بيروت ـ عمر حبنجر
فيما الأجواء الحكومية اللبنانية مقفلة الى ما بعد عودة الرئيس ميشال سليمان من الفاتيكان ومن ثم الكويت نهاية هذا الاسبوع على الاقل، ابلغ رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وفدا من لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الهولندي برئاسة هنريك اورمل تمسك لبنان بافضل العلاقات مع المجتمع الدولي واحترام القرارات الدولية ومبدأ قيام العدالة.
ويشكل هذا القول اول جواب من رئيس الحكومة المكلف على المطالبين بموقف منه حيال ارتباط لبنان بالمحكمة الدولية الخاصة بين مطالب بدعم المحكمة ومطالب بفك الارتباط بها.
وبالعودة إلى الملف الحكومي، فالعقدة المحلية المتمثلة في وزارة الداخلية مازالت على شدتها فقد رفض العماد ميشال عون رئيس كتلة التغيير والاصلاح اي مقايضة على وزارة الداخلية، سوى بوزارة المال وقابل هكذا رفض من رئيس الجمهورية لتسليم الداخلية الى عون، بموازاة رفض الرئيس المكلف تسليمه وزارة المال بسبب دوافعه الثأثرية والانتقامية كما يرى المنادون بإبعاد كتلته عن الحقائب السيادية.
سليمان وعون علاقة مقفلة
والراهن ان العلاقة بين الرئيس ميشال سليمان وبين العماد ميشال عون اصبحت مقفلة كليا، بعد هجوم الاخير على رئيس الجمهورية المتمسك بوسطيته السياسية، مصحوبا بالرغبة في زيادة حصته الوزارية، خصوصا على مستوى الوزارات المخصصة للمسيحيين وبالذات وزارة الداخلية التي يبدو ان له حسابا عندها يريد استيفاءه قبل انتخابات 2013.
لكن الرئيس سليمان الذي لا يرتاح لنوايا العماد عون من الأساس لن يسلم له على المستوى الماروني، من حيث التفرد على الاقل وبالتالي لن يوقع مرسوم حكومة من لون واحد، مهما طال تأخير تشكيلها.
ولاحظت المصادر المتابعة ان ايا من حلفاء عون في دمشق او حزب الله لم يتصل به لإقناعه بتليين موقفه تسهيلا لولادة الحكومة ما يعني ان كل الاهتمامات مازالت خارج الدائرة اللبنانية.
على صعيد الاتصالات كشف النقاب عن زيارة خاطفة قام بها النائب وليد جنبلاط الى دمشق حيث التقى معاون نائب رئيس الجمهورية اللواء محمد ناصيف المشرف على الملف اللبناني في الادارة السورية.
التأليف في دائرة المراوحة
وفي بيروت استقبل الرئيس نجيب ميقاتي المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل.
ورغم ذلك، فقد اعتبرت اوساط الرئيس ميقاتي ان عملية تشكيل الحكومة مستمرة في دائرة المراوحة، معترفة بأن ذلك لا يعتبر عاملا ايجابيا، لكنه وفي ذات الوقت ليس سلبيا، وان العقد مرتبطة بتمثيل العماد عون الى جانب عقد اخرى.
أوساط ميقاتي نفت بشدة ما اشيع عن تلقيه انذارات خارجية وجهت إليه بخصوص موقفه من ارتباطات لبنان الدولية وقالت ان اتصالات ميقاتي الخارجية اظهرت متغيرات ايجابية ملموسة.
بري على تفاؤله
ويبقى رئيس مجلس النواب نبيه بري المتفائل الدائم بقرب تشكيل الحكومة فرغم عدم تطابق تقديراته السابقة مع واقع الحال فقد اكد امس الانتقال الى مرحلة الحلحلة وصولا الى الحل.
واضاف في تصريح للنهار البيروتية امس «من جهتي لدي كل الثقة بالمساعي التي يقوم بها الرئيس ميقاتي وسأضع امامه الخيارات لتسمية وزراء كتلة التنمية والتحرير، سأضع اسمين او ثلاثة لكل حقيبة».
