بيروت ـ عمر حبنجر
غادر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان بيروت، امس، فيما بقي نده الايراني محمد رضا شيباني لاستكمال لقاءاته الواسعة، تاركين اللبنانيين حائرين، في اي اتجاه من الاتجاهين المتعاكسين عليهم التحرك، الاتجاه الاميركي الذي لا يعتبر لبنان اولوية، لكنه قادر على دفعه الى الخلف اكثر، او الاتجاه الايراني الذي يعطي اللبنانيين من طرف اللسان حلاوة، ليصل عبرهم الى الدور الاقليمي الموعود؟
في ظل ذلك تبادر الى الاذهان السؤال التالي: تزامن الزيارتين في آن معا، ألم يكن بالإمكان تجنبه؟
جوابا تقول المصادر المعنية ان الزيارتين تقررتا قبل اسبوعين وفي موعدين مختلفين، لكن تأجيل حضور فيلتمان، ثم تجديده طلب الموعد بعد خطاب الرئيس الأميركي اوباما، جعل من المتعذر على اصحاب المواعيد في لبنان، ايجاد مواعيد خارج اطار اليوم الواحد، ما اوحى بوجود نوع من السباق الاميركي ـ الايراني في لبنان.
وواضح ان فيلتمان جاء ليشرح الرؤية الاميركية لخريطة الطريق التي رسمتها واشنطن للبنان، كجزء من الخريطة الاقليمية التي رسمها الرئيس الاميركي باراك اوباما للمنطقة.
شيباني.. دعوة وتنبيه
اما شيباني فقد كان عنوان زيارته تسليم الرئيس اللبناني ميشال سليمان دعوة الرئيس احمدي نجاد له لحضور مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب يعقد في طهران يومي 25 و26 يونيو وقد اضاف الى الدعوة إبداء وجهة نظره مما يجري في سورية، والذي اعتبره مقدمة لفتنة مذهبية سنية ـ علوية، مقدمة لفتنة مذهبية سنية ـ شيعية، مؤكدا رفض بلاده لذلك، وقد لوحظ ان شيباني حصر لقاءاته، بعد تقديم الدعوة للرئيس سليمان، في شخصيات 8 آذار فضلا عن الرئيس نجيب ميقاتي.
إلى ذلك، شدد شيباني على الاسراع في تشكيل الحكومة من اجل مواكبة التطورات في المنطقة مستنكرا التدخل الخارجي في الشؤون اللبنانية، بإشارة منه الى زيارة فيلتمان، الذي على خلافه، ذكره السفير السوري علي عبدالكريم علي بالاسم.
وإضافة الى العناوين الأساسية لزيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية فقد ابلغ المسؤولين اللبنانيين ما يشبه التحذير من ان مواقف واشنطن من اي حكومة لبنانية يقوم على اساس تركيبتها، وهذا يدفع الى الاستنتاج بأن اشراك حزب الله في الحكومة الجديدة غير مقبول اميركيا.
ويشمل التحذير مضمون البيان الوزاري الذي يهتم به حزب الله اكثر من اهتمامه بالمشاركة المباشرة في الحكومة، خصوصا في الجانب المتعلق بالقرارات الدولية والمحكمة الدولية، والتعاون مع هذه المحكمة قضائيا وماليا ولوجستيا وعلى مختلف الصعد.
وكان اللافت مقاطعة رئيس مجلس النواب نبيه بري للزائر الاميركي، طبقا لما سبق ان اشارت اليه «الأنباء» في وقت استقبل فيه الزائر الايراني مطولا، ومن ثم السفير السوري علي عبدالكريم علي الذي اكد قوة نظام بلاده وحصانته وكأنه اراد اي بري تثبيت انتمائه الى هذا المحور.
غير ان بري عاد واوضح أنه اعتذر عن استقبال فيلتمان شخصيا، بمعنى نه لا موقف سلبيا منه تجاه الولايات المتحدة، علما انه لا فيلتمان ولا السفارة الاميركية تطرقا الى طلب موعد من رئيس مجلس النواب اللبناني.
وبمقدار اهتمام فيلتمان بالإحاطة بكل ما يعني لبنان، جاء من يلفته الى ان غياب ذكر لبنان في الخطاب الاخير للرئيس الأميركي باراك اوباما موقف غير مطمئن. كما لفته بعض من التقاهم بحديثهم المتحفظ ما اضطر البعض الى تذكيره بوثائق ويكيليكس وما كشفت من محاضره المرسلة الى واشنطن يوم كان سفيرا لبلاده في بيروت، والتي حولت السياسيين اللبنانيين من قيادات يعتد بها الى مجرد ثرثارين.
وبالنتيجة يمكن الاستنتاج من زيارة فيلتمان التي انتهت امس السبت وزيارة منافسه الايراني رضا شيباني ان لبنان باق لفترة مفتوحة دون تشكيل حكومة، اضافة الى ان الكباش الاميركي – السوري – الايراني على الطاولة اللبنانية بدأ يكتسب لونا من الخطورة.ولخص بيان صادر من السفارة الأميركية جولة محادثات فيلتمان التي شملت الرؤساء ميشال سليمان، ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة ووليد جنبلاط، الى جانب تصريح إعلامي واحد أكد فيه على النقاط الواردة في البيان. وتضمن البيان ان زيارة فيلتمان هي لنقل رسالة فحواها ان الولايات المتحدة تنظر الى الثورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باعتبارها فرصة تاريخية لتلبية تطلعات شعوب المنطقة بالديموقراطية والازدهار.
ولوحظ تغييب الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لموضوع الحكومة في بيانهما حول المحادثات مع الموفد الأميركي، وتركيزهما فقط على تطورات المنطقة انطلاقا من خطاب الرئيس الأميركي أوباما، علما ان صحيفة «النهار» البيروتية نقلت عن مصادر الرئيسين، ان المسؤول الأميركي فاتحهما في موضوع التأليف، وعلى أساس ان هذا شأن داخلي لبناني، وانه قال: عندما يجري تشكيل الحكومة نعطي رأينا فيها، انطلاقا من بيانها الوزاري، مؤكدا تفضيله حكومة وحدة وطنية كما أبلغ الرئيس ميقاتي.
الدخول الفرنسي على الخط
وفي هذا السياق سجل دخول فرنسي مباشر على خط الأزمة الحكومية في لبنان عبر زيارة نائب مدير ادارة مصر والمشرق في الخارجية الفرنسية الكسي لوكور غراندميزون، الذي أجرى في اليومين الماضيين لقاءات مع شخصيات لبنانية في مقر السفارة الفرنسية، أبرزها لقاء مع وفد من حزب الله ضم النائبين علي فياض ونوار الساحلي، ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي بحضور السفير الفرنسي دنيس ياتون، حيث حرص الموفد الفرنسي على الاستماع الى وجهة نظر الحزب من التطورات، خصوصا حول تشكيل الحكومة والوضع في سورية.
وعلى خط فرنسي آخر وصل ناذئب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران الى بيروت أمس، وتستمر زيارته حتى مساء غد الاثنين، وفي جدول مواعيده لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي اليوم الأحد، الى جانب جولة على المسؤولين.