بيروت ـ محمد حرفوش
تواصل قوى 14 آذار رفع منسوب معركتها السياسية والإعلامية ضد السلاح، وسط استمرار حالة «ضبط النفس» لدى حزب الله الذي قرر ان يخوض معركته في الساحة التي يختارها هو ولا يفرضها عليه الآخرون، حيث تجاهل حملة 14 آذار ليصوب في المقابل على «الطلبات المشبوهة» للمدعي العام الدولي دانيال بالمار والتي أعادت تحريك ملف المحكمة الدولية وسط تسريبات عن احتمال الإعلان عن القرار الاتهامي قبل مهرجان قوى 14 آذار الأحد المقبل ليكون جزءا من ذخيرتها التعبوية «بحسب مصادر قريبة من الحزب».
خطوط حمر
وتضيف هذه المصادر: لقد درجت العادة في السابق ان يرد حزب الله بقوة على كل من يتناول سلاحه بالسوء والتجريح وكون هذا الموضوع المتصل بمقاومة اسرائيل ينتمي الى فئة «الخطوط الحمر» التي من غير المسموح تجاوزها، أما هذه المرة وبرغم عنف الهجوم الذي تشنه 14 آذار ضد السلاح، فإن الحزب فاجأ الكثيرين بهدوئه الذي لامس حدود التجاهل لكل ما يصدر عن الرئيس سعد الحريري وفريقه.
واشارت المصادر الى انه من دوافع الاسترخاء ان الحزب لا يريد ان يتصرف كما لو ان مسألة المقاومة هذ مسألة شيعية، بل هو حريص على ان تأخذ أبعادها الوطنية اللازمة التي تبدت بوضوح من خلال مبادرة العديد من الشخصيات المسيحية والسنية الى الرد على كلام الحريري ضد السلاح، ما أجهض أي محاولة لإبراز الاصطفاف المذهبي على حساب الاصطفاف الوطني.
وتؤكد المصادر ان أولوية حزب الله في هذه المرحلة هي مواكبة التحولات العميقة والتاريخية الحاصلة في العالم العربي والمحافظة على جهوزيته بمواجهة التهديد الاسرائيلي، اضــافة الى متابعة تشكيل الحكومة الجديدة.
وتقول المصادر ان الحزب مرتاح للانجازات الكبرى التي تحققت من جراء الثورات الشعبية وخصوصا في مصر التي ستكون لمصلحة قوى المقاومة حسب وجهة نظره وإن كان يفضل عدم التسرع بالحكم على النتائج المقبلة، لأن الأمور لم تحسم بشكل نهائي، ولابد من مواكبة التطورات والمتغيرات لمعرفة الى أين ستصل الأوضاع وخصوصا على صعيد تشكيل النظام السياسي الجديد في مصر وموقفه من الصراع العربي – الاسرائيلي ومن المقاومة ومن الوضع في المنطقة.
عقبات تشكيل الحكومة
أما على الصعيد الداخلي، فإن الحزب وكما توضح المصادر يعترف بوجود بعض العقبات على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي وبسبب مطالب بعض الحلفاء والحسابات السياسية التفصيلية، لكنه – أي الحزب – يسعى من أجل تسهيل مهمة الرئيس المكلف وهو يحرص على عدم الزامه بأي مطالب أو مواقف مسبقة تسهيلا لمهمته التي ستنجح عاجلا أو آجلا، وان قيادته مطمئنة الى ان الأمور ستسير نحو الأفضل.
أما على صعيد المحكمة الدولية: فقد اشارت المصادر القريبة من حزب الله الى ان الحزب ينتظر ما سيصدر عنها من قرار اتهامي وإن كان المسؤولون فيه لم يعودوا يشعرون بالقلق الكبير مما سيصدر لأنهم يعتبرون انهم نجحوا في مواجهة المحكمة والتشكيك بما تقوم به من تحقيقات واثبات عدم صدقيتها، وبالتالي سيتعاطون مع كل ما سيصدر وفقا لمضمون القرار وأدلته الثبوتية.
ولا يتخوف الحزب ووفق المصادر إياها، مما ستقوم به قوى 14 آذار من نشاطات واحتفالات وتحركات، لأن هذه القوى حسب وجهة نظر الحزب لم تعد قادرة على إحداث تغييرات جذرية في الواقع اللبناني في المرحلة المقبلة.
في غضون ذلك، بدا واضحا أن حزب الله بدأ يخرج عن صمته حول الحملة التي تشنها قوى 14 آذار على سلاحه، وتقول مصادر في الحزب: «من يرفع شعار «الشعب يريد إسقاط السلاح» لا يقدر خطورته ولا يعرف معناه أو مدى الإساءة التي يسببها لشريحة واسعة من اللبنانيين وللشعب العربي».
وتضيف: «عانينا كثيرا وناضلنا للترفع عن الفتنة المذهبية إلا أنهم يأبون إلا أن يعيدونا إلى الفتنة لمآرب خارجية».