بيروت ـ عمر حبنجر ـ محمد حرفوش
وسط المساعي الحثيثة التي يقوم بها الرئيس نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة، وفي مقابل الحرص الذي ابداه على ان تتمثل فيها قوى 14 آذار، برز امس كلام في اروقة الاكثرية الجديدة عن تعارض في الرؤية بين الرئيس المكلف والعماد عون حول توزع المقاعد الوزارية المسيحية، وعن اختلاف حول نوعية وشخصية الاسماء المرشحة للتوزير، اضافة الى بداية خلاف حول الحقائب السيادية والخدماتية، غير ان مصادر مقربة من الجانبين ادرجت ما يحصل في اطار شد الحبال الطبيعي الذي يرافق كل مخاضات التأليف.
المصادر اياها تحدثت عن ان حزب الله وان كان لم يحسم موقفه من كيفية المشاركة في الحكومة على قاعدة التزامه بتقديم كل التسهيلات للرئيس المكلف، فانه على استعداد للقيام بتحرك لدى حليفه عون في حال طلب منه لتذليل بعض مطالبه او شروطه لانه من غير الجائز في غياب الفريق الآخر في الحكومة ان يصار الى تجيير حصة المسيحيين لمصلحته، ولفتت المصادر الى ان ميقاتي لم يطلب حتى الساعة من حزب الله التدخل لدى عون من اجل تليين مواقفه والتقليل من لائحة مطالبه على صعيدي توزيع الحقائب وعدد الوزراء، وقالت ان المفاوضات بين ميقاتي وعون جارية وان الوزير محمد الصفدي يقوم بدور الوسيط لما يربطه بالتيار الوطني من علاقات وطيدة.
التحرك بحرية
واذ استبعدت المصادر رضوخ ميقاتي لمطالب عون اذا كانت تعجيزية واستئثارية بالحصة المسيحية، اكدت ان الرئيس المكلف يتحرك بحرية وهو يحاول ان يأخذ من التيار الوطني ما لم يأخذ سلفه الرئيس سعد الحريري، باعتبار ان ذلك يعزز موقعه داخل الطائفة السنية.
في غضون ذلك، اعلن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية د.سمير جعجع في مؤتمر صحافي عقده ظهر امس ان القوات لن تشارك في حكومة الميقاتي ما لم تصلنا اجوبة منه عن اسئلتنا ومخاوفنا، وهذا الامر ينطبق على كل اطياف 14 آذار، وسنرى ما اذا كان الرئيس ميقاتي فكر في الامور التي طرحناها حول المحكمة الدولية والسلاح، وما اذا كان لديه تصور واضح للمواضيع المطروحة خصوصا الامور المبدئية.
ولفت جعجع الى اننا متخوفون من عودة الوضع في لبنان الى ما كان عليه من العام 1990 حتى العام 2005.
واضاف: في حديثنا مع الرئيس ميقاتي، الذي نكن له تقديرا شخصيا لم يكن من عرض فعلي من جانبه في الموضوع الحكومي، وهو لايزال عند موقفه من وجوب الاجماع الوطني حول المسائل الخلافية، معتبرا ان الاكثرية الجديدة ليست صامدة ولا مبدئية، وقد تبين لنا ان البلاد عائدة الى مرحلة النظام الامني والوصاية.
وتابع: نحن متخوفون من ان تكون الاكثرية الجديدة التي هي بنظرنا سورية وحزب الله فرضت شروطا على ميقاتي، ومتخوفون من استشراء الفساد الفعلي مجددا، وقد حاول الرئيس ميقاتي طمأنتي وانه يبحث عن نقطة اجماع حول المحكمة الدولية والسلاح، الا انه لم يحسم أي امر فعليا.
وكان الاجتماع الذي عقده اركان 14 آذار في بيت الوسط تمخض عن اتفاق سعد الحريري وامين الجميل وسمير جعجع على المضي في الحوار مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ضمن ثوابت 14 آذار والتي ابلغت الى ميقاتي في الاستشارات التي اجراها لتأليف الحكومة.
وستعقد هذه القوى اجتماعا موسعا في وقت قريب لتقرير الموقف في ضوء لقاءات الجميل وجعجع مع ميقاتي والتي يتوقع منها الاخير ان تؤدي الى تأخير ولادة الحكومة، علما ان لقاءيه والجميل وجعجع لم يتناولا التفاصيل والحصص بعد.
مصادر كتائبية قالت ان اتفاقا حصل بين الرئيس الحريري وكل من الجميل وجعجع على المضي في الحوار مع ميقاتي حول الثوابت التي تجمع عليها قوى 14 آذار، مؤكدة على جدية هذا الحوار.
خلفية تفويض الجميل وجعجع
المصادر قالت لـ «الأنباء» ان اتجاها برز لتوجه قادة 14 آذار الى الرئيس المكلف خلال اجتماع الاحد في بيت الوسط، الا ان الاعتبارات السياسية للرئيس الحريري افضت الى حصر التواصل مع الرئيس ميقاتي بالرئيس الجميل وجعجع.
وكما فعل جعجع عندما اكد حضوره باسم قوى 14 آذار مجتمعة، فعل رئيس حزب الكتائب امين الجميل الذي اكد على انه هنا باسم هذه القوى مجتمعة، وقد شكل ذلك ردا ضمنيا على مسيحيي 8 آذار التي تدعي هامشية دور مسيحيي 14 آذار بالقضايا الاساسية.
واضافت المصادر لـ «الأنباء» ان الرئيس ميقاتي اكد امام الجميل على انه ليس مرشح 8 آذار، وانه لم يوقع على اي التزام مسبق تجاهها، وانه مصر على وسطيته وعلى سعيه لحكومة تمثل الجميع، لأنه يريد انقاذ البلد وهذا يتطلب التفاف الجميع حوله. واللافت ان ميقاتي لم يحدد طبيعة الحكومة التي يعمل على تشكيلها ولا اي صيغة يمكن ان ترسو عليها الامور كما لم يعط مشاوريه اجابات واضحة حول موضوعي المحكمة الدولية والسلاح.
واستنتج هؤلاء ان الرئيس المكلف غير قادر على تلبية شروط حزب الله وبالتالي يجب اعطاؤه الوقت الكافي لتحديد خياراته.