- فرنجية يحذّر من الوصول إلى الانفجار الكبير بأقصر الطرق
- بري يدعو في ذكرى الصدر لحوار تشاوري
- ومصدر في 14 آذار يُذكّر باتفاق الدوحة الذي يحصر إدارة الحوار برئيس الجمهورية
بيروت ـ عمر حبنجر
أمهل الحراك الشعبي الذي غصت بمتظاهريه ساحة الشهداء في وسط بيروت اول من امس الحكومة لتنفيذ مطالبه حتى مساء الغد، والا فعليها مواجهة تظاهرة اشد كثافة وفاعلية.
ويطالب المتظاهرون بمحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية اطلاق قوى الامن النار على المتظاهرين السبت قبل الماضي وبتحميل وزير البيئة محمد المشنوق مسؤوليته في ازمة النفايات، كما اضيف انتخاب رئيس الجمهورية الى المطالب لاحقا.
وبينما اعلن الوزير نهاد المشنوق انه فتح تحقيقا بموضوع اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، ستعلن نتائجه الاربعاء المقبل.
وبموازاة الحشود التي تظاهرت سلميا في ساحة الشهداء، سجلت اعمال شغب في ساحة رياض الصلح التي تحول اليها متظاهرو حملة «بدنا نحاسب» قرابة الثامنة مساء، حيث اصرت عناصر خلعت قمصانها القطنية وجعلت منها اقنعة تخفي شخصيتها على احداث الشغب، وراحت ترشق قوى الامن المتمركزة خلف عدة صفوف من الاسلاك الشائكة المحيطة بالسراي الكبير بما تيسر لها من حجارة وقطع زجاج ومفرقعات وقوارير مياه و«قنابل مولوتوف» حتى توصلوا الى اختراق خط الدفاع الاول على مرأى من الامنيين ومن المتظاهرين الآخرين الذين تحولوا الى متفرجين.
واستمر الوضع على هذه الصورة رغم محاولات بعض المنظمين سحب العناصر المشاغبة المتفق على وصفهم بـ «المندسين» حتى اصيب احد رجال الامن المجهدين والمتعبين بحجر في الرأس.
وبعد ساعتين من الاستفزازات والتحرشات تحركت مجموعات «مكافحة الشغب» نحو الساعة 11 ليلا، ومع تحركها اختفى المشاغبون بين الجموع لكن قوى الامن استطاعت القبض على عدد منهم بالجرم المشهود.
ولم يظهر في الحشد سوى العلم اللبناني، في حين رفعت عدة شعارات وصور تندد بالنظام القائم وتكرر مطالبها، محاطا بشعارات ويافطات تندد بـ «الطبقة السياسية الفاسدة» وتصف النواب بـ «128 مندسا» ولم توفر الرئيس نبيه بري او سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وظهرت صور للزعماء المزعوم فسادهم، وبينها صورة للسيد حسن نصرالله اثارت ازمة، وتبين ان الحزب عمل على سحبها، واعتبر احد القريبين من الحزب ان السيد نصرالله فوق المسؤولية، واذا كان من مسؤولية على الحزب فيتحملها وزراؤه في الحكومة!
وتضمنت احدى اليافطات القول: «ريحة فسادكم وصلت الى المريخ» و«اوقفوا المحاصصة وعالجوا الزبالة».
وتناولت بعض اليافطات العماد ميشال عون دون تسميته كقول احداها: «واحد قال بالامس سرقوا شعاراتي.. وهو لاحق اصهاره».
وفي اخرى: «لا للزعماء الذين يتلطون وراء طوائفهم وليس وطنيتهم».
مصادر سياسية متابعة قالت لـ «الأنباء»: ان الحراك الشعبي الراهن هو ضد الطبقة السياسية الحاكمة برمتها، وان غاية هذا الحراك استدراج الحلول الخارجية التي وحدها تستطيع اخراج لبنان من ثلاجة الاستراتيجية الايرانية التي تفرض عليه هذا الجمود السياسي القاتل.
وردا على سؤال حول مصدر تمويل هذا الحراك الكبير والمكلف، قالت المصادر: ان ما لديها من معطيات توحي بأن مجموعة من المتمولين اللبنانيين تدعم هذا التحرك بقصد فرض الملف اللبناني على اولويات الدول المعنية، ما يعجل بإخراج لبنان من دوامة الجمود والشلل السياسي والاقتصادي المدمر.
أصداء التظاهرات البيروتية بلغت واشنطن ولندن وبروكسل وكندا ونيويورك، حيث قام مغتربون لبنانيون بتظاهرات رمزية امام السفارات اللبنانية.
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية غرد على «تويتر» معربا عن خشيته من الوصول الى الانفجار الكبير بأقصر الطرق، قائلا: حمى الله لبنان.
اما الوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون، فقد اعتبر ان المتظاهرين طالبوا بإسقاط نظام الميليشيات التي فرضتها ايران على لبنان وليس النظام اللبناني هو المقصود.
في غضون ذلك، اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في احتفال حاشد في النبطية امس الدعوة الى طاولة تشاور بين الاطراف السياسية مرفقة بخارطة حل للازمة اللبنانية تركز على القضايا الساخنة من انتخاب رئيس للجمهورية الى الحكومة فقانون الانتخابات فالانتخابات التشريعية.
وتقول مصادر رئاسة المجلس: ان بري حصل على دعم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل لفكرته وكذلك على موافقة بعض نواب تكتل التغيير والاصلاح، فيما قال العماد عون في مؤتمره الصحافي الاخير انه يرحب بكل دعوة للحوار.
