بيروت ـ عمر حبنجر والوكالات
فيما لايزال الانتظار سيد الموقف في لبنان، برز امس نعي رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون للمبادرة السورية- السعودية معتبرا «أن المبادرة السعودية ـ السورية انتهت بدون نتيجة»، لان «الفريق اللبناني الذي كان يتم التفاوض معه وهو فريق رئيس الحكومة سعد الحريري لم يتجاوب مع هذه المساعي ووصلنا الى طريق مسدود على مستوى المبادرة»، مشيرا الى اننا «لا نسلم بالطريق المسدود»، لافتا الى ان «هناك اتصالا بين السعودية والرئيس السوري بشار الأسد وبعدها أبلغنا أن هذا الموضوع انتهى الى لا نتيجة»، رافضا اتهامه بانه نعى مبادرة الـ «س ـ س»، مشددا على انه «سنحاول الوصول الى حل لبناني ـ لبناني».
ورأى عون بعد اجتماع «التكتل» الاسبوعي في الرابية، أنه «يبقى علينا واجب المبادرة الى مبادرة اخرى، وموقفنا دائما ايجابي، ولكن يبدو أن الفريق الآخر كان يعمل لكسب الوقت»، لافتا الى انه «يتم البحث عن مخرج جديد مع الرئيس ميشال سليمان والنتيجة التي نصل اليها سنعلنها».
وأشار عون الى انه «لدينا وفد في قصر بعبدا يمثل رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل وعضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل يتحاورن مع سليمان عن اقتراحات معينة نأمل أن تأخذ طريقها وتكون مخرجا إضافيا للأزمة.
ودعا العماد عون الحكومة للاجتماع والتقرير معا، مشيرا الى ان «هناك أفكارا سيتم طرحها في قلب اجتماع حكومي»، مؤكدا أن «المبادرة التي نطرحها ليست للتداول الإعلامي».
واضاف: «أنا لا أتكلم عن نهاية مبادرة «س-س» برغبة شخصية بل حصل تبليغ رسمي لمسؤولين، التزمت الصمت سابقا حتى لا أكون مشجعا على الفشل وكنت أتمنى أن يحصل حل ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن».
وأرجع عون فشل مبادرة الـ «س ـ س» الى اللبنانيين انفسهم وليس للسعودية او سورية، مضيفا: «نحن نتحمل كامل المسؤولية ولذلك كنت دائما أقول فلنذهب الى الحل اللبناني ونترك الخارج، أيدنا المبادرة السورية-السعودية لأننا لا نستطيع أن نكون ضد مسعى خير يساعد ولكن أصحاب المسعى نبهونا بأن نتحمل مسؤولياتنا كلبنانيين ليحصل حل».
من جانبه، اكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أمس ان «آخر الاخبار» عن مساعي حل الأزمة في لبنان «غير مشجعة».
وقال الشيخ حمد في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي يزور الدوحة «نحن نعرف ان هناك مساعي كثيرة تبذل» و«آخر الأخبار الآن غير مشجعة».
إلا ان رئيس الوزراء الذي لعبت بلاده دورا مهما في حل الأزمة الحادة في لبنان عام 2008، قال ان «هذا لن يثنينا عن مطالبة الجهات التي يمكن ان تساعد بالوصول الى حل لهذا الموضوع».
وشدد الشيخ حمد على أهمية استقرار لبنان وقال ان بلاده مهتمة «بألا يعتقد أي طرف انه يستطيع ان يحكم لبنان وحده».
ودعا رئيس الوزراء القطري الى «حل اي قضية بالحوار البناء» كما اكد انه «يجب أيضا ألا تتعطل الحكومة او يتعطل عملها لان هذا يؤخر لبنان ولبنان بلد حيوي يحتاج ان ينمو ويحتاج الى مجلس وزراء فعال».
ورأى الشيخ حمد ان الحكومة اللبنانية يجب ان «تعمل حسب اتفاق الدوحة».
ولم يكد ينهي العماد ميشال عون مؤتمره الصحافي حتى انتهى اجتماع المعارضة في بعبدا الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل والنائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الحاج حسين خليل، وقد غادروا من دون الإدلاء بأي تصريح.
