تردد أن رئيس البرلمان نبيه بري أبلغ الموفدين القطري والتركي الشيخ حمد بن جاسم واحمد داود اوغلو ان «التسوية تتضمن كما أعلم 9 نقاط، واحدة منها للمعارضة وتتعلق بالمحكمة الدولية وثمانٍ للفريق الآخر، وبالتالي فليوافقوا عليها ولا مشكلة لدينا تمنعنا من التسليم والالتزام بالنقاط الاخرى».. ونقل عن بري قوله للموفدين القطري والتركي ان «تردد الحريري في الموافقة على المبادرة التي حملها اليه رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط كان سببا في تأخير ولادة التسوية»، وطلب منهما سؤال جنبلاط عن ذلك، لكن مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي أحجمت عن التعليق رغبة منها في عدم الدخول في سجال مع أحد «لأن ما يهم رئيسه بعد تأجيل الاستشارات النيابية الافادة من التأجيل لإعادة التواصل من اجل الوصول الى تفاهم يبدأ بالحوار وينتهي بالتوافق على نقاط مشتركة انطلاقا من التسوية السورية ـ السعودية، والجهود القطرية ـ التركية».
في غضون ذلك، تبين ان النائب طلال أرسلان الآتي من دمشق هو الذي تمنى على الرئيس بري الاتصال ببعبدا والاتفاق مع رئيس الجمهورية على إرجاء الاستشارات الملزمة الى موعد آخر.
استغرب بري الاقتراح، وقال لأرسلان: يا «مير» لا يمكنني أن أفعل ذلك، أولا لأن خطوتي قد تفسر على انها تعبير عن خوف المعارضة من النتائج، وثانيا، لأن التأجيل هو أصلا من صلاحيات رئيس الجمهورية. اقتراحي الشخصي أن يتم ارجاء الاستشارات في سياق مبادرة متكاملة للحل، أحاول تأمين ظروف نجاحها. بدورها، ذكرت مصادر مطلعة على اجواء زيارة الموفدين التركي والقطري ان النتيجة المباشرة التي يمكن ان تخرج عن حركتهما هي تأجيل الاستشارات لأسبوع آخر إفساحا في المجال أمام مزيد من الاتصالات، وبانتظار ما يمكن ان ينتج عن اجتماع اسطنبول للدول الخمس الكبرى بشأن ملف ايران النووي، لأن الازمة اللبنانية باتت في صلب هذه المفاوضات بعدما تصدرت ايران الهجوم على المحكمة بلسان مرشدها السيد علي خامنئي، وبعدما تصدرت الولايات المتحدة الدفاع عن المحكمة بلسان رئيسها باراك أوباما. لكن هذه المصادر تستبعد أن يؤدي تكرار الارجاء الى حل لأن التطورات تدل على مزيد من التأزيم.
وتقول مصادر قيادية في المعارضة ان المعارضة لن تشارك في أي حكومة يحاول الحريري تأليفها في حال تجاوز حاجز التكليف، مرجعة عدم حصول الاستشارات يوم الاثنين المقبل خارج إطار الحل، واذا تمت فإن ذلك سيضاعف حجم الأزمة. وحول الاستشارات يقول مصدر مراقب ان لا استشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتأليف الحكومة الجديدة الاثنين المقبل. وسيصار الى تعليقها الى أمد غير منظور، في انتظار التوصل الى اتفاق داخلي يتيح إجراءها. وعلى غرار تأليف الحكومة، أي حكومة بعد اتفاق الطائف، أدخلت الاستشارات النيابية الملزمة في فخ الفقرة (ي) من مقدمة الدستور القائلة بلا شرعية أي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. لم يعد الحساب رقميا ولا الاستحقاق دستوريا، بل أضحى تقديرا سياسيا حمل رئيس الجمهورية، منذ أرجأ استشارات الاثنين الماضي بذريعة انتظار نتائج قمة دمشق، على إرساء قاعدة ألزم نفسه بها، وهي ألا يدعو الى استشارات نيابية ملزمة في ظل انقسام داخلي، أو مقاطعة طائفة كبرى لها، ولا الى إعلان تكليف يتناقض مع الفقرة (ي)، ولا تأليف حكومة من ثم تناقض تلك الفقرة. والأبرز في ذلك ان سليمان لن يوافق على تكليف يتحول أزمة. وكما ان لا قيد دستوريا على الرئيس المكلف يلزمه باستعجال تأليف الحكومة أو الاعتذار، لا قيد دستوريا على رئيس الجمهورية يلزمه باستعجال اجراء الاستشارات النيابية الملزمة.