بيروت ـ عمر حبنجر
واضح ان الحديث عن تشكيلة قريبة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي فيه مبالغة، والدليل ضآلة الخيارات الممكنة في موضوع المحكمة الدولية ومشتقاتها، وبالتالي الاستعصاء على الرئيس المكلف الرد على أسئلة قوى 14 آذار، بما يرضيها ولا يستفز قوى 8 آذار التي أعادت وضعه على طريق السراي الكبير.
هذه الحالة المستعصية، فتحت شهية المستوزرين داخل كل فئة، ففي فريق الأكثرية الجديدة، رغبة في الاستئثار يعبر عنها العماد ميشال عون، برفضه منح فريق 14 آذار الذي تحول الى المعارضة، ما كان حصل عليه وحلفاؤه في حزب الله وحركة أمل وهو الثلث الضامن في الحكومة، ويريد من الوزراء المسيحيين الاثني عشر ثمانية لكتلته، مع موافقته المسبقة على أسماء الـ 4 الآخرين (...).
أما فريق 14 آذار، فهو مازال في مرحلة قراءة التطورات واستخلاص العبر، الا ان فريقا يريد المشاركة في الحكومة على قاعدة الثلث زائد واحد، اي 11 وزيرا.
ويقود الجانب الداعي للمشاركة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، بينما يواصل الرئيس الحريري عملية المقارنة بين الحسنات والسيئات، في حين لا يمانع الرئيس امين الجميل في المشاركة، ويصر سمير جعجع على المشاركة الجماعية لا الافرادية او التفضيلية.
ويطرح دعاة المشاركة معادلة 17 وزيرا من أصل 30 للأكثرية الجديدة، و13 للمعارضة الجديدة، ويجري تخصيص 3 وزراء من أصل الـ 17 للرئيس ميشال سليمان، إضافة الى وزيرين له من حصة المعارضة، بحيث تبقى حصته عند الرقم خمسة، وتبقى حصة الأكثرية هي الأكبر، بينما تحتفظ المعارضة الجديدة بالثلث الضامن اي 10 + 1.
وضمن مشوقات المشاركة ان أمام الحكومة المقبلة تعيين العشرات من المديرين العامين ورؤساء مجالس ادارة المؤسسات، وغياب 14 آذار عنها قد يغيبها عن هذه التعيينات، وهذا عمل غير مبرر.
ويبدو ان الأكثرية الجديدة تدرك هذا الأمر لذلك فتح العماد عون النار على مختلف المحاور الحكومية لمنع تكرار تجربة الحكومة السابقة، خصوصا بعد تصدر مسيحيي 14 آذار الواجهة السياسية المقابلة.
السباق بين الحكومة والمحكمة!
الرئيس الميقاتي اطلع على مطالب مسيحيي 14 آذار من أمين الجميل وسمير جعجع، باسمهما وباسم حلفائهما، متضمنة النظرة الى الحكومة العتيدة، والتي على أساس تلبيتها او عدم تلبيتها، يشاركون او يمتنعون عن المشاركة فيها، وبدأ مع مناقشة هذه المطالب يدخل في ساعة الحقيقة، وبالتالي يدرك أهمية الوقت الذي بدأ يضيع من رصيد الزمن المعطى له، ولو لم يكن الدستور يتضمن إلزامات زمنية لتشكيل الحكومة، ويدرك ايضا كنه حسابات حلفائه الجدد في قوى 8 آذار، الذين تحولوا الى أكثرية ظرفية، وهم يسابقون الزمن بتركيب الحكومة التي طالما سعوا إليها، لمواجهة المحكمة الدولية، وإبعاد سلاح المقاومة عن دائرة النقاش.
ساعة الحقيقة والخيار الثالث
ساعة الحقيقة، تبدأ عندما يجد ميقاتي نفسه مرغما على اعتماد احد الخيارين المطروحين، نعم للمحكمة الدولية، أو لا لهذه المحكمة.
وفي ضوء الخيار الذي يعتمد، تشارك قوى 14 آذار او لا تشارك في الحكومة، إلا اذا تم التوصل الى فرض خيار ثالث، على الطرفين المتصارعين، يقضي، بإخراج موضوع المحكمة من ساحة السجال وتحويله الى طاولة الحوار الوطني، وهو ما لا يمكن ان يتقبله من سموا الميقاتي كبديل لسعد الحريري في الرئاسة الثالثة.
عون: مش ماشي الحال!
لكن العماد ميشال عون، الذي يمارس دور القائد الظاهر لمسيرة 8 آذار الحكومية، أكد ان الرئيس المكلف لن يلتزم حيال اي أمر أدى الى إسقاط الحكومة، والمقصود هنا «الثلث الضامن» أو «الثلث المعطل» في مجلس الوزراء، حتى لا تقع هذه القوى في الحفرة التي أوقعت بها حكومة الأكثرية السابقة فيما مضى.
وقال عون في كلام موجه لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ان من يريد دخول الحكومة عليه خلع ثوب الشارع.
وأضاف: مش ماشي الحال.. المعارضة الجديدة التي هي الاكثرية القديمة، لن يمشي الحال معها.. لماذا تريد الثلث الضامن؟
انها تريد العودة الى وضع مشلول، ماذا استطعنا ان نفعل نحن بالثلث الضامن في الحكومة المستقيلة؟ استطعنا منع بعض الشواذات، لكننا لم نستطع عمل أي أمر ايجابي.
صقر: بلاغ رقم واحد
النائب عقاب صقر (المستقبل) رد على عون بالقول: ان كلام عون هو بمنزلة البلاغ رقم واحد، بلاغ الانتقال من التعددية الى الرأي الواحد، وهو يظهر منطق الاكراه والترغيب لقوى 8 آذار، سائلا كيف أصبح الآن الثلث الضامن تعطيلا للحكومة والمؤسسات.
ميقاتي: لن أكون غطاء لأي شرخ
هذه المعطيات المتوقعة، دفعت الرئيس ميقاتي الى التأكيد على انه يدرك جيدا حجم المطالب والتعقيدات، لكنه مصمم على بذل المزيد من المساعي مع الجميع في سبيل الوصول الى حكومة متجانسة نسبيا، ولا تحمل تحت جناحيها عناصر التفجير أو التعطيل.
وأكد الرئيس المكلف انه يسعى بكل الإمكانات المتاحة الى تأليف حكومة تضم الجميع، وقال انه تواق الى أفضل علاقة مع الرئيس سعد الحريري، لكنه لن يكون سببا أو غطاء لأي شرخ وطني أو طائفي.
وأضاف: لا خلافات مع الحريري في السياسة، ونحن متفقون في العناوين الوطنية.