حمل الرئيس سعد الحريري فريق 8 آذار مسؤولية فشل المسعى القطري ـ التركي وقال في خطاب تأكيد ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة والمضي بهذا الترشح رغم كل الضغوط: «التزمت كامل البنود التي توصلت اليها الجهود القطرية ـ التركية المشتركة، لكن مرة جديدة يتوقف قطار الحل بفعل فاعل ويعودون مع ساعات الفجر لابلاغ الموفدين القطري والتركي بمطلب واحد لا ثاني له: غير مقبول عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة... طالبوا فقط بإقصاء سعد الحريري عن التكليف برئاسة الحكومة». ولفت الى ان هذه التطورات «تستعيد تجربة العام 1998 والحملة السوداء التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتلك الابواق التي اندلعت لتنادي باقتلاع رفيق الحريري من السلطة...الهدف من كل ذلك واحد: محاكمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري واخراج سعد الحريري من المعادلة الوطنية والاعلان عن اغتياله سياسيا».
وقالت مصادر تابعت المسعى القطري ـ التركي ان الموفدين حمد بن جاسم وداود أوغلو لم يحملا صيغة حل جديدة، وإنما انطلقا من سعي لإعادة الاعتبار لما توصلت إليه الجهود السعودية ـ السورية فيما يخص المحكمة الدولية. غير أن قوى المعارضة انطلقت في حوارها مع الوزيرين من قاعدة أن ما كان مقبولا لديها قبل صدور القرار الاتهامي لم يعد مقبولا بعده.
وتحدثت مصادر في المعارضة عن «أزمة ثقة» مع الحريري في هذا الموضوع، لا تسمح لها بالركون إلى إمكانية تنفيذ الاتفاق السابق. وقالت المصادر إن الوزيرين أكدا وجود إمكانية لمخرج يتعلق بموضوع القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري «بما أنه لم يعلن بعد»، وحضا على العودة إلى المفاوضات من حيث انتهت الجهود السعودية ـ السورية.
وذكرت مصادر أخرى في المعارضة أن حمد بن جاسم وداود أوغلو نقلا لبري ورعد موافقة الحريري على تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين السعودية وسورية، وأنه عرض مقابل ذلك مطالب تفصيلية كثيرة. فجاءهما الرد من الاثنين بأن هذا كان «نافعا» قبل مرحلة إحالة القرار الاتهامي. ولفتت المصادر إلى أن إحدى المشاكل تتمثل في غياب قراءة مشتركة بين الحريري وفريق المعارضة بشأن ما تم الاتفاق عليه في المسعى السوري ـ السعودي.
وكشفت المصادر أن طرح المسؤول القطري والوزير التركي «عام جدا، ويتجاهل الوقائع التي طرأت خلال الأسبوع الأخير، سواء لناحية استقالة وزراء المعارضة والحكومة أو بدء مرحلة صدور القرار الاتهامي». وأعطى الحريري الموفدين التركي والقطري ورقة تتضمن قراءته للتفاهم السوري ـ السعودي حملاها إلى الرئيس نبيه بري في عين التينة. وانطلق الوسيطان من بنود الورقة في نقاشهما مع بري الذي سرعان ما لاحظ أن مضمونها «مشوه»، ويختلف عن المحتوى الأصلي للاتفاق السوري ـ السعودي، كما اطلع عليه. لم يحتج بري إلى وقت طويل حتى يكتشف أن جوهر ما يريده الحريري هو ضمان إعادة تكليفه بتشكيل الحكومة مسبقا، على أن يسدد متوجباته في الحل بعد التكليف والتأليف، الأمر الذي لم يكن واردا في حسابات المعارضة، تحت وطأة أزمة الثقة القائمة بينها وبين الحريري، فكيف إذا كان هذا الطرح يأتي بعد إنجاز القرار الاتهامي الذي رسم صدوره خطا فاصلا بين مرحلتين.
فوجئ بري بداية بالصياغة المعتمدة في مستهل الورقة، حيث ورد أن «الرئيس المكلف يتعهد من خلال مجلس الوزراء» بأن يفعل كذا وكذا. ولفت رئيس المجلس ضيفيه الى أن هذه العبارة لا يمكن أن تمر بأي حال من الأحوال، لأن المطلوب من الحريري الالتزام بتعهداته قبل التكليف، لا بعده، بحيث تحل عبارة «يتعهد رئيس حكومة تصريف الأعمال» بأن يفعل كذا وكذا، بدلا من الصيغة المطاطة المقترحة والتي قد يستغرق تنفيذها وقتا طويلا في حال جرى تكليف الحريري وتعذر عليه التأليف سريعا، ليكون بذلك قد حصل من المعارضة على مبتغاه من دون أن يفي بما يجب عليه.
وطبقا لمصادر من جهات عديدة أمكن معرفة العناوين الأساسية للتسوية التي قيل انها كانت منجزة ولم يتم السير بها بسبب مواعيد تنفيذها وانتظار كل طرف الطرف الآخر لتنفيذها.
بنود التسوية تسعة وهي:
أ ـ فيما يتعلق بالمحكمة الدولية:
ـ وقف تمويل المحكمة.
ـ سحب القضاة اللبنانيين.
ـ إلغاء البروتوكول الموقع بين لبنان والأمم المتحدة حول المحكمة.
ب ـ وفيما يتعلق بالأمور الأخرى:
ـ تثبيت ما اتفق عليه في اتفاق الدوحة وخاصة لجهة عدم استخدام السلاح في الداخل.
ـ شرعنة شعبة المعلومات.
ـ تعزيز صلاحيات مدير عام قوى الأمن الداخلي، وحصر الإمرة به وليس في مجلس قيادة قوى الأمن.
ـ سحب ملف ما يسمى بـ«شهود الزور» من التداول وعدم طرحه على مجلس الوزراء، وإلغاء الاستنابات القضائية السورية بحق 33 شخصية لبنانية وسورية وأجنبية.
ـ عدم مراجعة 69 قانونا أقرت خلال عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى.
ـ تنفيذ مقررات الحوار الوطني وخاصة لجهة سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.