دخلت امس بكركي والكنيسة مرحلة جديدة في تاريخها وانطلقت من الصرح البطريركي عملية انتخاب بطريرك جديد للطائفة المارونية خلفا للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير المستقيل، ومن المتوقع ان يتم الانتخاب في غضون أيام قليلة وألا يتجاوز الاستحقاق الكنسي فترة أسبوع على الأكثر.
آلية الانتخاب تبدأ بإجراءات «عزل» بكركي عن العالم الخارجي وقطع التواصل الهاتفي والمادي بكل أشكاله. ويقوم المطران رولان أبو جودة بصفته مدبرا بطريركيا وأقدم المطارنة سيامة بإدارة جلسات الانتخاب التي ستجري بمعدل جلستين كل يوم، قبل الظهر وبعده. والاقتراع ليس سريا وانما يكتب كل مطران على ورقة اسمه واسم مرشحه للسدة البطريركية وعند انتهاء الاقتراع يتولى المطران أبوجودة وكاهنان يعاونانه إعلان اسم المرشح الفائز بنيله ثلثي الأصوات من دون قراءة اسم المقترع ليبقى عدد الأصوات التي نالها كل «مرشح أو مشروع بطريرك» وعملية الاقتراح برمتها طي كتمان شديد، واذا انحصر التنافس في أكثر من دورة على «مرشحين» تبدأ الانتخابات تدريجا ويستمر من حصلوا على العدد الأكبر من الأصوات في ترشيحهم، وتعاد الكرة حتى تنحصر بمطرانين أو يصار الى الاتفاق على مطران ثالث كما حصل عند انتخاب البطريرك صفير.
وبما ان مجلس المطارنة (الهيئة الناخبة) هو 39 مطرانا، فإن أكثرية الثلثين المطلوبة للفوز هي 26 صوتا، ويمكن تصور هذه «الاحتمالات السيناريوهات»:
ينحصر الاختيار بين مطرانين أو ثلاثة على الأكثر بعد دورات انتخابية قليلة، ويتردد في هذا المجال أسماء المطارنة بولس مطر وأنطوان نبيل العنداري ويوسف بشارة، كون كل واحد ينطلق من قاعدة انتخابية صلبة بين 8 و12 صوتا، مع الإشارة الى ان البطريرك صفير هو الناخب الأكبر وله تأثير واضح في مجرى العملية الانتخابية، ولكن سيكون من الصعب على أي مطران منهم الحصول على ثلثي الأصوات.
في هذه الحال يمكن توقع:
ـ اما حصول تنازلات لمصلحة الأول والمتقدم بين المطارنة.
ـ واما توافق على مرشح ثالث كحل وسط كما حصل عند انتخاب البطريرك صفير الذي طرح انتخابه حلا وسطا بين المطرانين آنذاك يوسف الخوري وابراهيم الحلو.
أما اذا لم يحصل لا هذا (انتخاب الأول في الأصوات) ولا ذاك (التوافق على بطريرك من خارج دائرة المنافسة)، وتعذر بالتالي انتخاب بطريرك جديد، يحصل تدخل من الفاتيكان لتسمية بطريرك، وفي هذه الحال تتغير لائحة المطارنة وتعلو أسهم مطارنة آخرين أولهم المطران بشارة الراعي.
التوافق الانتخابي يمكن ويرجح ان يحصل، ولكن على هامشه وبمعزل عنه، هناك توافق ضمني بين المطارنة على 3 لاءات انتخابية:
ـ لا لاختيار مطران من المطارنة الذين يخدمون في أبرشيات بلاد الانتشار الماروني.
ـ لا لاختيار بطريرك من الرهبانيات، وهو تقليد تاريخي ولا نص قانونيا يحدده.
ـ لا لتدخل الفاتيكان في اختيار البطريرك الماروني، مما يعني محاولة حسم الأمور واختيار خلف لصفير في الجلسات الانتخابية المحددة ضمن المهلة القانونية الكنسية.وربما تضاف «لاء رابعة» هي لا لانتخاب بطريرك من المطارنة المستقلين وعددهم ثمانية.