- الفوضى الخلاقة حولت الربيع العربي إلى جحيم
بيروت ـ عمر حبنجر وداود رمال
أبلغ الرئيس ميشال عون رؤساء البعثات الديبلوماسية في لبنان امس عزمه تأمين الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وحماية سيادة الدولة وصيانة الوحدة الوطنية ومنع استيراد الفتن الى الساحة الداخلية.
وتطرق الرئيس عون في خطابه في اللقاء السنوي مع السفراء بمناسبة السنة الجديدة الى قانون الانتخابات الذي يشغل الوسط السياسي اللبناني منذ بضعة أشهر، مؤكدا وجوب تشريع قانون جديد، غير القانون الساري المفعول، معتبرا أن تخويف بعض القوى من القانون النسبي، هو في غير محله، لأن النسبية تؤمن صحة التمثيل.
وأضاف: قد يخسر البعض بعض مقاعده لكننا نربح جميعا استقرار الوطن.
الرئيس عون تناول قضية النزوح من سورية والى حاجة لبنان الى مساعدة الدول لمواجهة تداعيات موجات النزوح، وطالب المجتمع الدولي بتأييد مطلب لبنان برفض أي فكرة لإدماج النازحين في المجتمعات المستضيفة ومنها لبنان، وتأمين عودتهم الآمنة الى دولهم.
وقال إن الكثافة السكانية في لبنان أساسا مرتفعة، وكانت بمعدل 400 شخص بالكيلومتر المربع الواحد، وقد صارت اليوم 600. وبات ربع شباب لبنان عاطلا عن العمل، وان تداعيات النزوح الكثيف غير المسبوق في التاريخ المعاصر تهدد جميع الأوطان واستقرارها، وطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بخصوصية لبنان ورفض أي اندماج فيه.
وأعلن عون ترحيب لبنان بأي مبادرة تؤدي الى حل سلمي في سورية، وان تأتي جميع المبادرات في سياق واحد.
وأضاف أن السياسات الدولية هي التي أوصلت الوضع في الشرق الأوسط الى ما هو عليه، وإطفاء الحرائق صار حاجة عملية ومصلحة لأن النيران بدأت تحرق أصابع من اصطنعها.
وسأل عن الأمم المتحدة ودورها، وتطرق الى القضية الفلسطينية، وقال: لقد قسمت فلسطين بقرار دولي من الأمم المتحدة يحمل رقم 181 الى قسمين: قسم لليهود وآخر للعرب، لكن الإسرائيليين لم يكتفوا بذلك بل طمعوا بالجزء العربي ايضا وطردوا الفلسطينيين منه بعد حرب تطهير عرقي، لقد اعتمد الفلسطينيون في حينه اللاعنف، لكن اللاعنف ووجه بعنف مفرط من الجهة المقابلة وبغض النظر يصل الى حد التشجيع من الجهات المراقبة فانفجر في النهاية عنفا دمويا لا ينتهي.
وتابع: المؤسسات الدولية لا تأخذ قرارا ملزما لإسرائيل بإعادة الأرض للفلسطينيين، ولماذا لايزال الإسرائيليون يسلبون ارض الفلسطينيين حتى اليوم ويهدمون منازلهم ويحرقون بساتينهم لبناء المستوطنات، فيما اسرائيل تستغل انشغال العالم بأزمات المنطقة وفشل جهود السلام من اجل التمادي في سلب حقوق الفلسطينيين والتعدي على الجيران.
وانتقل عون الى الحديث عن الفوضى الخلاقة، في منطقتنا، حيث اشتعلت الحروب الداخلية، تحت عنوان الربيع العربي، هل يكون الربيع بتهديم الحضارات والكنائس والمساجد ودور العبادة وتحطيم الآثار؟ هل يكون بذبح الأبرياء وتدمير المدن، هذا يا سادة جحيم العرب وليس ربيعهم.
ما الذي أنتجته تلك الفوضى الخلاقة غير الحقد والكراهية والآلام والضحايا؟ ومتى كانت الفوضى خلاقة؟ وأين شرعية حقوق الإنسان، أسأل الدول التي تتجاهل حقوقا لا تتذكرها إلا وفق مصالحها. تلك الدول التي تسمي إرهابا كل ما يمس بأمنها وتسمي ثورة كل إرهاب يخدم مصالحها.
وأضاف: يخطئ من يظن ان باستطاعة دولة ما ان تبقى خارج دائرة الأزمات العالمية وان تحجز لنفسها مكان المتفرج، فإما ان ننجو جميعا بفضل التعاون والحوار او ان نذهب جميعا ضحية ما يحصل.
إن التعاون الأمني والمخابراتي ضرورة حيوية لمكافحة الإرهاب، لذلك نرسل صرخة للعالم الى الدول الكبرى والى كل المؤسسات الدولية، ان المسار الصحيح يرسم عبر ارادة دولية راغبة حقا بإنقاذ العالم من الإرهاب وإذا أردتم السلام عليكم إيجاد حلول لمشاكل المنطقة لا تقوم على القوة بل على العدالة.
وكان السفير البابوي المونسيور غبريال كاتشيا، عميد السلك الديبلوماسي في لبنان تحدث باسم السفراء، مشيدا بالعمل الممتاز الذي يقوم به الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية ما جنب الطوائف كافة الدخول في دوامة العنف، وشكر لبنان على تحمله عبء النزوح الثقيل.
وبالعودة الى السياق الداخلي، فقد خلط تمسك الرئيس عون بقانون جديد للانتخابات على اساس نسبي الأوراق الانتخابية مرة اخرى، اذ تنعقد اليوم الاربعاء، الجلسة التشريعية الاولى في العقد الاستثنائي لمجلس النواب، دون ان يكون قانون الانتخاب على جدول اعمالها.
ما يقدم الدليل على ان المطروح إما إجراء الانتخابات على اساس قانون الستين او التمديد لمجلس النواب للمرة الثالثة.
وعلى الرغم من موقف الرئيس عون، فإن ضغط المهل الدستورية يزداد في كل يوم ومعه احتمال بقاء القانون الساري المفعول (قانون الستين) كأمر واقع، نظرا لشبه استحالة توافق الأفرقاء على قانون يأتي بقياس الجميع في آن واحد.