- عدم الإلمام بالأرقام حوّل النقاش إلى السياسة
- الحريري رداً على بعض النواب: ضاعوا بين الموازنة العامة والمزايدة العامة
بيروت ـ عمر حبنجر
بعد يومين من المناقشة، اقر مجلس النواب اللبناني موازنة العام 2017 من دون قطع حساب، وسبق جلسة التصويت امس نقاش حول تقارير موظفي الامم المتحدة الى الجهات الخارجية وخصوصا منظمة «يو ان دي بي» التي تمولها الحكومة، الامر الذي نفاه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رد على مداخلات النواب حول ارقام الموازنة البالغة نحو 23 الف مليار ليرة، واقتصر في السياسة بالرد على النائب احمد فتفت الذي كان تحدث عن الاحباط السني في زمن هذه الحكومة بالقول: اهل السنة غير محبطين، وانا مسؤول عن كلامي وربما بعض الزملاء محبطون، واتمنى عليهم عدم اسقاط احباطهم على اللبنانيين، ونقطة على السطر.
وبالعودة الى الجلسة، خالف 56 نائبا الدستور بتصويتهم على تعليق المادة 87 منه والتي توجب اطلاع مجلس النواب على قطع حساب الموازنات السابقة قبل اقرار الموازنة الجديدة، و11 نائبا من القوات اللبنانية والكتائب وبطرس حرب ونقولا فتوش عارضوا الموازنة قبل قطع الحساب، وهناك نائب امتنع هو نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت وآخر برر امتناعه عن التصويت بالبلبلة الحاصلة هو امين سر كتلة التغيير والاصلاح ابراهيم كنعان، اما النواب الـ 56 الباقون فإما مسافرون او في الفراش على اعتبار ان التصويت حصل في ساعة متقدمة من الليل او في «السهرة».
الحكومة خرجت من جلسات المناقشة مرهقة بسبب اتهامات النواب بمن فيهم الاعضاء فيها، لكنها اصرت على تشريع القانون الرامي الى اجازة اقرار الموازنة بمعزل عن قطع الحساب.
وتبين ان معظم النواب لا يلمون بالموازنة ولا بأرقامها، فتحولوا الى الامنيات والمناطقيات والطائفيات، وكان اللافت في هذا السياق ان بعض النواب المسلمين استهلوا كلماتهم بالبسملة، بينما استهل النائب اسطفان الدويهي كلمته بعبارة «باسم الاب والابن والروح القدس»، وهذا جديد على المنابر الرسمية في لبنان.
بيد ان النواب موالين ومعارضين التقوا على انتقاد اداء السلطة التي هي منهم ولهم، واستهلوا انتقاد الفساد دون تسمية الفاسدين، ما مهد لتمرير التسوية، اي موازنة دون قطع حساب!
على ان الانطباع الذي خرج المتابعون به من جلسات المناقشة النيابية ان هناك سرقات، لكن السارقين مجهولون، وان السياسيين ضحايا هذا الواقع الفاسد كغيرهم وليسوا فاسدين.
الى ذلك، كشفت مناقشات الموازنة عن اتساع الشرخ بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وقد تظهر ذلك في دفاع التيار الحر عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بوجه «عدوان» النائب جورج عدوان، وقالت القناة البرتقالية ان القوات وافقت منذ 5 اشهر على تجديد ولاية الحاكم، لكنها تساءلت عن سبب تلقف رئيس المجلس نبيه بري لفكرة تشكيل لجنة تحقيق نيابية مع الحاكم الذي يحتفل بيوبيله الفضي في الحاكمية، كما احتفل بري بهذا اليوبيل في رئاسة المجلس منذ 25 عاما. وسألت: لماذا جاء رد فؤاد السنيورة خافتا خجولا؟ ولماذا جاء الدعم النيابي الوحيد لـ «عدوان» من النائب اكرم شهيب وحده؟
وبالعودة الى جلسة مساء الاربعاء الماضي الحاسمة، حيث قرر الرئيس نبيه بري البدء بالتصويت على مشروع قانون معجل مكرر باضافة مادة تجيز اقرار الموازنة من دون قطع الحساب، فاعترض النائبان بطرس حرب وسامي الجميل، وطالبا باعتماد الاصول الدستورية والمباشرة بمناقشة مشروع الموازنة بندا بندا، لكن بري استند الى اعادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على ان يبدأ المجلس باقرار قطع الحساب.
والذي حصل كان اخضاعا للدستور بمادتيه 83 و87 للمادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وهذا ما اعتبره النائب حرب بمنزلة تعديل ضمني للدستور، فأجابه الرئيس بري: انا اضيف مادة على مشروع الموازنة ولست اعدل الدستور.
سامي الجميل طرح اجراء شكليا بأن يحيل وزير المال مشروع قطع حساب عام 2015 لاقراره بصورة غير نهائية ريثما تنتهي وزارة المال من اعادة تكوين كل الحسابات المالية النهائية من العام 1993 الى اليوم، واعتبر الجميل ان التصويت على مشروع اضافة المادة المذكورة هو تصويت على مخالفة الدستور.
وقد تدخل النائب ابراهيم كنعان (التيار الحر) في السجال مع الجميل، وطرح بعضهم تعديل المادة 87 من الدستور عبر قانون دستوري، الا ان الرئيس بري رفض هذا المقترح.
واعترف وزير المال علي حسن خليل بوجود الخلل الدستوري كيفما تعاطينا مع المسألة، لكنه رأى ان الخطر الاكبر يكمن في عدم اقرار الموازنة وابقاء الوضع سائبا، معتبرا ان نشر الموازنة قبل قطع الحساب، هو مخرج قانوني وليس قاعدة قانونية، واعدا بألا تكون هناك تسوية على اي حساب لا سابقا ولا حاليا.
اما النائب آلان عون فقد اعتبر ما يجري اتفاقا سياسيا لابد منه لاعادة انتظام المالية العامة.
الكلمة الاخيرة في جلسة المناقشة العامة كانت للرئيس سعد الحريري الذي رد على مداخلات النواب منتقدا ما اعتبره مزايدات في السنة الانتخابية، وقال: بعض النواب ضاعوا بين الموازنة العامة والمزايدة العامة، رافضا اتهامات النواب للحكومة بأنها لا تعلم، واعتبر انه لا يصح ان نأخذ من الخلافات منابر للنيل من الاسقترار الوطني او لكسر التسوية السياسية التي تحمي بلدنا في اصعب الظروف.