- الأسد والعلويون يحاربون من أجل البقاء فإذا خسروا الحرب خسروا وجودهم
بيروت ـ اتحاد درويش
رأى رئيس جامعة الحكمة الأب كميل مبارك اننا اليوم في زمن ما قبل الطوفان وان دم الأبرياء الذي يسقط في العراق وفلسطين وسورية وفي مناطق اخرى من الشرق الاوسط هو فتيل لغضب الله، معتبرا الضحايا التي تقتل في الحروب وعلى الجبهات، ضحايا من اجل الدفاع عن أمر معين، أما الأبرياء الذين يعيشون بسلام فبأي حق يقتلون؟، ورأى ان المسؤول عن هذه الجرائم التي توصف احيانا بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ليس من يفعلها فقط بل المسؤول هو صمت العالم وصمت الأمم المتحدة التي من واجبها حماية أمن الناس، مؤكدا ان واجب المنظمات الدولية تدعي انها تسهر على حقوق الناس فلماذا تغفو حينا وتصحو حينا آخر؟، معتبرا ان هذه المنظمات مسيسة او مشاركة في المشروع العام الذي بشرنا به الاميركيون مع كونداليزا رايس، اي المخاض العسير الذي سيؤلد الشرق الاوسط الجديد، لافتا الى ان هذا الشرق أجهض ولن يعيش لان ما بني على الشر لابد ان ينتهي وينتصر الخير.
ورأى الأب مبارك في تصريح لـ«الأنباء» ان الموجة التكفيرية التي تمارس تحقيق اهدافها بقوة السلاح قد تصل الى الهدف لكنها لن تصل الى كل الاهداف، مشيرا الى ان المسيحيين في الموصل قد يتركون ارضهم لمدة من الزمن تستمر لأشهر وسنوات قليلة لكنها ستعود الى أهلها الاصليين، مشيرا الى ان التضامن مع المسيحيين في الموصل اتى من المسلمين اكثر مما اتى من دول الغرب المتهمة بأنها مسيحية، ورأى ان تضامن المسلمين مع المسيحيين هو رفض لكل مذاهب التكفير ومدارسه، ويؤكد ان المرحلة لن تطول وسيعود الوعي الى المجتمعات التي يهجر منها المسيحيون الذين سيعودون الى اوطانهم، مشددا على ان حياة الانسان هي التي يؤسف عليها، لا على الحجارة والتراب لاننا نرى في الانسان مهما كان دينه اخا لنا في الانسانية كما يقول المسلمون انفسهم هو اخوة لكم في الانسانية، اذا لم يكونوا اخوة لكم في الدين، معتبرا ان هذه الاخوة سقطت في زمن التكفير ومتى سقطت الاخوة عن المسيحيين سقطت ايضا عن بعض المسلمين الآخرين وسقطت عن كل دول المنطقة، ورأى ان السيناريو الذي سيكون بعد رحيل المسيحيين عن هذه المنطقة هو تقاتل المسلمين مع بعضهم البعض لآلاف السنين وسيتقاتل المسلمون بالاشتراك مع بعضهم البعض ضد اليهود الصهاينة الاسرائيليين، مشيرا الى ان الفوضى ستعم جميع المنطقة وسنعيش مرحلة ما قبل الطوفان.
وأشار الأب مبارك الى المجتمعات التي تتخبط اليوم في دماء الثورات والانتفاضات ومطالب الحرية والحقوق وكأنها مطية لاهداف اخرى وهي تحقيق دويلات عنصرية وبشكل خاص العنصرية الدينية، لافتا الى ان تحقيق هذه الدويلات العنصرية يدعم دعما كاملا ومطلقا وجود دولة اسرائيل اليهودية التي طالما قال الحكام فيها انها دولة يهودية، مشيرا الى ان الفاعلين يأتون اليوم بتصفية عرقية او مذهبية للمجتمعات التي يحلمون بتأسيسها على منهج معين، ويؤكدون لدولة اسرائيل انها ليست الدولة العنصرية الوحيدة في هذه المنطقة، مشيرا الى وصول اسرائيل الى اهدافها عبر اقتتال العرب بعضهم ببعض، واعتبر ان طبيعة الدولة العنصرية هي رفض الآخر المختلف في العادات والثقافة والدين.
ولفت مبارك الى ان المسيحيين في سورية اتهموا بأنهم مع النظام والواقع انهم يطلبون منه الحماية ولا يطلبون ان يكونوا معه او ضده، مؤكدا ان هذه المسألة جعلت اكثر من 300 ألف مسيحي يتركون سورية اما الى الدول القريبة مثل الاردن ولبنان واما الى الهجرة البعيدة كما ترك غيرهم من المسلمين،ورأى ان الحرب في سورية مختلفة عن حرب العراق، مشيرا الى ان الاسد والعلويين يحاربون من اجل البقاء فإذا خسروا الحرب خسروا وجودهم، بينما المعارضة تحارب من اجل الوصول الى السلطة، ورأى ان من يحارب في العراق من اجل الوصول الى السلطة قد يخسر أو يربح ويبقى، اما من يحارب من اجل البقاء فلابد ان يستنفد كل القوى من اجل الحفاظ على نفسه وعلى عشيرته وقبيلته، واشار الى ان الحرب في سورية ليست مذهبية، اما في العراق فهي مذهبية بامتياز، والسنة والشيعة على حد السيف أما المسيحيون فكأنهم فرق عملة، معتبرا ان التقسيم في العراق بات امرا واقعا حيث الكيانات الطائفية باتت موجودة.
واكد الاب مبارك ان احدى خطايا المجتمع الدولي واخطاء الغرب غير المغفورة هي الطلب الى المسيحيين في هذا المشرق ان يهجروا ويأتوا الى فرنسا او غيرها من الدول، مشيرا الى تسهيل تهجير او هجرة المسيحيين التي ينظر اليها من الوجهة الانسانية والديمقراطية، معتبرا ان هذا الامر مشاركة في المؤامرة التي لا تعني فقط قوة السلاح بل ان هذا النوع من الاستقبال للمسيحيين هو ضعف من نوع سياسي واخلاقي وديبلوماسي، معتبرا ان ذلك لا يساهم فقط في تهجير المسيحيين الذين تركوا بلادهم وارضهم بل يساهم ايضا في استقبال الذين لم يقرروا بعد ان يتركوا.
وأشار الأب مبارك الى ان الكنيسة لا تدخل الحروب بجيوش وبقوة مسلحة، مشيرا الى انها تعمل ديبلوماسيا وتتدخل مع المجتمع الدولي واكد ان وزارة الخارجية في الفاتيكان تقوم بالاتصالات وبما يجب ان تقوم به من اجل توضيح بعض الامور واتخاذ اوامر صارمة خاصة في الأمم المتحدة لجهة ما يتعرض له المسيحيون، موضحا ان هذه الديبلوماسية اذ جوبهت بديبلوماسية معاكسة لا تصل الى مبتغاها بالسرعة المطلوبة، مؤكدا ان الاتصالات قائمة وان الكنيسة لا تعلن ولا تدخل الاعلام في اتصالاتها وتجري ديبلوماسيتها ولا تظهر ما تفعله علنا وهي تعمل ما ترى ان بإمكانها فعله.