بيروت ـ عمر حبنجر
المخاض الحكومي يزداد عسرا، مع رفع سقوف شروط ومطالب الذين سموا الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة مستفيدين من انكفاء قوى 14 آذار وترددها في المشاركة حتى الآن بخلاف ما يأمله الرئيس المكلف بمشاركة هذه القوى في حكومة تجمع شمل اللبنانيين ليكون الرأي بالاوزان حين تطرح مسألة على مجلس الوزراء.
لكن هذه القوى لم تقفل باب الاتصالات مع الرئيس ميقاتي بدليل انها مازالت تذكر بالاسئلة الثوابت التي طرحتها عليها حول المحكمة الدولية وسلاح حزب الله مطالبة بردود مباشرة ومن خارج دائرة الاعلام ليبنى على الأمر مقتضاه.
مصادر 14 آذار قالت لـ «الأنباء» ان تعاطي ميقاتي ذكي من الناحية التكتيكية الا انه سيصل قريبا الى طريق مسدود بسبب ضيق هامش المناورة امامه والدليل مواجهته بمواعيد محددة لانجاز مهمة تشكيل الحكومة مداها شهران، كما جاء في تصريح للوزير السابق وئام وهاب المعروف بانتقائه الاقليمي.
المصادر دعت قادة 14 آذار الى الكف عن التصرف بفرعونية وبأنهم قادرون على تسيير الناس كما يريدون ومتى يريدون وتحت اي عنوان.
اما عن العماد عون فقد بدا لها انه لم يعرف كيف يخسر وحتى لا يعرف كيف يربح بسبب «جشعه للسلطة»، الأمر الذي يضع الرئيس ميقاتي وقبله الرئيس سليمان على محك التعامل بواقعية ومنطق وتوازن مع تشكيل الحكومة.
ميقاتي: أريد مشاركة الجميع
في هذا الوقت قال ميقاتي ان شكل الحكومة المقبلة ظاهر في ذهنه واريد ان يشارك الجميع ولا اقبل بأي شكل ان يفرض علي اي شيء واي اسماء واي حقائب لكنني واقعي.
واضاف لصحيفة «الحياة» قوله: مع احترامي لمن سماني فان من يقترح تأليف الحكومة هو الرئيس المكلف، ومن يوقع مرسومها هو رئيس الجمهورية، انا اتمنى ان تسود الحكمة والهدوء.
وكشف ميقاتي انه طلب من العماد ميشال عون ان يبلغه بالاسماء التي يرشحها للوزارة مع مواصفاتهم ليختار هو (اي ميقاتي) لكل مرشح الحقيبة المناسبة مؤكدا رغبته في ان يمتثل التيار الوطني الحر في الحكومة لكن دون ان يفرض علي شيء.
وتحدث ميقاتي عن غيمة عابرة في العلاقة بينه وبين رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، مؤكدا انه لن يكون لا الشيخ سعد ولا انا سببا لاي خلاف سني – سني وانا حريص على ذلك ومتأكد انه حريص مثلي.
جنبلاط أول من رشحني
واوضح ميقاتي ان اول اشارة جاءته ليترشح الى رئاسة الحكومة كانت من النائب وليد جنبلاط واكد على ارتياحه للتعاون مع الرئيس ميشال سليمان والى التفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لأنه لا يمكن ان تكون هناك حكومة كيدية. وردا على سؤال عن تخليه وجنبلاط عن سعد الحريري في لحظة حرجة قال: لا اظن انه كان قرارا سهلا عندي، لكن حين وجدت انه مفروض القيام بخطوة لتحييد الموضوع لم اره شخصيا ولا خيانة. وعن مظلته الخارجية، قال ميقاتي: ما من لبناني عاقل يستطيع ان يعمل دون غطاء سعودي او سوري في لبنان، وتحدث عن رد الجميل للمملكة العربية السعودية تبعا لما قدمته للبنان وكذلك لخادم الحرمين الشريفين. وجدد ميقاتي القول انه لم يلتزم بشيء مع قوى 8 آذار او قوى 14 آذار وانه التزم بحماية المقاومة وانه بالنسبة للمحكمة الدولية ملتزم بما قررته هيئة الحوار الوطني عام 2006 حول العدالة والنقطة التي تبحثها اليوم تتمثل في تداعيات المحكمة على لبنان وهل باستطاعتي ان اقوم بأي خطوة بعكس ارادة اللبنانيين معظم اللبنانيين، لذا ادعو الى حوار وطني بغطاء عربي لنرى كيف توقف هذه التداعيات ونجمع بين كشف الحقيقة وعدم تسييس المحكمة ووضعها جمرة دائمة بين اللبنانيين.
وقال ان الحريري مشى في المساعي السورية ـ السعودية لتحييد الساحة اللبنانية عن تداعيات المحكمة، لكنه رفض الدخول في جدال ردا على سؤال عن قول الحريري انه ليس مستعدا لتنفيذ اي خطوة اذا لم ينفذ الفريق الآخر ما اتفق عليه.
14 آذار: امتحان بالتفاصيل
بدورها، قالت مصادر في 14 آذار ان التواصل مع الرئيس ميقاتي مستمر وعلى قاعدة ان هناك امتحانا قائما بكل التفاصيل، فبعد الاخطاء التي رافقت التكليف يجري البحث في البيان الوزاري وما سيتضمنه من التزامات حكومية، ورأت ان اي توافق عربي لا يمكن ان يتحقق حول لبنان اذا لم يسبقه اجماع لبناني، في اشارة الى ما يتردد عن تفاهم سوري ـ سعودي متجدد حول لبنان.
من جهته، تحدث عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي امس عن مرحلة جديدة ترسم في لبنان والمنطقة، وقال ان على من يعي خلفيات الامور وعمقها ان يحدد قراره في ضوء هذه التطورات النوعية والخطيرة بعيدا عن الكيدية والحقد، لأنه سيمنى بالفشل الذريع، وسيشكل ذلك نهاية لحياته السياسية.