- أمل وحزب الله يعتبران الانتخابات المبكرة ضرورة ملحة
بيروت ـ عمر حبنجر
ارتدادات دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئة الى توطين النازحين السوريين في أقرب الدول المجاورة لسورية، عمت مختلف الأوساط اللبنانية، وأدخلت تعديلات على خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون امام الأمم المتحدة، المعد سلفا، بحيث أكد على النص الوارد في مقدمة الدستور اللبناني الرافض للتقسيم او التوطين.
وقد غيب طرح ترامب، الملفات الخلافية الشاغلة للسياسيين في لبنان، من الانتخابات النيابية الى الضرائب الإضافية والصفقات بالتراضي، وهو كشف طبيعة المقاربة الاميركية لمسائل اللجوء في المنطقة، فلسطينية كانت ام سورية، ما أحدث إرباكا داخليا، خصوصا على صعيد الأوساط السياسية المراهنة على الحلول الاميركية، ما عكس حجم افتقار السلطة اللبنانية الى الرؤية الموحدة لهذا الموضوع الشائك.
وبعد مجلس النواب الذي أكد على الرفض الدستوري للتوطين، والتقليل الحريري من وطأته، توجت كلمة الرئيس عون مجمل المواقف اللبنانية الرافضة للتوطين، معطوفة على غيابه عن حفل الاستقبال الذي أقامه ترامب على شرف الرؤساء المشاركين، والذي برره مستشار الرئيس جان عزيز بـ«أسباب لوجستية كثيرة ومتعددة» كما غابت اللقاءات الرئاسية مع أي مسؤول اميركي بارز في ادارة ترامب ما يحمل دلالات فتور في العلاقة مع هذه الادارة.
وأكد عون أن «الأعباء التي يتحملها لبنان جراء الحرب في سورية، تفوق قدرته على التحمل، ولكن الشعب اللبناني أثبت انه انساني ومسؤول، فاستقبل النازحين وشاركهم لقمة العيش وسوق العمل، ما ضاعف نسبة البطالة»، مشيرا إلى أن «لبنان بلد صغير المساحة كثيف السكان، محدود الموارد، موجات النزوح اضافت اليه ما نسبته 50% من السكان، أي مقابل كل لبنانيين اثنين هناك نازح أو لاجئ»، مؤكدا أن «هناك حاجة ملحة لتنظيم عودة النازحين الى وطنهم، والعودة الآمنة».
وأضاف الرئيس عون «عودة تكون طوعية أو آمنة وفقا لسبب اللجوء، اذا إفرادي ولسبب سياسي تكون العودة طوعية أي انها تمنح للاجئ السياسي ويترك له تقدير توقيتها، اما اللجوء الجماعي بشكله الحالي فحصل لسبب أمني أو اقتصادي وهربا من اخطار الحرب، لذلك نسميه نزوحا وليس لجوءا ولم يقترن بقبول الدولة بل على شكل اجتياح سكاني».
وتابع «الادعاء أنهم لم يكونوا آمنين فهذه حجة غير مقبولة، 85% من الأراضي السورية في عهدة الدولة، واذا كانت الدولة تقوم بمصالحات مع المجموعات المسلحة، وتترك للمقاتلين حرية الخيار بين البقاء أو الرحيل، فكيف لها مع نازحين هربوا من الحرب».
وأضاف «دور لبنان، لا بل رسالته، هو في الحرب على أيديولوجية الإرهاب، لأن لبنان الذي يتميز بمجتمعه التعددي هو نقيض الأحادية التي تمثلها داعش ومثيلاتها،»، مشيرا إلى أنه «لكل هذه الأسباب أطرح ترشيح لبنان ليكون مركزا دائما للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق، مؤسسة تابعة للأمم المتحدة».
بدوره، النائب السابق فارس سعيد، قال عبر تويتر معلقا على غياب الرئيس عون عن حفل استقبال ترامب للرؤساء: الرئيس المسيحي القوي لا يلتقي الرئيس الاميركي بسبب التصاقه بحزب الله، العالم بالمقلوب!
لكن البعض في بيروت رد مقاطعة عون لاستقبال ترامب، الى جملة اسباب، تبدأ بعدم تحديد موعد خاص للرئيس اللبناني، ولا تنتهي عند خطاب ترامب الذي وصف حزب الله بالإرهاب، في حضور الرئيس اللبناني.
وقد لام هذا البعض الرئيس عون، لأنه لم يتخذ موقفا للتو، لكن النائب قاسم هاشم، عضو كتلة التحرير والتنمية، رأى ان الرئيس عون ليس ملاما. وكان وزير الخارجية جبران باسيل غرد من طرابلس، قائلا بالانجليزية: يقول ترامب انه بكلفة توطين لاجئ في الولايات المتحدة يمكننا مساعدة عشرة في المناطق المتواجدين فيها، وانا جبران باسيل اقول: بهذه التكلفة يمكننا مساعدة مائة في بلدهم. واضاف: لبنان بلد لا يحتمل التوطين وسنواجه بكل الوسائل الممكنة لإفشاله.
وواضح ان اجماع اللبنانيين على رفض التوطين شمل تجاوز المخرج «الترامبي» لأزمة النازحين او اللاجئين. لكن بقي مطروحا في روزنامة البعض «تطبيع» العلاقة السياسية بين بيروت ودمشق، وتوطيدها بين الرؤساء الثلاثة، عون وبري وسعد الحريري، بعد رمي رئيس المجلس لقنبلته الدخانية المتمثلة باقتراح قانون تقصير الولاية المجلسية.
وردا على التساؤل حول اسباب طرح بري للانتخابات المبكرة في هذا التوقيت، وإحراجه كلا من التيارين «الحر» و«المستقبل»، تقول القراءة السياسية لقناة «الجديد» القليلة الود تجاه رئيس المجلس، ان هذا الأخير «استشعر اتفاقا قويا بين عون والحريري، وبرز تماسك الطرفين في صفقة بواخر الكهرباء، واذا جرت الانتخابات وبقي الحلف قائما، وانضم سمير جعجع الى هذا الثنائي فستظفر هذه القوى برصيد نيابي كاسح، يضع حزب الله بين الحليفين وبين نور العين (بري والتيار) فماذا يبقى من احداث لخوض بري معركة رئاسة المجلس العتيد، فاذا به يضرب التيارين، الحر والمستقبل، بحجر الانتخابات المبكرة الواحد.
ومن باب إظهار وحدة الموقف بين بري والحزب، اجتمعت قيادتا حزب الله وحركة امل في ضاحية برج البراجنة على مستوى قيادتي التنظيمين، وأصدرتا بيانا مشتركا تضمن اعتبار ان الانتخابات المبكرة باتت ضرورة ملحة، مادامت البطاقة الممغنطة بعيدة المنال، ولأن إنتاج سلطة جديدة بات حاجة وطنية للخلاص من الأزمات.