ينقل غسان شربل الصحافي والكاتب اللبناني ورئيس تحرير صحيفة الحياة في كتابه الأخير عن الحروب اللبنانية «أين كنت في الحرب؟» اعترافات جنرالات الصراعات اللبنانية. اما جنرالات الحرب هؤلاء الذين أجرى شربل مقابلات معهم فهم كما وردت اسماؤهم في الكتاب: ايلي حبيقة وسمير جعجع ووليد جنبلاط وميشيل عون. في المقدمة ينطلق شربل من حدث كبير هز لبنان هو اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري فيقول: «لبعض الأيام دوي لا ينسى. ربما لقدرتها على اغتيال رجل ودولة وشطب زعيم ومعادلات كان يمثلها او يرسي دعائمها. وربما لقدرتها على تغيير مصائر أفراد وجماعات ودفع البلد ـ المسرح في اتجاه آخر. ويتابع: «14 فبراير كان من قماشة تلك الأيام. اغتيل رفيق الحريري واغتيلت معه اشياء كثيرة. لم يحن الوقت بعد لإعداد جردة نهائية بالخسائر. عملية الاغتيال أعادت إطلاق الحرب في لبنان وعليه.. اقتلعت ركائز الاستقرار». وينتقل إلى القول «الحقيقة انني اشعر بأنني صرت بلا وطن. يزورني هذا الإحساس الغريب المؤلم كلما حاولت النوم بغض النظر عن اسم المدينة او الفندق.. في فيينا او اربيل.. في صنعاء او الرياض.. في نيويورك او القاهرة. لست رجلا عاطفيا ولا شاعري الطباع ولست مصابا بعقدة شخصية من وطني». يضيف الكاتب «لم يعلمني وطني إلا الخوف. الخوف منه والخوف عليه. أخاف كلما جنحت طائفة كبرى إلى خيار لا تستطيع المعادلة الهشة احتماله ومن القدرة على تكرار الرهانات الباهظة وعدم الاتعاظ من حمامات الدم وقدرة اللبنانيين على المغامرة بوطنهم كأنهم يمتلكون وطنا آخر. أخاف من موهبة استجلاب التدخلات ومحاولة الاستقواء بها ثم التحول بيادق في ألعابها».