بيروت ـ لاهاي
شهد مقر المحكمة الدولية في لاهاي مواجهة علنية بين المدعي العام للمحكمة القاضي دانيال بلمار واللواء المتقاعد جميل السيد، بعدما حدد قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرنسين جلسة بينهما، وأعطى لكل منهما 20 دقيقة لتقديم وجهة نظره القضائية حول مطالبة السيد بمستندات تتعلق بتوقيفه بين العامين 2005 و2009 ورفض بلمار الطلب خشية التأثير بمسار التحقيق الخاص باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وخلال مهلته الزمنية في الكلام رأى المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء جميل السيد انه «مضى 10 أشهر على مطالبتنا بتسليم الملفات المتعلقة بشهود الزور، ولايزال المدعي العام دانيال بلمار يماطل والسجال دائر بيننا وبينه ورفض صلاحية هذه المحكمة ورفض صفتنا في المرافعة وتسليمنا الأدلة، وقدم عشرات الحجج لتبرير هذا الرفض»، إلا ان «الأخير يعتبر ان تسليمنا الأدلة سيعرض أمن لبنان للخطر وسيعرض سلامة التحقيق ووحدته للخطر و1000 حجة قد لا تشكل سببا واحدا، وسبب واحد وجيه ومنطقي قد يغني عن 100 حجة، وبلمار لم يقدم سببا واحدا يجيز له منعي من ممارسة حقي بالاطلاع على الملف وممارسة حقي في محاكمة هؤلاء الأشخاص».
ولفت السيد الى ان «قضية شهود الزور لم تعد قضية جميل السيد، انما اصبحت بحجم وطن وبحجم مجتمع وتهز وطنا ومجتمعا الآن في لبنان»، مشيرا الى انه «لا يمكن لمحكمة دولية ان تتعاطى مع السنوات الخمس الماضية في مؤامرة شهود الزور وكأن شيئا لم يحصل».
وعن تمنع بلمار تسليم الملفات، أشار السيد الى انه «نفس التصرف الذي قام به عندما كان رئيسا للجنة التحقيق الدولية عندما تمنع مع بعض القضاة اللبنانيين فتح ملف «شهود الزور» لإلغاء الاعتقال التعسفي، في حين لو اعتمد أبسط الحقوق لما حصلت مؤامرة «شهود الزور» ولما كان هناك اعتقال سياسي ولما كانت هناك قضية أمامكم اليوم».
واعتبر السيد انه «كان يكفي ان يقول القضاء اللبناني انه مادامت المحكمة الدولية ليست مختصة بملف «شهود الزور» فنفتح نحن الملف، لكن القضاء والسياسة لا يريدان فتح هذا الملف في لبنان»، لافتا الى «ان هذه القضية كان ينقصها قاض يتمتع بمهنية كي يزيلها من درب العدالة لكن هذه البحصة اصبحت جبلا اليوم، وفقط بلمار لا يريد ان يراه».
من جانبه اعتبر مكتب المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار، انه كانت هناك ادعاءات غير مبررة من أكرم عازوري واللواء جميل السيد، بأن مكتب بلمار يماطل ويؤخر الإجراءات، لافتا الى انه اذا نظرنا بصورة موضوعية للوقائع فسنتبين بسرعة ان هذه الادعاءات تفتقر لأي أساس، والواقع انه في 17 مارس العام الماضي وجه المستدعي طلبا للرئيس ليقدم المدعي العام عددا من المستندات التي تمت الاشارة إليها، ووجه مكتب المدعي العام سؤالين الى المستدعي: اولا ما هي المحاكم الوطنية التي سيلاحق فيها، واي نظام كشف سينطبق في هذه الاجراءات؟ ولم نتلق الى الآن اي جواب عن هذين السؤالين وحتى اليوم الجواب لايزال غير مرض، فضلا عن ذلك نحن نرى ان المستدعي وبعد 8 أشهر من رسالة 17 مارس الماضي قام بتفصيل طلبه وهذا الطلب هو اوسع بكثير من الطلب الأولى وبالتالي لا اظن انه يمكن ان نقول ان مكتب المدعي العام قام بإرجاء الاجراءات بل العكس صحيح.
وتابع قائلا: طلب مكتب الادعاء تنظيم جلسة غير وجاهية بهدف الادعاء بأن يوضح لكم بصفة أكثر دقة كيف تنطبق الحدود والقيود على العناصر ـ الأدلة التي يطلبها المستدعي في طلبه، وهكذا يكون الادعاء قد رد ايجابا على السؤال الذي طرحتموه لنا وللمستدعي، ومن حيث المبدأ اؤكد ان الادعاء واع كل الوعي بالبعد العالمي للإجراءات، والادعاء بصفة عامة يود ان يؤكد على اهمية الشفافية في كل اجراءات المحاكمة وهو لا يطلب جلسة غير وجاهية إلا كحل اخير وفي حالات نادرة حيث يرى من الضروري حماية بعض المعلومات.
وأضاف لا اعتقد اننا الآن لدينا كل المعلومات حول تلك الوثائق التي يطلب المستدعي الاطلاع عليها، وهذه الادلة من خلال طبيعتها سرية الى حد بعيد وهذا ما يدل انه ينبغي ان نناقش محتواها وهذا لا يمكن ان يتم اثناء جلسة عامة والنقاش لا يمكن ان ينظم بحضور المستدعي، والكشف عن مثل هذه الوثائق للمستدعي قد يشكل خطرا على موقف الادعاء.
ولفت الى ان العناصر التي يطلبها المستدعي تبلغ آلاف المستندات والوثائق ونحن في امس الحاجة الى مناقشة دقيقة وعميقة وهذا يتطلب الوقت للنظر في محتوى هذه المستندات، وقلتم ان المستدعي لديه الحق في الولوج الى هذه المواد وينبغي ان تجدوا حلا وسطا بين الحفاظ على السرية وحق المستدعي في الاطلاع على هذه المعلومات.
وانتهت المواجهة دون اتخاذ أي قرار في طلب السيد الاطلاع على الملفات الخاصة بشهود الزور.
الى ذلك ذكرت مصادر لوكالات الانباء ان بلمار سيسلم ملف دعوى الاغتيالات الى القاضي فرانسين مطلع الاسبوع المقبل على امل ان يضع الاخير ملاحظاته ويصدر القرار خلال شهر فبراير.