عينت الحكومة الإسرائيلية الجنرال «بيني غنتس» رئيسا لأركان الجيش الاسرائيلي خلفا للجنرال كابي أشكينازي. ويتمتع غينتس بخبرة في الملف اللبناني. فهو أول ضابط دخل إلى لبنان محتلا عام 1982 في وحدة المظليين وبقي في الأرض اللبنانية 18 عاما، وخرج منها كآخر ضابط عند الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. ولم تتوقف علاقته مع الملف اللبناني عند هذا الحد فقد تم تعيينه قائدا للواء الشمالي، وهكذا اعتبر المسؤول عن إعداد الجيش الإسرائيلي قبل حرب لبنان التي سجلت في تاريخه حربا فاشلة، وتحمل غنتس قسطا ليس قليلا من المسؤولية. ولكن مع هذا يراه عديدون في إسرائيل كأفضل الشخصيات المناسبة لرئاسة أركان الجيش.
وغنتس، في تصريحاته الأخيرة يولي أهمية غير عادية للبنان. فهو يختلف مع مواقف العديد من العسكريين والأمنيين بعدم رؤيته بحماس خطرا أساسيا على إسرائيل ويقول إن حزب الله يشكل خطرا استراتيجيا حقيقيا على إسرائيل ويشدد على انه ذراع إيرانية. وفي الوقت نفسه، كان غنتس قد صرح في أكثر من مناسبة بموقف قريب من موقف اشكينازي بأن الحرب على إيران ليست حتمية. ويرفض أسلوب التهديد.
ويرى ضرورة تسليم الملف الإيراني للغرب، باعتبار أن وجود أسلحة نووية في إيران يهدد ليس دول المنطقة، بل يهدد العرب والعالم. بالنسبة له غزة غير مهمة، إيران لا حاجة للحرب معها، وحزب الله خطر استراتيجي.
أما أشكينازي، ففي آخر ظهور رسمي له كرئيس لأركان الجيش الإسرائيلي، استعرض أمام المشاركين في مؤتمر هرتسليا، الذي عقد تحت عنوان «المناعة القومية لدولة إسرائيل»، بعض تصوراته للتطورات التي تشهدها المنطقة وتبعاتها على إسرائيل.
وعلى عكس المتوقع، لم يركز في حديثه على الهبات الشعبية في تونس ومصر، بل على لبنان بالذات والتغييرات التي يشهدها ودور إيران في ذلك، من جهة، وتأثيرها على مستقبل المنطقة.
وقال أشكينازي: «بات لبنان صورة مصغرة للوضع في الشرق الأوسط بخاصة في العلاقة بين الراديكاليين والمعتدلين، وعلى إسرائيل أن تكون مستعدة لمجابهة خطر توثيق العلاقات بين التنظيمات الراديكالية».
وتحدث عن «التغييرات الانقلابية» في الحكومة اللبنانية وقال إن التيار الراديكالي المعادي لإسرائيل تغلب على القوى المعتدلة، وإن التغييرات الأخيرة تعزز مكانة إيران وقدرتها على التأثير على ما وصفها «الجهات التي تدور في فلكها».
وبعد هذا التركيز، تطرق إلى الجبهات الأخرى: «ليس فقط حزب الله، بل أيضا سورية وحماس وحتى مصر». فالكل ينبع من إيران، ولكن بالتركيز على الذراع اللبنانية لطهران، أي حزب الله وحلفائه في لبنان، على حد تفسيره. وتعمق اشكينازي في الحديث عن لبنان.
فهو غاضب على كل من سعد الحريري ووليد جنبلاط، اللذين حظيا منه بنعت «أصحاب سياسة الجبن والإذلال». فقد اعتبر زيارتيهما إلى سورية بمثابة ذل ونفاق. ووصفها بـ «الزيارة إلى كانوسا».
(قلعة «كانوسا» شيدها البابا غريغوريوس السابع. وقد اشتهرت عندما توجه إليها هنري الرابع، طالبا الاعتذار من قداسة البابا. ففي كانون الثاني من عام 1077، فرض البابا غريغوريوس السابع الحرمان على الإمبراطور هنري الرابع، اثر خلافاتهما على إدارة الحكم.
ومن أجل أن يرفع البابا حرمان هنري الرابع كنسيا، أجبر الأخير على الوصول إليه في تلك القلعة ذليلا.
ورغم العاصفة الثلجية ظل راكعا على ركبتيه لمدة ثلاثة أيام و3 ليال أمام بوابة قبل أن يدخل القلعة ثم فتح له باب القلعة وحصل بالتالي على العفو والغفران من البابا).
من جهة أخرى، توقعت شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) حدوث تغيرات دراماتيكية في الشرق الأوسط حتى نهاية العام الحالي، الذي وصفته بأنه «عام استراتيجي» ستقع خلاله «هزات سياسية وأمنية في الشرق الأوسط»، وانه سيشهد «تغيرات استراتيجية دراماتيكية» وذلك حتى نهايته.
ووفقا لتقديرات شعبة الاستخبارات فإن مصر ليست وحدها التي سيجري فيها تحول وإنما ستحدث تغيرات في السلطة الفلسطينية أيضا.
وتقدر شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ان «الثورة في مصر ستحدث تغيرا في لهجة وتعامل السلطة الفلسطينية مع اسرائيل والتوقع هو انه ستتراجع العلاقات الأمنية مع اسرائيل الى جانب تشديد المطالب الفلسطينية، وذلك من أجل ألا يتم اعتبار السلطة التي كانت مدعومة من مبارك على انها متعاونة مع اسرائيل».
وتشير تقييمات شعبة الاستخبارات إلى أن لبنان «سيقع هذا العام في أيدي حزب الله، وأن سيناء ستتحول إلى مركز إشكالي في حال وسع البدو المسلحين أنشطتهم ضد الجيش المصري»، ما سيشكل ثغرة للتعاون بينهم وبين حركة حماس في قطاع غزة».
وخلصت الى ان تقييم الوضع هذا يستوجب استعدادا سياسيا وعسكريا من أجل منع احتمال ان تتحول التغيرات الاستراتيجية هذه الى تهديدات استراتيجية.