وفيما ترددت معلومات عن توجه المعارضة الى بعبدا لتقديم الاستقالة، قالت معلومات اخرى متسربة من اللقاء بأن وفد المعارضة قد نقل إلى الرئيس سليمان مطلبها عقد جلسة لمجلس الوزراء للتداول بالحلول الممكنة للأزمة الراهنة، وبالاخص بت بند شهود الزور، توافقا أو بالتصويت. الا ان الرئيس ميشال سليمان، وبحسب المصادر، رد على المعارضة بالتأكيد على ان هذا الموضوع لن يكون قراره بمفرده وعليه اجراء بعض الاتصالات قبل الرد على الطرح . وعلمت «الانباء» ان سليمان اتصل برئيس الحكومة سعد الحريري المتواجد في نيويورك على الفور وابلغه بآخر المستجدات دون معرفة تفاصيل الاتصال.
وبانتظار ان تتضح نتائج القمة الأميركية ـ الفرنسية، يرى مراقبون ديبلوماسيون ان اجتماعات نيويورك اكتسبت أهمية كبيرة باعتبار انها تدل على تسارع الامور واحتمال صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان في المدى المنظور، علما ان المواقف الاميركية قللت كثيرا من أهمية كلمة التسوية وحصرتها في الرغبة السورية ورغبة حزب الله في حصولها ما يجعل ما يجري على الخط السعودي ـ السوري محصورا في اطار داخلي معين من اجل حصر تداعيات القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، بحيث لا يتخطى اطار العمل على استيعاب تداعيات القرار الاتهامي وليس نقض المحكمة أو اطاحة القرار الاتهامي.
في هذه الاثناء تطرقت القمة الأميركية الفرنسية الى الوضع اللبناني والعلاقات مع سوريا، وأشارت مصادر فرنسية الى ان موضوع المحكمة الدولية لم يأخذ حيزا واسعا من النقاش بين الجانبين باعتبار ان باريس وواشنطن متفقتان على ان المحكمة يجب ان تواصل مسارها دون تدخل.
وذكرت المصادر قبل القمة ان ساركوزي يأمل في إقناع أوباما بزيادة سياسة الانخراط مع سورية لتشجيعها على المزيد من الخطوات الايجابية إن في لبنان أم على صعيد عملية السلام، معتبرا ان تعيين الرئيس الأميركي سفيرا في دمشق خطوة مشجعة ويفترض اتخاذ المزيد من الخطوات المماثلة.
وقالت جهات ديبلوماسية لبنانية متابعة ان الجانب الأميركي لم يتجاوب مع الأفكار الفرنسية، وهي أقل سقفا من الأفكار السعودية والسورية، قاطعا بذلك الطريق على أي ضمانة دولية محتملة للمسعى العربي وأضافت المعلومات ان الأميركيين تمسكوا بالمحكمة الدولية وبصدور القرار الاتهامي في موعده، وأن تتركز الجهود على احتواء آثاره وتداعياته المحتملة.
وأفادت معلومات ديبلوماسية أولية بأن الرئيس ساركوزي حض الرئيس أوباما على تكثيف الجهود لمنع الانفجار في لبنان ولدفع عملية السلام في الشرق الاوسط.
وبحث معه دور سورية في المساعدة على الساحتين العراقية والفلسطينية.
وحسب هذه المعلومات فإن ساركوزي أراد ان يفهم حقيقة الأسباب لعدم حماس واشنطن للمسعى السوري ـ السعودي لحل المشكلة اللبنانية، وشرح لأوباما ان سقوط مسعى الـ «س ـ س» في لبنان لا بديل عنه، فالجيش الأميركي غارق في العراق والساحة الفلسطينية منقسمة، واذا انفجر الوضع في لبنان فإن قوات اليونيفيل مهددة في الجنوب، وان فرنسا لا تتحمل تعرض قواتها في الجنوب للخطر.
ثم ان انفجار الأوضاع في لبنان سيكون بسبب القرار الاتهامي ومحاربة أميركا لـ «س ـ س»، وهذا يعني أنه لا أحد قادرا على وقف الانفجار والفتنة، خصوصا ان أميركا تستعد للانسحاب من أفغانستان ولأن القوات الأميركية منشغلة في العراق والجهة الوحيدة القادرة على ايقاف حرب وفتنة داخلية لبنانية هي سورية، وفرنسا لا تريد من سورية ان يدخل جيشها مجددا الى لبنان.
وبعد المحادثات الفرنسية ـ الأميركية عقد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمقر إقامته في نيويورك مساء أمس الاول اجتماعا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بحثا خلاله المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وذكرت وكالة (واس) أمس أن ساركوزي اطمأن على صحة خادم الحرمين «إثر العملية الجراحية التي أجريت له ومغادرته للمستشفى، متمنيا له دوام الصحة والعافية».
من جانبه، شكر العاهل السعودي ساركوزي «على مشاعره الطيبة».
وأضافت الوكالة أن الزعيمين «بحثا خلال اللقاء مجمل المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين والعالم أجمع».