بيروت ـ عمر حبنجر
بعد نحو أسبوعين على تقديم رئيس الوزراء اللبناني استقالة مفاجئة من الرياض، غرد سعد الحريري الذي يصل فرنسا خلال ساعات ليلتقي ظهر اليوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلا «إقامتي في المملكة هي من أجل إجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان وعلاقاته بمحيطه العربي».
وأضاف عبر تويتر أن «كل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول إقامتي ومغادرتي أو يتناول وضع عائلتي لا يعدو كونه مجرد شائعات».
هذا، وقال وزير خارجية لبنان جبران باسيل خلال زيارته موسكو امس إنه يأمل في عودة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري الى بيروت بعد أن يستكمل زيارته لفرنسا، مشددا على ان سيادة بلاده ليست للبيع وان لبنان سيرد على أي محاولة للتدخل الخارجي.
من جانبه قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف: الحلول يجب ان تكون لبنانية وبعيدة عن اي تدخل خارجي، ومن خلال الحوار الداخلي، ونحن ندعم سيادة لبنان بشدة.
وكان باسيل عقد محادثات في انقرة مع وزير الخارجية التركي، حيث وصف الرئيس الحريري بالشريك اللبناني الفعلي والمعتدل الذي يجب دعمه لا محاربته، في حين اكد الوزير التركي ايمان بلاده باعتدال الرئيس الحريري وبتشاوره مع الرئيس عون وصولا لاتخاذ الموقف اللبناني السليم.
وذكرت مصادر موثوقة لـ «الأنباء» ان الحريري سيجري فحوصات طبية في باريس قبل عودته المرتقبة الى بيروت مساء الاثنين او نهار الثلاثاء ما لم يطرأ جديد معيق، كتصادم المواقف في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة غدا بسبب موقف ممثل لبنان الذي قد يكون وزير الخارجية جبران باسيل او السفير في القاهرة علي الحلبي.
وفي هذه الحالة، حالة تأجيل عودته، فسيتعين على الرئيس عون ـ طبقا للاتصالات الجارية ـ تأجيل الاحتفال بعيد الاستقلال المقرر يوم الأربعاء المقبل او إلغاؤه لأنه من غير المعقول بقاء مقعد رئيس مجلس الوزراء شاغرا في هذه المناسبة.
اما اذا سارت الأمور كما يجب في القاهرة التي سيزورها الحريري لاحقا، فإن برنامج عودته سيستمر، وسيقدم استقالة خطية لرئيس الجمهورية ويجلس معه ومع الرئيس نبيه بري على المنصة الرئيسية لمتابعة العرض العسكري الذي اعدت له قيادة الجيش بما يليق بالانتصار الذي حققه الجيش في معركة «فجر الجرود» ضد مسلحي داعش.
المصادر الموثوقة أكدت ان الرئيس عون سيجري استشارات نيابية ملزمة تؤول الى اعادة تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وسيشترط الحريري ان تكون حكومة تكنوقراط اي غير سياسية، تجنبا لإشراك حزب الله الذي رفض مسبقا مثل هذه الحكومة، لكن المصادر ترجح ان يتولى الرئيس عون اقناع الحزب بالأمر.
وثمة طرح آخر قيد التداول في حال قرر الحريري الابتعاد عن السراي الآن: تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة من يختاره شخصيا، وهنا يجري التداول باسم الوزير السابق خالد قباني، اما اذا اصر الحزب على الحكومة السياسية فالاتجاه الغالب لدى فريق 8 آذار وحتى لدى الحريري ان تكون الحكومة برئاسة الوزير السابق فيصل كرامي، وفي هذا الخيار رماية واضحة ضد اللواء اشرف ريفي في عاصمة الشمال.
وكان الرئيس عون استقبل صباح امس وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي قال بعد اللقاء: لقد اتيت اليوم لأؤكد توازن الكلام السياسي الصادر عن فخامة الرئيس عون، لاسيما حديثه عن اسباب استقالة الرئيس الحريري.
واكد المشنوق ان الانتخابات النيابية ستكون في موعدها.
عمليا، يدخل لبنان صلب ازمته الحكومية عقب الاجتماع الحاسم غدا على مستوى الجامعة العربية، حيث سيكون الوسط السياسي امام استحالتين: استحالة تشكيل حكومة دون حزب الله واستحالة تشكيل حكومة مع حزب الله الذي وصفه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأنه اساس الازمة ومصدر الخطر على دول الجوار، متوعدا اياه بعقوبات فعلية.
وسيكون لبنان غدا امام خيارين: اما مع العرب او مع غيرهم، حيث تكون المقاطعة والعزل.
الديبلوماسية اللبنانية المتناغمة مع محور الممانعة تعتقد ان الدول العربية لن تتضامن ضد لبنان، لكن هذا لا يعني ان بامكانها تخطي عقوبات السعودية ومجلس التعاون الخليجي الذي هو المورد الرئيسي للمناعة الاقتصادية اللبنانية تاريخيا.
الرئيس نبيه بري قال: ازمة الحريري الشخصية انتهت، لتبدأ الازمة السياسية.