بيروت ـ عمر حبنجر
بعد مغادرة رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ووزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو بيروت ليلا إثر اصطدام مساعيهما بتصلب مواقف الموالاة والمعارضة، حسم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري موقفه معلنا عزمه «الذهاب إلى إستشارات رئيس الجمهورية ملتزما بترشيحي لرئاسة الحكومة من قبل 14 آذار، رغم وجود ضغوط لإقصائي عن المنصب».
ومع بقاء ساحة الاحتمالات مفتوحة، ظل مصير الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة والمقررة يوم الاثنين المقبل في غياهب الاحتمالات.
من جانبه أكد سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال امس في كلمة وجهها إلى اللبنانيين تمسكه بترشيح الأغلبية لتشكيل الحكومة الجديدة، مشددا على انه سيذهب إلى الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس اللبناني ميشال سليمان يوم الاثنين المقبل ملتزما بترشحه من نواب كتلة المستقبل.
وأضاف الحريري، «لن نذهب إلى الشارع لأننا اخترنا المؤسسات، مؤكدا: «نحن أمام منعطف مصيري جديد في تاريخ لبنان، وسبق أن اعلنت أن كرامة أهلي ووطني أهم من أي سلطة، وهذا ليس موقفا للاستهلاك السياسي والعاطفي، ففي أساس قناعتي وتربيتي، أجدد العهد أمام اللبنانيين، ان نقطة دم واحدة تسقط من أي لبناني أهم من أي سلطة».
وتابع بالقول: «عندما نقول ان لبنان يقف عند منعطف مصيري علينا تحديد الاختيار، نحن قيادات لبنان الروحية والسياسية نملك المصير الذي سيذهب إليه لبنان.
وليس صحيحا أن الخارج يرسم لنا خارطة الطريق نحو الهاوية، والقيادات يمكنها أن تنأى بلبنان عن الهاوية».
واضاف: «نحن لن نذهب إلى الشارع، لأننا اخترنا المؤسسات ولن نلجأ إلى سياسة الويل والثبور لأننا اخترنا الاحتكام إلى الدستور، ولا ضيم علينا أن نتقبل النتائج السياسية حتى لو كانت بفعل الضغوط.
جاهدت في سبيل درء الفتنة عن لبنان، واخترت سلوك طريق اختاره خادم الحرمين».
وأردف: «وجدت في المساعي السورية والسعودية سبيلا للخروج من النفق، وإنما للأسف الشديد توقف العبور على هذا الجسر وانتقلنا إلى مراحل أخوية جديدة، ارتكزت على جهود الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وتحرك قطر وتركيا بمباركة السعودية، وأتيح لكل اللبنانيين والعرب أن يكونوا على بينة من هذا التحرك في دمشق».
وقال: «إنني قررت دخول التسوية إلى أبعد مدى ممكن ومرة جديدة، يتوقف قطار الحل بفعل فاعل، ويعودون مع ساعات الفجر لإبلاغ الموفدين بمطلب واحد، ألا وهو: من غير المقبول عودة الحريري إلى الحكومة، تركوا بنود الحل جانبا، وطالبوا فقط بإقصاء سعد الحريري عن التكليف لرئاسة الحكومة».
اضاف: «المشهد يتكرر هذه الأيام، والأبواق ذاتها عادت، والهدف محاكمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والإعلان عن اغتياله سياسيا، المسؤولية الوطنية تفرض إيجاد ثغرة في الحائط المسدود، وإذا كان الهدف إبعادي عن الرئاسة فلا بأس، هناك مسار دستوري.
سنذهب إلى الاستشارات النيابية التي سيجريها فخامة الرئيس الاثنين، وسندلي برأينا وفقا للأصول ملتزما بترشيحي لرئاسة الحكومة من كتلة نواب المستقبل وسائر النواب».
وفي اجتماع مفاجئ في دمشق، أكد الرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني اهمية «منع تفاقم الأوضاع في لبنان» الذي يشهد ازمة سياسية متصاعدة، وفق مصدر رسمي.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» ان الأسد استقبل مساء امس امير قطر في زيارة لم تعلن سابقا وتناول اللقاء بينهما «التطورات التي تشهدها المنطقة وخصوصا في لبنان في ظل تعثر المساعي الرامية الى الحل هناك».
وأكد الجانبان «اهمية الاستقرار والأمن ومنع تفاقم الأوضاع في لبنان» وفق المصدر نفسه.
وكان رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها وكذلك وزير خارجية تركيا اكتفيا بتوزيع بيان تضمن القول انه بناء على الاجتماع الثلاثي بين أمير دولة قطر والرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، حيث اتفق على ايفاد الوزيرين القطري والتركي الى بيروت لمواصلة الجهود مع الأطراف اللبنانية على أساس الورقة السعودية ـ السورية، تمت صياغة ورقة تأخذ في الاعتبار المتطلبات السياسية والقانونية لحل الأزمة الحالية في لبنان على أساس الورقة السعودية ـ السورية، لكن بسبب بعض التحفظات أعلن بن جاسم وأوغلو انهما قررا تعليق مساعيهما في هذا الوقت، ومغادرة بيروت للتشاور مع قيادتيها.
وباستثناء بعض الايجابيات التي تحدث عنها وزير الخارجية التركية، لم يصدر عن الموالاة أو المعارضة ما يشير الى تحقيق أي تقدم.
حمد يطلع خادم الحرمين على الأجواء
وتوقعت المصادر ان يزور وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المغرب لاطلاعه على ما تم البحث فيه مع الأطراف اللبنانية.
وترددت معلومات عن ان الرئيس ميشال سليمان قد يزور دمشق بين يوم وآخر.
المعارضة: لا لإعادة تكليف الحريري!
وقالت مصادر في المعارضة انها لن تقبل بإعادة تكليف سعد الحريري برئاسة الحكومة فضلا عن انها لن تشارك في أي حكومة يحاول تأليفها في حال تجاوز حاجز التكليف، مرشحة عدم حصول الاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين المقبل، خارج إطار الحل، لأن الاستشارات اذا تمت فذلك سيضاعف من حجم الأزمة ولن يحد منها.
وفي هذا السياق بدأت المعارضة تتحدث عن مقترحات بحكومة انتقالية عسكرية برئاسة أحد الضباط السنة الكبار في الجيش.
وعلمت «الأنباء» أن حجة اصحاب هذه الفكرة ان المعارضة والموالاة لن يلتقيا على صيغة حكومة موحدة، فالاكثرية تتمسك بسعد الحريري والاقلية ترفضه، وخصوصا العماد ميشال عون، فيما الجيش موجود على الأرض ومن شأن حكومة عسكرية أن تضمن حماية الاستقرار بوجه أي انفعالات قد تحصل.
تحول جنبلاط
في هذه الاثناء تطابقت معلومات نقلتها «العربية» عن مصدر في 14 آذار أمس مع ما نقله موقع «النشرة» الإلكتروني عن مصادر واسعة الاطلاع، من أن المعارضة حسمت أمرها لجهة ترشيح الرئيس عمر كرامي لتشكيل حكومة من لون واحد بعدما أعطاها النائب وليد جنبلاط كلمته النهائية بأنه سيصوت والنواب الذين يمون عليهم إلى جانبها ما يعني أن العدد سيكون كافيا لتمريرها.