- «القوات» تنضم إلى «المستقبل» في انتقاد لقاء وزيري خارجية سورية ولبنان
بيروت ـ عمر حبنجر
تحديان أساسيان واجها حكومة «استعادة الثقة» في جلستها الاستثنائية أمس، تمويل سلسلة رتب ورواتب الموظفين، والإلحاح المبكر على تطبيع العلاقات مع النظام السوري من جانب تحالف التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل في الحكومة!
وكان تمويل السلسلة عنوان الجلسة الوزارية التي انعقدت برئاسة الرئيس سعد الحريري في السراي، تحت ضغط عمالي ووظيفي غير مسبوق، ارتفعت وتيرته بالإضراب العام والشامل، الذي حاصر مجلس الوزراء في ساحة رياض الصلح، وقد وجدت الحكومة أنها إما أمر لا بد منه، وهو أن تنفذ قانون السلسلة بدفع المستحقات، على أي صورة من الصور، ولتبحث بعدئذ عن تمويل لهذه السلسلة من خلال ترشيد الإنفاق وضبط الهدر والفساد في دوائر الصرف الحكومية، المحكومة بإرادة أصحاب النفوذ، لكن الخلافات تغلبت بين وزراء أمل والتيار الحر، فاتفق على تأجيل الجلسة الى غد الخميس، لتنعقد برئاسة الرئيس ميشال عون، وبعد خمس ساعات من المناقشات قال مصدر وزاري إن المسألة تتطلب حلا سياسيا بين عون وبري، والتأجيل يعني استمرار الإضراب العام.
وفيما كانت السجادة الحمراء تفرش للرئيس ميشال عون في الاليزيه، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول في بيروت ان حكم المجلس الدستوري الذي ابطل قانون الضرائب لم تأت به الملائكة.
هذا الموقف لبري عُدّ بمنزلة تصويب على القصر الجمهوري لدوره في صدور قرار المجلس الدستوري، لكن رئيس المجلس الدستوري د.عصام سليمان رفض هذه التلميحات، وقال ان المجلس سيد قراراته، وعندما يكون هناك طعن امام المجلس وحده الدستور يتدخل.
وقد قرر رئيس مجلس النواب عبر وزير المال علي حسن خليل، الذي يحمل لقب معاونه السياسي، الرد باحراج الحكومة من خلال تجهيز جدولين للرواتب، القديم من دون اضافات السلسلة والجديد مع هذه الاضافات، وطرحهما على طاولة مجلس الوزراء امس، تاركا لها مشقة الاختيار.
كل ذلك يحدث في ظل تحريك للشارع ومحركات الشارع من نقابات واتحادات عمالية غالبيتهم بيد حركة امل والرئيس بري.
من باريس، قال الرئيس عون لرفاق الرحلة في الطائرة الى باريس ان الكثير من الحيثيات التي استند اليها المجلس الدستوري بإبطال قانون الضرائب كان هو، اي الرئيس قد لفت اليها، وابرزها ضرورة اقرار الموازنة وتضمينها الاعتمادات اللازمة لتغطية سلسلة الرتب والرواتب التي ستطبق، واذا حصل تأخير تقني فسيتم استدراكه لاحقا من خلال الاعتمادات المتوافرة لدى وزارة المال.
وردا على قرار المجلس الدستوري، قال بري: ان من يحق له تشريع النفقات يحق له تشريع الواردات والضرائب داخل الموازنة او خارجها، واضاف: لا ننسى ان مجلس النواب هو الذي يسن القيود دستوريا، وليس من تسن عليه القيود، الا اذا اصبحت «قضية فيها نظر».
وكان النواب العشرة الذين تقدموا بالطعن ضد قانون الضرائب التقوا في البيت المركزي لحزب الكتائب ونبهوا الحكومة الى انه لا مجال للتذاكي على قرار المجلس الدستوري.
واكد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل على وجوب معرفة مصير 825 مليون دولار ادخلتها «الهندسة المالية» التي اجراها مصرف لبنان الى الخزينة واين صرفت؟ ولماذا لم تصرف على السلسلة؟ وقال ان الوفر في الموازنة كاف لتمويل السلسلة حتى السنة المقبلة، ولاحظ انه عندما يكون الموضوع موضوع بطاقة «ممغنطة» او بواخر كهرباء فلا احد يسأل من اين نأتي بالاموال، اما اذا كان الموضوع رواتب موظفين فحينئذ نريد ان نأخذ الاموال من جيوب الناس.
بدوره، استبق وزير المال علي حسن خليل الجلسة بالاعلان عن انجاز بعض التعديلات وتأكيده انه سيتم التوصل الى حل اليوم ولو بتردد وخجل كما قال مصدر نيابي.
اما التحدي الآخر والاخطر على بنيان الحكومة فقد تمثل بلقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم بصورة فجائية ودون علم الحكومة ورئيسها سعد الحريري، متجاوزا النأي الحكومي بالنفس عن الصراعات الدائرة على الساحة السورية، والذي زكّاه الرئيس الفرنسي ماكرون خلال استقباله الرئيس عون في باريس، معتبرا انه الافضل للبنان الآن.
وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يقود الحملة ضد سياسة باسيل التطبيعية مع النظام والمحمية بصمت الرئيس ميشال عون، كما يبدو، وصف خطوة باسيل بالتحول السياسي الكبير، لكن رد المشنوق بقي تحت سقف التضامن الحكومي وان اهتز قليلا، بدليل انه لم يطرح الاستقالة لا على مستواه الشخصي ولا على مستوى رئاسة الحكومة، الامر الذي جعل خصوم «المستقبل» يدرجون هذه الحملة المفاجئة على لقاء باسيل ـ المعلم والتي لم تشهدها مع زيارة وزراء امل وحزب الله الى دمشق في خانة الحملات السياسية ذات الابعاد الانتخابية، لا بل ان المشنوق بدأ يخفف من وطأة المشكلة على الحكومة بإعلانه على باب مجلس الوزراء ان هناك مبالغة في الكلام بأن الاستقرار الحكومي في خطر.
وانضمت القوات اللبنانية الى تيار المستقبل في الموقف من لقاء باسيل ـ المعلم المرفوض قواتيا، وفق وزير الاعلام ملحم رياشي قبيل جلسة مجلس الوزراء، متجنبا الجزم في موضوع موافقة الحكومة على تنفيذ قانون السلسلة.
مصادر ديبلوماسية في بيروت رجحت لـ «الأنباء» احتواء ازمة اللقاء الانفرادي الذي عقده باسيل مع المعلم، بعد وقوف الرئيس الفرنسي العلني الى جانب سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية، ومن هنا كان تجنب طرح الموضوع في مجلس الوزراء بداعي غياب وزير الخارجية مع الوفد الرئاسي في باريس.
وقال ماكرون امام عون: ان حماية مسيحيي الشرق لا تعني الدفاع عن الاسد.