بيروت ـ محمد حرفوش
يبقى الانتظار سيد الموقف لانفراج قد تحمله الأيام المقبلة مذيلا بتوقيع الـ «س ـ س» لاحتواء القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وفي موازاة هذا الانتظار تتصاعد الضجة الاعلامية حول التسوية في بيروت، علما ان الحركة السياسية والديبلوماسية بشأنها تتركز في الولايات المتحدة حيث الجميع يترقب ما سيحمله الرئيس سعد الحريري من هناك لمعرفة حدود الضوء الاخضر الاميركي للمسعى السوري – السعودي لاسيما ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التقت الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز والحريري اللذين التقيا ايضا، الا ان الاجتماع الأهم هو الذي سيحصل اليوم في البيت الابيض بين الرئيس اوباما والرئيس ساركوزي حيث سيكون الملف اللبناني من ابرز الملفات المطروحة، ما يعني ان هذا الاسبوع سيشكل محكا حقيقيا لتظهير النيات الاقليمية والدولية حول لبنان، فإما ان يتم الدفع باتجاه بلورة التسوية المنتظرة او يستمر الواقع الحالي برماديته وضبابيته، مع كل ما يحمله استمراره من اخطار على الداخل اللبناني.
المعلن حتى الآن من نيويورك برأي مصادر ديبلوماسية هو الموقف الاميركي التقليدي المتمسك بالمحكمة والداعم لشعار سيادة لبنان واستقلاله، الا انه في كواليس الادارة تشدد اكبر، اذ يعتبر الاميركيون ان المحكمة أولوية تقدم على الاستقرار، وبين معادلة الحريري وقوى 8 آذار عن التلازم بين الاستقرار والعدالة، وان العدالة هي الحافز الاساسي للاستقرار، وبين اعتبار حزب الله وحلفائه وسورية ان المحكمة وضعت لهز الاستقرار، تتأرجح التسوية بين انياب شياطين التفاصيل وهي كثيرة وتبدو بالهوة القائمة بين منطق المتمسكين بالمحكمة بذريعة عدم القدرة على الغائها والتحكم بمسارها، والمعارضين الذين يطرحون نزع الشرعية اللبنانية عن المحكمة تمهيدا لوأدها.
وتشير المصادر الى انه لم يعرف حتى الآن ما اذا تم التوفيق ايضا في المداولات السعودية ـ السورية بين الطرح السعودي المبدئي القائل باستيعاب نتائج القرار الاتهامي بعد صدوره، وموقف حزب الله المغطى من دمشق والقائل بعدم الالتزام بأي ضمانات عند صدور القرار من دون اعلان مسبق لبنود التسوية.
في غضون ذلك، يعتقد مصدر في الأكثرية ان حزب الله الذي اقتنع بأن رغباته في شأن التسوية غير قابلة للتحقق، يستعد لاطلاق جولة جديدة من التصعيد لمزيد من التأزيم في الداخل ستمتد الى نهاية الشهر الجاري، الموعد المفترض لصدور القرار الاتهامي.
ويرى هذا المصدر ان هذا التصعيد سيبقى ضمن «الخطوط الحمر» اذ من المستبعد ان يبادر الحزب الى اي «حماقة أمنية» لاسيما انه «تحت المجهر» وان اي عمل من هذا النوع من شأنه ان يضرب المسعى السعودي ـ السوري في ظل السقف الذي رسمه الرئيس نبيه بري بأن هذا المسعى خرج من الحالة المرضية الى النقاهة وفي موازاة تأكيده انه يشعر بالاطمئنان الى الوضع الأمني في البلاد الذي وصفه بأنه «ممسوك ومقبول».
لكن ذلك ـ يضيف المصدر الأكثري ـ لن يمنع حزب الله من مواصلة هروبه الى الأمام قبل صدور القرار الاتهامي على وقع التهديد «القديم الجديد» بأن التسوية يجب ان تحصل قبل صدور القرار «وإلا كلام آخر».