بيروت ـ زينة طبارة
رأى عضو كتلة «لبنان الحر والموحد» النائب سليم كرم أن عزم البطريرك الراعي على جمع القيادات المارونية في بكركي، بدأ يسبغ نتائجه الايجابية على العلاقات فيما بينها، وذلك بعد انقطاع طويل دون وجود من يجمعها قبله ويعاود صياغة العائلة المارونية على كلمة سواء، مؤكدا ان البطريرك الراعي مصر، مشكورا، على مواصلة رحلته في عودة اللحمة الى العلاقات بين القادة الموارنة على قاعدة الشركة في الوطن والمحبة في التواصل، مشيرا الى أن الحلة الجديدة التي ظهرت في توجهات بكركي اثر انتخاب البطريرك الراعي على رأس الكنيسة المارونية، تبعث على الاطمئنان الى مستقبل المسيحيين ليس في لبنان وحسب إنما أيضا في المشرق العربي ككل، مشيرا الى أنه وحتى على مستوى القواعد الشعبية بدأت هذه الاخيرة التي ترى في دعوات البطريرك الراعي المدماك الاساسي لإعادة بناء الثقة بين الزعماء الموارنة والأمل، في إنهاء الخلافات التي سادت المنطقة الشمالية طيلة السنين المنصرمة سواء بين «المردة» و«القوات اللبنانية» أو بين العائلات السياسية على أنواعها.
وردا على سؤال حول صحة ما يتسرب عبر بعض القنوات السياسية عن تناغم خجول بدأت تدب حرارته على خط بنشعي ـ معراب، لفت النائب كرم في تصريح لـ «الأنباء» الى أن المسيحيين وتحديدا الموارنة الشماليين منهم، بدأوا يلمسون التغيير في الاجواء الشمالية، وذلك من خلال تدني وتيرة التشنجات، لاسيما على مستوى القواعد الشعبية والعائلات السياسية، معتبرا بالتالي أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تناغم على خط بنشعي ـ معراب انما ما هو مؤكد أن لغة الاصغاء بدأت تسود بين الزعماء الموارنة على قاعدة ان الاختلاف السياسي مسموح به شرط ألا يعرض المجتمع المسيحي للخطر ويكون سببا في عودة التشنج الى الشارع وإراقة الدماء على غرار ما كان سائدا قبل تولي البطريرك الراعي سدة بكركي.
ولفت النائب كرم الى أن ما هو مطلوب من القادة الموارنة في موازاة الحركة البطريركية هو الاستمرار في وقف الحملات الاعلامية، ولو ان احدى القيادات تجاوزت أخيرا هذا التوافق عبر كيلها التهم للرابية جراء التطورات الاخيرة على مستوى حادثة مبنى التخابر الدولي، متمنيا على الجميع دون استثناء التسليم بما يحاول البطريرك الراعي ترسيخه على الساحة المسيحية المارونية آملا في اعادة صياغة جديدة لكيفية التعاطي مع الاختلاف السياسي دون أن يؤول ذلك الى نشوب الصراعات التي لن تؤدي الى تغلب فريق على آخر، معتبرا بالتالي انه كما تلتقي القيادات غير المسيحية على مختلف انتماءاتها وتوجهاتها السياسية تحت عباءة رؤساء طوائفها، على القيادات المسيحية وتحديدا المارونية الالتقاء تحت لواء بكركي، لاسيما أنها بدأت مع انتخاب الراعي ترسم في الأفق إشارات عودة المجتمع المسيحي الى غابر عهده قبل وقوع الانقسامات السياسية التي أدت الى انقسامات شعبية هي الاخطر على الساحة المسيحية.
مع تعديل الطائف
وعن دعوة البطريرك الراعي لتعديل اتفاق الطائف، لفت النائب كرم الى أن هذه الدعوة في مكانها الصحيح سواء على المستوى السياسي أو على مستوى التوازن بين الرئاسات الثلاث، بمعنى آخر يعتبر النائب كرم ان طرح البطريرك الراعي صوب على الحلقة الأضعف لدى المسيحيين التي آلت الى تدني مستوى أدائهم السياسي ألا وهي فقدان رئاسة الجمهورية مجمل صلاحياتها التي كانت ضابط ايقاع لكل خلاف سياسي ينشب في البلاد، مشيرا على سبيل المثال الى أن ما يحصل اليوم على مستوى تأليف الحكومة وغيرها من الامور التي أحدثت فوضى في البلاد، يُظهر رئيس الجمهورية متفرجا وغير قادر على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تدهور الأمور بشكلها الدراماتيكي الحالي، متسائلا عمن يستطيع الفصل في النزاعات القائمة على مستوى المؤسسات الدستورية في ظل عدم امتلاك رئاسة الجمهورية آليات دستورية للحسم خصوصا مع وجود حكومة تصريف أعمال لا قدرة لها على الحل والربط، وفي ظل عدم وجود ضوابط زمنية للرئيس المكلف لتشكيل حكومته وأيضا في ظل الجدل القائم حول دستورية انعقاد المجلس النيابي تزامنا مع الفراغ الحكومي، معتبرا ان ما سبق يستدعي لإنهائه قرارا رئاسيا يعيد تصويب الأمور وتقويم اعوجاجها عبر صلاحيات رئاسية تضبط ايقاع الخلافات.
استغراب مواقف جنبلاط
وعلى مستوى آخر، وعن قراءته لمواقف رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الاخيرة التي اتهم فيها قوى الاكثرية الجديدة بإعاقة تشكيل الحكومة، وأعلن من خلالها أنه لن يستطيع مواصلة الطريق معها في ظل مسارها الحالي، أعرب النائب كرم عن عدم استغرابه ما ورد في تصريحات النائب جنبلاط الاخيرة، خصوصا أن الجميع يعلم مدى سرعته في تبديل مواقفه وانتقاله من ضفة الى أخرى وفقا لما ترصده راداراته المحلية والخارجية، متسائلا ما إذا كانت نبرة تصريحات النائب جنبلاط الاخيرة ضد الاكثرية الجديدة ناتجة عن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير جفري فلتمان الى لبنان وما حمله هذا الأخير من آراء وأفكار حثت النائب جنبلاط على اتخاذ مواقفه المشار اليها، معترفا من جهة أخرى بانه وبغض النظر عن أسباب تصريحات النائب جنبلاط وأبعادها، فإن الاكثرية الجديدة تتحمل مسؤولية كبيرة حيال عدم التوصل الى تأليف حكومة رغم مرور ما يقارب الخمسة أشهر على التكليف، وذلك لاعتباره ان الاكثرية الجديدة أقدمت على تسمية الرئيس ميقاتي دون أن تكون لها خريطة طريق واضحة لما بعد التكليف.