كي يختار الوزير الملائم بنفسه، فالرجل لا يعمل بسياسة النكايات وأنا لدي كل الاطمئنان».
ولا شك ان موقف بري هذا سببه الاحراج للعماد عون بالذات، كون الأخير اعترض على معادلة «الكتلة تحدد الوزارة ورئيس الحكومة يختار الوزير» التي طرحها ميقاتي منذ بدء المشاورات النيابية.
من جهتها أكدت مصادر العماد عون انه حاسم في مطالبته بوزارة الداخلية وعدم ايلائها الى وزير يمثل الرئيس سليمان (زياد بارود..). وقد عبر الوزير جبران باسيل، الذي يرشحه عمه العماد عون لتولي هذه الحقيبة الوزارية عن هذا الموقف بصراحة حين قال: كنا نطالب بالأساس بحقيبة وزارة المال، لكن تجاوبنا مؤخرا مع الرغبة في ابقاء وزارة المالية مع وزير سني، واقترحنا ان نعطي الداخلية عوضا منها.
واضاف باسيل: اذا كان من مشكلة في الداخلية فمن الممكن المعالجة من خلال عودتنا الى المالية، عندها نتخلى عن الداخلية. وقال باسيل ردا على سؤال ان الرئيس سعد الحريري يتمنى ان تنفجر بنا الحكومة ونحن نساعده من خلال التبرع بأن نضع لغم المالية بين أيدينا.
أمام هذا، هل يمكن القول ان ثمة ضوء أحمرا خارجيا لايزال يكبح ولادة الحكومة الميقاتية، عبر بعض الظواهر الداخلية المعيقة؟ وماذا عن الموقف الأخير لقوى 14 آذار من المشاركة المطروحة؟
المستشار السياسي للرئيس سعد الحريري، النائب السابق غطاس خوري، نفى ان يكون هناك عرض جدي بالمشاركة من الأساس، بل كانت هناك عروض ضبابية هدفها تقطيع الوقت وايجاد فرصة لقوى 8 آذار، من أجل تأليف حكومة منفردة، وأظن ان الظروف المحلية والظروف التي تمر بها البلاد العربية حيث سقط «جدار برلين» كما يبدو، وسقط معه حاجز الخوف عند الشعب العربي وبدأت هذه الأنظمة بالانهيار، وانعكس كل هذا بعدم الرغبة في تسريع عملية تأليف الحكومة اللبنانية، بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع.
ونفى خوري ان تكون قوى 14 آذار هي من يعرقل تأليف الحكومة، لكنه قال انه قبل تجديد الموقف الحكومي من موضوع المحكمة الدولية وموضوع غلبة السلاح، لن تكون هناك مشاركة ولا بالتالي بحث بالنسب والأرقام، وأظن ان المشاركة أصبحت بعيدة، بدليل تجاهل هذين الموضوعين، والتكلم عن حصص لـ 14 آذار بين 8 و9 و10 و11 مقعدا، علما انه ليس هنا بيت القصيد. وعن نوعية المعارضة التي ستعتمدها قوى 14 آذار قال خوري، انها معارضة سلمية بوسائل إعلامية وتظاهرية وبرلمانية غايتها مراقبة أعمال الحكومة ومحاسبتها، ولا تتضمن هذه المعارضة التهديد بخطف أشخاص ووضعهم في صناديق السيارات ولا بأي شيء آخر، لذلك هي معارضة سلمية بامتياز هدفها خلق توازن سياسي يقود الى تحقيق الحماية للمحكمة الدولية والمعالجة للسلاح.
وعن تأخير ولادة الحكومة، قال د.غطاس خوري انه مرتبط بأسباب إقليمية، وبالتفجر الحاصل في العالم العربي، فالتريث قائم بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع. واضاف: هذا من ناحية ومن أخرى هناك شهية مفرطة للقوى التي تشكل 8 آذار بحيث انها تطرح أمام الرئيس المكلف معضلة أساسية، هل هو من يؤلف الحكومة، أم القوى التي سمته هل من يؤلفها؟