مصادر في 14 آذار استحضرت لـ «الأنباء» اتفاق الدوحة الشهير الذي اثمر انتخاب الرئيس ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية وفيه توافق الجميع على ان تعقد طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية، ولم يقولوا برئاسة رئيس مجلس النواب، علما ان الرئيس بري كان ترأس جلسات حوارية دعا اليه عام 2006.
وقالت المصادر: ان حقوق المسيحيين التي يرفع شعارها العماد عون تكون برئاسة الجمهورية لطاولة الحوار.
على ان مصادر أخرى اعتبرت في الصيغة الحوارية المطروحة المزيد من اللعب في الوقت الاقليمي الضائع، لأن حوارا لبنانيا دون رعاية خارجية لن يكتب له النجاح، فحوار الطائف تم برعاية عربية ودولية، ومثله حوار الدوحة، اما حوار تيار المستقبل مع حزب الله في مقر رئاسة مجلس النواب فقد عقد 17 جلسة حتى الآن بلا طائل.
الى ذلك، تنعقد القمة الروحية الاسلامية ـ المسيحية في بكركي اليوم بناء على دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، وتم إعداد البيان الختامي الذي سيتضمن إشارة الى ذكرى تغيب الامام الصدر، فضلا عن الدعوة الى تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، مع وجوب استمرار الحكومة مادام هناك فراغ رئاسي، وأخيرا تبني مطالب الحراك الشعبي والتنديد بالعناصر المندسة على التظاهرة.
أيادٍ خفية تدفع لبنان نحو الفوضى
بيروت ـ د.ناصر زيدان
بصرف النظر عن أحقية بعض المطالب التي حملها المعترضون على الإخفاق الحكومي في معالجة ملف النفايات، ومهما كانت الوجهة التي ستسير فيها الأمور بعد التحركات التي حصلت في بيروت وسادها شغب مخيف، تتساءل أوساط سياسية مراقبة عن الخفايا التي تقف وراء جزء من هذه التحركات، والتي وصلت إلى حد اثارة الفوضى، بعد أن انخرط في موجة الاعتراض خليط غريب عجيب من القوى السياسية والحزبية، وبعض من المجموعات المعروفة بصداقاتها مع سفارات أجنبية، ومع شركات تجارية لها مصالح مالية مرتبطة بملف النفايات.
الأوساط المحايدة ذاتها، تتساءل: لماذا لم تتحرك هذه المجموعات اعتراضا على الكارثة التي يعاني منها المواطنون من جراء انقطاع التيار الكهربائي.
ولماذا لم تواكب أغلبية هذه المجموعات - التي ظهرت فجأة - حملة سلامة الغذاء التي كانت بمنزلة الثورة على الفساد الذي كان يعشعش في القطاع الصحي على مدى سنوات.
والحملة انجاز يسجل لحكومة الرئيس تمام سلام برمتها وليس لوزير الصحة فقط.
والاسئلة تتزايد على خلفية اندفاعة الشغب التي حصلت في وسط بيروت الأسبوع الماضي للمطالبة باسقاط الحكومة.
فلماذا لا يذهب هؤلاء للتظاهر امام منازل النواب الذين يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لأن انتخاب رئيس جديد يؤدي فورا إلى اسقاط الحكومة.
ولماذا لا يذهب هؤلاء النشطاء ايضا، الى التظاهر امام منازل الوزراء الذين يعطلون عمل الحكومة، وبالتالي ساهموا بتعطيل خطة الحل النهائي لمسألة النفايات.
علما ان فترة السماح التي أعطيت للحكومة من قبل القيادات السياسية والفعاليات البلدية المؤثرة حول مطمر الناعمة، تم استهلاكها بتعطيل جلسات الحكومة منذ بداية العام 2015 حتى 17 يوليو.
وتسترسل الأوساط السياسية المحايدة في التساؤلات، قائلة: ما الهدف المخفي وراء مهاجمة السرايا الحكومية، واستطرادا، وسط بيروت؟ علما أن الرئيس تمام سلام ابدى كل تجاوب مع المطالب المحقة، وطلب من لجنة من المعتصمين مقابلته، لكنهم رفضوا، مما اوحى كأن بعض التحركات هي بمنزلة استكمال لما قام به التيار الوطني الحر بداية الشهر، ويحمل بعض القائمين فيها امتعاضا قديما من شركة «سوليدير»، علما أن الضائقة التي يشكو منها اللبنانيون، ناتجة عن تراكم اهمال وتعطيل لمؤسسات الدولة منذ سنوات، كما أن جزءا منها ناتج عن الضغوطات الأمنية والاقتصادية من جراء الاحداث الحاصلة في سورية والعراق، وتدخلات بعض الأطراف اللبنانيين في هذه الأحداث.
واستغربت الاوساط محاولات كسر هيبة الجيش وقوى الأمن الداخلي، واستفزاز عناصرهم، وبالتالي اجبارهم على الرد على هذه التحرشات، واستغلال الامر لرفع الصوت.
قد يكون مبكرا الحكم النهائي على ما يجري، لكن المؤكد أن هناك ايادي خفية تعمل على اسقاط الدولة، وليس فقط اسقاط الحكومة، ولهؤلاء اهداف شخصية، أو عقائدية، تتعارض مع مصالح الأغلبية الساحقة من اللبنانيين.
كما أن المؤكد ايضا أن هناك مطالب شعبية محقة يجب تلبيتها قبل فوات الأوان.