بيروت ـ عمر حبنجر
لا شيء يوحي بان طرفي النزاع مستعدان للتنازلات المتبادلة، بسبب بلوغهما حدود المواقف كل من وجهة نظره، لا رئيس الحكومة المستقيلة يستطيع التنازل عن المحكمة الدولية التي يعتبرها الوسيلة الوحيدة المتاحة لمعرفة حقيقة الجهة التي اغتالت والده ورفاقه الشهداء، ولا حزب الله وحلفاؤه مستعدون للتسليم بقضاء هذه المحكمة وقدرها.
وتبقى الكلمة للقوى الخارجية، لتفرض حلا ما بالتسوية او بالحسم، وهذا مؤجل الى ما بعد انفضاض مؤتمر اسطنبول حول الملف النووي الإيراني بين طهران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا، علما ان طهران استبعدت امس اي رابط لموضوعها النووي وبما يجري في لبنان.
إلى ذلك، فاجأ الموقف السعودي الذي أعلنه الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودية مختلف الأطراف، فقد وصف الوضع في لبنان بالخطير، وبأن بلاده رفعت يدها عن الوساطة التي أجرتها مع سورية.
وفي مقابلة مع «العربية» قال الفيصل: اذا وصلت الأمور الى الانفصال وتقسيم لبنان انتهى لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي بين الأديان والقوميات، وان هذا الموضوع يهم شخصيا خادم الحرمين الشريفين وهو اتصل مباشرة (رأسا برأس) مع الرئيس السوري، فكان الموضوع بين الرئيسين والالتزام بإنهاء المشكلة اللبنانية برمتها ولما لم يحدث ذلك أعلن خادم الحرمين الشريفين رفع يده.
إلا ان الفيصل عاد وأكد وقوف المملكة مع أي جهد لتوفير الاستقرار في لبنان، وجاء ذلك خلال اتصال أجراه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري مساء أمس بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي للحريري انه أطلع الفيصل خلال الاتصال على مستجدات الوضع اللبناني ومجريات التحركات الجارية لمعالجة الأوضاع في لبنان.
وأوضح البيان ان معالجة الأوضاع ترتكز في الأساس على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمساعي السعودية ـ السورية.
بدوره قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في لقاء الاربعاء النيابي أمس، ان رئيس وزراء قطر ووزير خارجية تركيا أكدا أثناء التشاور معهما أمس انهما لم يتحركا الى لبنان الا بناء على ما تقرر في قمة دمشق السورية ـ التركية ـ القطرية، مع إجراء الاتصال بالجانب السعودي الذي أكد على قرار التحرك للبنان بموافقة سعودية كاملة.
واستغرب بري الكلام الصادر عن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، والقائل ان السعودية أبلغت سورية رفع يدها عن الملف اللبناني.
ولكن بكل الأحوال لا شيء يطمئن رغم الزخم الدولي والإقليمي، فها هو النائب السابق ناصر قنديل، الذي ورد في الوثائق المسربة قول سعد الحريري عنه انه كان يكتب التقارير للسوريين ضد والده، يعلن أمس، عبر قناة الـ «أو تي في» التابعة للعماد عون، ان الاستشارات التي أرجأها الرئيس سليمان من الاثنين الماضي الى الاثنين المقبل لن تحصل!
وأضاف قنديل: ان النواب لن يستطيعوا الوصول الى القصر الجمهوري في بعبدا حتى لو حدد الرئيس سليمان الموعد، لأن المعارضة سلة إجراءات «لحماية أمن المقاومة».
«إنذار خاطئ»
قناة الجديد المعارضة للرئيس سعد الحريري وصفت امس الانتشار غير المسلح لحزب الله وحركة امل في بيروت صباح الثلاثاء بالإنذار الخاطئ الذي بعثت به مع طلوع الفجر.
وقالت القناة ان حزب الله وحركة امل والحلفاء يملكون حق رفع السقف ووضع الشروط ورسم المخطط التوجيهي للتحرك الاعتراضي على القرار الاتهامي ولكن ليس مسموحا لهم بالعبث بأمن اطفال المدارس والنزول خلسة الى الشارع في توقيت التلامذة وإثارة الذعر في نفوس المارة والعمال المتوجهين الى اشغالهم وليس مسموحا بالتنكر والقبض على الشارع ساعة واحدة ثم التراجع عن القرار بعد تبيان مفاعيله السلبية.
واعتبرت «الجديد» ان ما حدث عمل ضعيف ومدان كاد يتبرأ منه القيمون عليه ولذلك سحبت بسرعة.
وفيما بدا ردا على كلام «الجديد» قال مصدر في المعارضة لجريدة «البناء» الناطقة بلسان الحزب القومي السوري الاجتماعي ان الانتشار الباكر لعناصر المقاومة في بيروت كان ضمن مهمة حققت هدفها قبل الانسحاب.
شبح الشارع
شبح الشارع هو الحاضر الدائم عند الناس، والتطورات فاقمت الشروط المتبادلة التي كانت قائمة قبل ان يأخذ قرار الاتهام طريقه الى الصدور رسميا. وحتى مساء امس لم تكن مساعي رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم ولا وزير خارجية تركيا قد انتجت ثمرا، ولو في اطار العناوين، وجل ما يمكن تلمسه هو المتابعة في محاولة تقويم الـ«س ـ س» ضمن نطاق حماية الاستقرار بالحد الأدنى والعودة الى المسار السعودي ـ السوري.