بيروت ـ عمر حبنجر
توحي المكونات السياسية للظروف اللبنانية الراهنة بأن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي متجه نحو تشكيل حكومة ما يعرف بـ «اللون الواحد» أي التي تضم فريق الثامن من آذار وحده، بعد إعلان رئيس الكتائب أمين الجميل المفاوض باسم 14 آذار، وصوله مع الرئيس ميقاتي الى الباب المسدود.
وستكون حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط وبوجوه معتدلة تخفف من حدة اللون الواحد الذي ستصيره، لاسيما فيما يتعلق بحصة الرئيس ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي، اضافة الى الوزير محمد الصفدي والنائب تمام سلام وكتلة النائب وليد جنبلاط، الذين من شأن وجودهم في الحكومة كسر حدة لونها الفاقع مع كونهم جميعا، وعلى رأسهم ميقاتي، من نسيج قوى 14 آذار أصلا.
وتوقع الرئيس ميقاتي إنجاز الحكومة هذا الأسبوع، وهو ما تحدث عنه الرئيس نبيه بري من قطر، فيما قلل العماد ميشال عون من أهمية تشكيلها بسرعة وبقي السؤال: هل يصدرها ميقاتي قبل الاثنين 14 فبراير، وهو يوم ذكرى اغتيال الحريري أم يتريث الى ما بعده؟
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان محطتين إضافيتين ستفرضان التريث في تسريع إعلان التشكيلة الحكومية، المحطة الأولى: تتعلق باتصالات كثيفة تجري على المستوى الإسلامي السني لعقد اجتماع عام وموسع للفعاليات السياسية والدينية في دار الفتوى غدا تحت عنوان «وحدة الصف» يحضره رؤساء الحكومات السابقون والنواب والمفتون وأعضاء المجلس الشرعي الأعلى.
وقد يغيب عن هذا اللقاء الرئيسان السابقان سليم الحص ورشيد الصلح بداعي المرض، وربما يغيب ايضا الرئيس عمر كرامي، إنما يبقى الأهم حضور الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي الذي مازال يدرس الدعوة التي وجهت اليه، على اعتبار ان حضوره يعكس نوعا من المصالحة مع الحريري، مما يفسح المجال لتأخير صدور التشكيلة الحكومية الأحادية اللون، ريثما تتبلور صورة حكومة مشتركة الى حد ما.
أما الرئيس فؤاد السنيورة فإن حضوره مؤكد.
محطة دمشق
والمحطة الثانية: ستكون في دمشق التي غادر إليها العماد ميشال عون لحضور احتفالات عيد القديس مارون في مسقط رأسه «براد» في سورية.
وقال عون انه سيلتقي على هامش الزيارة الدينية بعض الأصدقاء، وفي معلومات لـ «الأنباء» ان دمشق ستجد نفسها مطالبة بوضع اللمسات الأخيرة على التوزيعة الوزارية بين الحلفاء، من خلال ضبط إيقاع علاقة عون بالرئيس ميشال سليمان، وتسوية الأمور الشائكة بين النائب طلال أرسلان وبين الوزير السابق وئام وهاب، الذي يرفض توزير أرسلان، كفعالية درزية مستقلة، ويصر على احتسابه جزءا من حصة النائب وليد جنبلاط، فيما يرفض أرسلان هذا التوصيف الذي يجعله بمستوى الحالة السياسية التي يمثلها وهاب.
من جهته ينطلق الرئيس ميقاتي من ثابتتين: تأكيد موقع رئيس الجمهورية في التركيبة الحكومية واحتفاظه هو شخصيا كمكلف، بالخيار النهائي في توزيع الاسماء والحقائب، في ضوء مطالب القوى المشاركة في الحكومة، التي ترفع اليه.
وتحدثت المصادر عن امكانية انجاز التشكيلة الجمعة أو السبت، وان تضم وجوها من الحكومة السابقة.
عون: الحكومة منسجمة
العماد ميشال عون رئيس كتلة الاصلاح والتغيير عبر عن ارتياحه لنتيجة مفاوضات 14 آذار مع الرئيس المكلف بالقول: سنؤلف حكومة بشكل منسجم، وستتمكن من الحكم ومن تنفيذ قراراتها، ولن يكون هناك فراغات.
وقال للصحافيين في دارته بالرابية: رغبت في طمأنتكم، وأنا لست مشغول البال على الوقت، ففي المرة الماضية استغرق الأمر خمسة أشهر، أما اليوم فلن يأخذ تشكيل الحكومة كل هذا الوقت، ونحن لم نتجاوز الشهر الاول.
كتلة عون تريد 40% من الوزراء
بدوره، أكد اعلام التيار الوطني الحر ان الرئيس ميقاتي حسم امره باتجاه حكومة تكنوقراط مطعمة بسياسيين غير استفزازيين من 30 وزيرا. يجري اختيارهم من «الاكثرية الجديدة» بحسب «نسبها التمثيلية في مجلس النواب» وفي هذه الحالة يحصل العماد عون على حصة الاسد من الوزراء المسيحيين.
وتقول قناة «أو تي في» التلفزيونية الناطقة بلسان عون ان تكتله النيابي المؤلف من 27 نائبا (مع حلفائه المسيحيين) من أصل 68 نائبا سموا ميقاتي، أي 40% من الاكثرية الجديدة، ما يعني حصوله على النسبة نفسها من الوزراء، أي 12 وزيرا، وانه اذا احتسبت حصة للرئيس ميشال سليمان، تحسم بالتساوي من كل الاطراف لتصبح حصة التكتل العوني 11 وزيرا.
واذا ما رصدت حصة اخرى لمستقلين تصبح بحدها الادنى عشرة وزراء.
وفي مجال الحقائب الوزارية، يتحدث العونيون عن عرف شبه ثابت يوزع الوزارات بين سيادية أولا وسياسية ـ خدماتية ثانيا، ووزارات الدولة ثالثا وأخيرا.
ما يعني ان التوزيع يبدأ مداورة عبر كل منها ولكل من الاطراف.
وسيكون هناك تجاذب حول هذه الوزارات. لكن العماد ميشال عون أعرب عن ارتياحه لقيام حكومة منسجمة وفاعلة.