بيروت ـ عمر حبنجر والوكالات
واضح ان انحشار موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية في عنق زجاجة المتغيرات العربية والاقليمية سيطول، وهذا على الأقل ما رشح من مباحثات رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الأخير في عين التينة.
لكن مع ذلك، فإن الرئيس ميقاتي لا يكل ولا يمل، من المتابعة والتواصل، وهو الذي قال بالأمس انه لن يعتذر عن متابعة مهمته الصعبة، ولئن كان غير متعطش للسلطة، الا انه يؤمن بأن «الحركة بركة» ولو بعد حين. وقد نفت أوساط الرئيس نجيب ميقاتي ما تردد عن ابلاغه الرئيس نبيه بري أمس عزمه على اعلان «حكومة أمر واقع وبمن حضر»، وقالت ان هذا الطرح ليس واردا إطلاقا لدى الرئيس المكلف الذي يستكمل اتصالاته. هذه الأوساط تؤكد ان ميقاتي ليس في وارد الاعتذار والتراجع وانه مازال يفضل حكومة من 24 وزيرا. ولكن حكومة تكنوقراط كما حكومة أقطاب ليستا مطروحتين ولا ممكنتين على أرض الواقع السياسي الجديد.
والواقع ان ميقاتي بات محاصرا بشروط تعجيزية من الحلفاء قبل الخصوم، حيث يبدو ان العماد ميشال عون متمسك بمطالبه المرفوضة، أكان لجهة عدد الوزراء الذين يريدهم لكتلته في الحكومة، او لجهة الحقائب الوزارية وعلى رأسها الداخلية، وبديلها وزارة المال وكلتاهما من الوزارات السيادية التي تعطى عادة لمن يحوزون رضا رئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة.
وفد الكونغرس
أما «الخصوم» فقد عكست زيارة وفد الكونغرس الأميركي برئاسة جون ماكين جوانب غير مرئية من تطلعاتهم الى حكومة جديدة لا مكان فيها لحزب الله، تجنبا لتداعيات هذه المشاركة على طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة ولبنان. وفي هذا السياق، تسرب ان عضوي الكونغرس الأميركي (جون ماكين وجوزف ليبرمان) قالا لمسؤول لبناني بارز التقيا به قبل يومين ان القرار الاتهامي سيصدر في وقت ليس بعيدا (على الأرجح في السابع من مارس)، وسيتهم أفرادا من حزب الله باغتيال رفيق الحريري.
وقد ربط ليبرمان وماكين بعد لقائهما الرئيس المكلف بوضوح موقف الادارة الاميركية بمواقف الحكومة من سلاح حزب الله وطريقة تعاطيها مع القرار الاتهامي. وأعرب ماكين وليبرمان في مقابلة تلفزيونية عن عدم رضاهما عن الدور السوري المتناقض مع سيادة لبنان وحريته، واعتبرا ان دمشق تحقق من خلال سيطرة حزب الله وحلفائه على الحكومة سيطرة كبيرة من دون وجود قواتها العسكرية على الأرض.
ميقاتي يستكمل اليوم الشهر الأول على تكليفه بتشكيل الحكومة، وأوساطه تراهن على زيارة يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد الى الرياض للاطمئنان على صحة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث ثمة من يتوقع ان تكون هناك جولة أفق في المتغيرات العربية الطارئة، وضمنها أزمة الحكومة في لبنان، ما قد يسفر عنه احياء معادلة (س ـ س) مرة أخرى.
وللجمود الحاصل في تشكيل الحكومة وجوه أخرى، أبرزها ناجم عن اشكاليتين احداهما سياسية تتصل بالمطالب والحصص لاسيما بالنسبة للعماد ميشال عون، الذي يصر على حجب حصة رئيس الجمهورية من الحكومة، والثانية دستورية، تتمثل في عدم موافقة رئيس الجمهورية على تشكيلة حكومية لا يراها مناسبة.
أوساط ميقاتي نفت ما تردد عن إبلاغه بري عزمه اعلان حكومة أمر واقع وبمن حضر، مشيرة الى ان هذا الطرح ليس واردا اطلاقا لدى الرئيس المكلف الذي يستكمل اتصالاته. وقالت هذه الأوساط ان اي افكار جديدة لم تطرح خلال اليومين الماضيين لتجاوز حال الجمود القائمة مستغربة استمرار المشاورات في الدوران بالحلقة المفرغة، على رغم ان ميقاتي يفعل ما بوسعه لكسرها. ولفتت الأوساط الى ان العقد موجودة في اكثر من مكان، واعتبرت ان النجاح في معالجة احداها يمكن ان ينعكس تلقائيا حلحلة على باقي العقد لأن الامور مترابطة. أما أوساط رئيس المجلس النيابي فقد ابلغت «السفير» بان بري شدد امام ميقاتي على ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة ما يتطلبه ذلك من تكثيف في وتيرة الاتصالات لتحقيق اختراق في جدار العقد القائمة بأسرع وقت ممكن معتبرا انه لا استحالة في تحقيق هذا الامر.
بدوره، الوزير السابق كريم بقرادوني دعا الرئيس ميقاتي الى تشكيل حكومته قبل 14 آذار. وأضاف بعد لقائه العماد ميشال عون في الرابية قائلا: المطلوب حكومة تغيير لا حكومة تقليدية تعمل وفق المفاهيم السابقة.
لا حكومة قبل منتصف مارس
مصادر متابعة عقبت لـ «الأنباء» على كلام بقرادوني بالقول، ان مجمل المعطيات المتوافرة يستبعد تشكيل الحكومة قبل منتصف مارس، وتحديدا قبل مناسبة 14 آذار ذكرى انطلاق ثورة الارز التي تعد لها قوى 14 آذار العدة منذ الآن، ومناسبة صدور القرار الاتهامي بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في هذا التاريخ تقريبا.
من جانبه، شدد سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان غضنفر ركن ابادي اثر زيارته شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن على اهمية زيارة الرئيس بشار الاسد الى المملكة العربية السعودية لاجل خدمة قضايا البلدان الاسلامية والعربية، ونحن ندعم هذا التلاحم الاسلامي ـ العربي لتعزيز العلاقات بين كل هذه البلدان.