يجمع العارفون بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط «متقلب ومتغير الأهواء السياسية». وهو الذي أعلن أمس الأول وقوفه الى جانب حزب الله وسورية في الأزمة الحالية. ما يعني عمليا ترجيح كفة مرشح المعارضة لرئاسة الحكومة مقابل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ما لم تحصل مفاجآت.
بدأ جنبلاط حياته السياسية شابا صغيرا (27 عاما) ولم يكن قد استعد بعد لتولي مسؤولية قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي والطائفة الدرزية التي تشكل حوالي 6% من سكان لبنان الأربعة ملايين تقريبا، وذلك على اثر اغتيال والده كمال جنبلاط العام 1977، في السنة الثانية من الحرب الأهلية (1975 ـ 1990).
أدى دورا بارزا، كزعيم ميليشيا، في الحرب الى جانب القوى الفلسطينية واليسارية والإسلامية في مواجهة الميليشيات المسيحية.
وأصبح نائبا في البرلمان اللبناني العام 1992، ثم تولى مناصب وزارية، وذلك في فترة التواجد السوري على لبنان.
لكنه في العام 2005، تحول الى رأس حربة في الصراع ضد سورية التي اتهمها مع حلفائه الذين كان جزء كبير منهم من أعداء الأمس، بالوقوف وراء عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
وأعلن في تلك الفترة ان ضميره ارتاح الآن، لأنه كان طوال السنوات التي سبقت يسير مع دمشق مضطرا خوفا على الطائفة الدرزية ومن أجل حفظ موقع لها في الساحة اللبنانية.
ويأخذ منتقدو موقف جنبلاط الجديد الذي عاد، اعتبارا من صيف 2009، يتقرب مجددا من سورية معلنا انه هاجمها بين 2005 و2009 تحت وطأة ظروف عصيبة و«لحظات تخل»، انه كان «بطل ثورة الأرز» التي أخرجت السوريين من لبنان في أبريل 2005، وبانقلابه اليوم، يعود الى إدخالها الى لبنان من الباب الواسع. ويقول القريبون من جنبلاط ان مواقفه يمليها دائما «الخوف على الطائفة الدرزية»، مشيرين في الوقت ذاته الى انه يخشى كذلك على حياته، ويسعى الى ترك «ارث سياسي غير مفخخ» لنجله تيمور. وأعلن في حديث لوكالة «فرانس برس» في يناير ان تيمور «لا يملك غير خيار» الاستمرار من بعده في تحمل المسؤولية السياسية كزعيم للدروز و«المختارة»، مقر عائلته التاريخي العريق في منطقة الشوف في جبل لبنان. ويستقبل «زعيم المختارة» او «البيك» خلال عطلة نهاية الاسبوع بشكل منتظم الوفود الشعبية التي تأتي بمطالبها التي تراوح بين المصالحات بين العائلات، الى عرض مشاكل شخصية، الى طلب مساعدات مالية، او مجرد إلقاء التحية والاستماع الى آخر مواقفه السياسية.
وهو يسلم على الجميع، يحيط به غالبا كلباه الجميلان «كوندور» و«كاسي».
طويل ونحيف، يحب جنبلاط (61 عاما) ارتداء الجينز، ونادرا ما يقص شعره الخفيف الذي يكشف عن صلعة عريضة في وجه مستطيل. مسكون بهاجس التاريخ. وقد أعلن أمس الأول «ثبات حزبه الى جانب سورية والمقاومة»، قائلا «انني أقول هذا للتاريخ، لكيلا أحمل فوق طاقتي، وليس من باب تبرئة الذات». ويقرأ جنبلاط الكثير من كتب التاريخ والسياسة. وهو يهوى الكتب بشكل عام، وغالبا ما يقدمها هدايا لأصدقائه، وأحيانا.. لخصومه السياسيين.
ولد جنبلاط في السابع من أغسطس 1949، وتابع دراسته في مدرسة «انترناشونال كوليدج» في بيروت قبل ان ينتقل الى الجامعة الاميركية في بيروت حيث درس العلوم السياسية.
زوجته نورا جنبلاط، ولديه 3 أولاد من زواج أول. أعلن في مقابلة مع «فرانس برس» انه يحلم بشراء منزل في منطقة النورماندي الفرنسية، حيث يمكنه ان ينصرف الى كتابة مذكراته، بعد تسليمه الأمانة الى تيمور.