هدأت عاصفة الاتصالات وانفرجت الامور على الطريقة اللبنانية، حيث الكل راض وبنسب متفاوتة.فقد تسلم الجيش الامن في محيط مبنى مركز التخابر الدولي في منطقة العدلية وشملت مسؤوليته الطبقة الثانية من المبنى حيث توجد الشبكة الثالثة، التي ضاقت بها عينا الوزير شربل نحاس، وانسحبت معلومات قوى الامن الداخلي من هذه الطبقة وتوجهت الى الطبقتين السابعة والثامنة، حيث كانت تتواجد اصلا.وزيادة في الود المتجدد سلم الوزير نحاس «داتا» الاتصالات الهاتفية المحتجزة منذ شهر الى جهاز المعلومات، الذي كان يلح بطلبها منذ عملية خطف الاستونيين السبعة في البقاع وما تلاها من اغتيال لأحد رتباء «المعلومات» اثناء مطاردة الخاطفين، ما اعتبرته قوى الامن الداخلي في حينه محاولة مريبة للتستر على مكان وجود الخاطفين والمخطوفين خارج الاراضي اللبنانية او داخلها.
وبمقتضى التفاهم الحاصل يمكن القول ان الجلسة التي حددها العماد ميشال عون لكتلته النيابية بعد ظهر اليوم الاحد، سبقتها الحلول، وبالتالي باتت لزوم ما لا يلزم.وكشفت مصادر لـ «الأنباء» ان العماد عون واجه ضغطا من جانب اعضاء كتلته النيابية المتحمسة للتظاهر والاعتصام حول مبنى الاتصالات الذي حال جهاز «المعلومات» دون دخول زميلهم الوزير شربل نحاس ومن معه من الفنيين اليه، وجرت اتصالات مع قواعد «التيار الوطني الحر» من اجل الحشد تمهيدا لاقتحام المكان، يتقدمهم العماد عون شخصيا، لكن لم تلبث ان هدأت الأعصاب وبردت الرؤوس، اثر اتصال من جانب حزب الله، طلب فيه من العماد عون اعطاء فرصة 48 ساعة للاتصالات التي يتولاها الرئيس ميشال سليمان، وعلى هذا الأساس حدد عون الاجتماع التالي لكتلته عصر اليوم الاحد.
ويبدو ان التفجير الذي استهدف الآلية العسكرية للكتيبة الايطالية التابعة للقوات الدولية على المدخل الشمالي لمدينة صيدا عصر الجمعة ساهم في تسريع التفاهم حول الشبكة الخليوية تبعا لتقديم الاهم على المهم.
اللواء اشرف ريفي وصف ما حصل بأنه تسوية مرضية، لا بل ممتازة وان ما جرى كان بمثابة الاضاءة على معدات هاتفية يجب الحفاظ عليها وفق القانون، مؤكدا ان قوى الامن والجيش جسم واحد.
وكشف اللواء ريفي ان وزير الاتصالات شربل نحاس ارسل جزءا من مجموعة الداتا التي احتجزها طوال شهر كامل املا ان تكون هذه البداية في التعامل الصحيح، والجميع يشعر بأن المرحلة تتطلب التعالي والعمل بكل الجهود الممكنة لحماية الناس والوطن.
وحول مطالبة العماد عون بإحالة اللواء ريفي الى القضاء وكف يده، قالت المصادر المتابعة ان الإحالة على القضاء، عسكريا كان أو مدنيا يجب ان تقترن بوجود جرم جزائي، وما حصل في عملية منع موظفي الوزير نحاس من تفكيك الشبكة الخليوية الثالثة لا يقع في هذه الخانة، الا اذا كان منع الاستيلاء على ممتلكات الدولة يشكل جرما بالنسبة للمانع، الا ان هذا الملف اصبح في الواقع بين يدي النائب العام التمييزي سعيد ميرزا وهو صاحب القرار بشأنه.
كان اللواء ريفي تحادث مع العماد جان قهوجي حول التسوية المعتمدة لموضوع الشبكة الثالثة، مؤكدا ثقته بأن الجيش وقوى الأمن جسم واحد، وهدف واحد وهو حماية الوطن ومؤسسات الدولة. وقالت المصادر المتابعة ان ما قامت به قوى الأمن الداخلي بناء على أوامر مديرها العام، قد تم في اطار المحافظة على مؤسسة عامة والمحافظة على موجوداتها، كما أقرها مجلس الوزراء في وقت سابق، وبناء على طلب الوزارة المعنية في حينه.
من جهته أكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال شربل نحاس أن الامور في الوزارة عادت الى طبيعتها، موضحا أنه «تم قمع التمرد بالكامل بعد تدخل الجيش».وشدد نحاس في حديث لـ «nbn»، على «ضرورة معاقبة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، لافتا الى ان ما قام به ريفي «جرم جديد لخلق حركة انقلابية».وأشار نحاس الى أن «المسؤولية في حادثة وزارة الاتصالات تقع على عاتق مدير عام «أوجيرو» عبدالمنعم يوسف أيضا، بسبب توجيهه كتابا يتضمن تحريف يطلب فيه من القوى الامنية التدخل في وزارة من المفترض ان المسؤول عنها هو الوزير.
وشدد نحاس على ضرورة «كف يد ريفي واحالته الى المحكمة العسكرية، لأن تماديه اصبح مثبتا بالمشاهدة وأصبحت تصرفات فرع المعلومات تذكر بأفلام الميليشيات أثناء الحرب».
وكشفت المصادر ان الوزير نحاس استغل فرصة غياب المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبدالمنعم يوسف في فرنسا بإجازة مرضية لمدة 72 ساعة بهدف اجراء جراحة معينة فتوجه الى مبنى «سنترال العدلية» حيث توجد الشبكة الثالثة، بيد ان يوسف كان قد أبلغ الرئيس سليمان يوم الاثنين الماضي بالوضع السائد في الوزارة تخوفا من اجراء ما قد يقدم عليه نحاس، كتفكيك معدات الشبكة.
بدوره، نفى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة حق الوزير شربل نحاس في التصرف بالشبكة الخليوية الثالثة دون العودة الى مجلس الوزراء.
وأضاف: عندما يؤخذ اي قرار على مستوى مجلس الوزراء لا يعود لأي وزير ان يغير في القرار بل يجب ان يعود الى الجهة التي قررت في هذا الشأن وهي مجلس الوزراء.وتابع يقول: لقد طلب الوزير نحاس من هيئة «أوجيرو» تفكيك الشبكة، لكن «أوجيرو» المؤتمنة على المعدات والتجهيزات بحسب قرار مجلس الوزراء امتنعت عن التنفيذ، وطلب مديرها العام الى القوى الأمنية المحافظة على هذه الموجودات الى ان يبت مجلس الوزراء بشأنها.