلامي وسياسي وقضائي عليه وعلى حلفائه، بعدما اعتبروا انهم استدرجوه والزموه بتقديم تنازلات ثم انطلقوا في حملة اسقاط المحكمة الدولية، ودليل هذا القول هو رد الرئيس الحريري شخصيا وخطيا على الرئيس بري.
لكن يبقى السؤال، بل التساؤلات عن الالتزامات التي قال عنها الحريري ان الفريق الآخر لم ينفذ شيئا منها، ثم ما عدد المطلعين على نتائج المسعى السعودي ـ السوري من القادة اللبنانيين، وبالتالي مع من الحق فيما يقوله اذا كان من شروط نجاح المبادرة ان تبقى سرية؟
عن الالتزامات المتبادلة، تقول المصادر الوثيقة الصلة بالموضوع لـ «الأنباء» ان القمة الثلاثية التي انعقدت في بعبدا توصلت الى عناوين عامة فصلتها المساعي الثنائية السعودية والسورية الى الحد المقبول من الطرفين وتحت خيمة التهدئة والاستقرار.
اول خطوة من الرئيس الحريري تمثلت في تصريحه لـ «الشرق الاوسط» وقبلها زيارته دمشق، ثم كان عليه ان يصدر تصريحا بعد صدور القرار الاتهامي يقول فيه اننا لا نتهم لا طائفة ولا قيادة حزب الله او المقاومة، وان يبلغ المحكمة الدولية بأن الحكومة اللبنانية ليست قادرة على تسليمها ايا من المطلوبين اليها.
المطلوب عن حزب الله
في المقابل، كان على حزب الله والمعارضة عموما ان تخفض سقف خطابها السياسي وان توقف حملات التهويل والتهديد وان تسهل عمل الحكومة ومجلس النواب والمؤسسات العامة اجمالا، فاذا بها تصعد حملتها ضده من متراس «شهود الزور» مانعة اجتماع مجلس الوزراء ما لم يتبن احالة هؤلاء الشهود الى المجلس العدلي، معتبرة ذلك اولوية على المحكمة الدولية المطلوب اسقاطها بداع انها اميركية ـ اسرائيلية او مسيسة في افضل حال.
يضاف الى طلب تخلي الحريري عن حلفائه او بعض هؤلاء الحلفاء كالقوات اللبنانية ومسيحيي 14 آذار، وهذا ما اعتبره مرارا وتكرارا من رابع المستحيلات.