- علويو جبل محسن رفضوا استقبال باسيل ومزقوا بطاقاتهم
بيروت ـ عمر حبنجر
يهدد ملف خلافي جديد بين اهل الحكم في لبنان بانفجار وشيك قد يزعزع اسس التحالفات السياسية التي انتجت التسوية القائمة على مستوى الرئاسات الثلاث الراعية للاستقرار الراهن.
الملف الخلافي الجديد تصاعد دخانه الرمادي يوم السبت الماضي عندما وقّع الرئيس ميشال عون ومعه رئيس الحكومة سعد الحريري مرسوما يعطي اقدمية سنة لـ 190 ضابطا مما يعرفون بـ «دورة عون» من دون توقيع وزير المالية علي حسن خليل.
وتقول مصادر عين التينة ان الرئيس نبيه بري شديد الانزعاج مما حصل، مؤكدة ان المرسوم لن يمر مرور الكرام، حتى لو تطور الامر الى ازمة سياسية وشلل حكومي.
ومنذ وصوله الى بعبدا يُصر الرئيس عون على منح هؤلاء الضباط الذين ينتمون الى فئة طائفية معينة اقدمية سنة خدمة على زملائهم، تعويضا عن اجحاف يرى انه لحق بهم نتيجة تعيينهم من قبل حكومته العسكرية في اواخر ثمانينيات القرن الماضي.
وترددت اللجان النيابية في اقرار المشروع امام اصرار رئيس المجلس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط على رفضه، لكن الرئيس عون اصرّ عليه، فوقع الرئيس الحريري المرسوم يوم السبت الماضي وبعد ساعة كان توقيع الرئيس عون حاضرا.
مسألة هؤلاء الضباط انهم تطوعوا في عهد حكومة عون العسكرية، المسيطرة على المدرسة الحربية، خلال دورتين في 1989 و1990، ولدى خروج عون من بعبدا في 13 اكتوبر 1990 لم يُسرحوا من الجيش، ولم يتابعوا دوراتهم، انما استمروا في تلقي رواتبهم، حيث جرى ضم ضباط الدورتين الى الجيش بقرار من قائده يومذاك العماد اميل لحود.
مصادر عين التينة قالت ان الرئيس بري بالغ الاستياء، خصوصا من تجاوز الرئيسين لوزير المال علي حسن خليل، وان الامور لا تمشي بالعناد، وان الحاضر لا يلغي التاريخ، وهو انه كان هناك تمرد على الشرعية في ذلك الحين.
وتقول مصادر اخرى ان حزب الله يعارض هذه الخطوة، داعما موقف بري.
لكن الرئيس سعد الحريري لم يعلق على هذا الموضوع، وقد اصدر امس تعميما يحدد قيمة المكافأة السنوية للموظفين براتب شهر واحد.
وفي مؤتمر «تداعيات انتشار الاسلحة الصغيرة في لبنان» الذي انعقد في السراي الحكومي، دعا الحريري الى محاربة العنف بالعلم والثقافة.
في موازاة ذلك، واجه رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل اول صدّ سياسي في معقل الاتباع الخُلص للنظام السوري في محلة جبل محسن الذين رفضوا استقباله كما رفضوا فتح مكتب للتيار الوطني الحر في هذا الحي ذي الغالبية العلوية رغم تدخل قيادة حزب الله لحل هذه الاشكالية بين الحلفاء.
وقبل وصول باسيل الى جبل محسن سبقته رسالة من رفعت علي عيد، الموجود خارج لبنان، لاحقته بجريمة تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، متمنيا على باسيل العدول عن فتح مكتب للتيار الوطني الحر في جبل محسن «لأن مكاتب الحزب العربي الديموقراطي هي مكاتب التيار، ويجب عدم فتح الجبل على بازار المكاتب الانتخابية».
لكن المجلس الاسلامي العلوي والحزب العربي الديموقراطي رفضا استقبال باسيل، وقامت عناصر تابعة لهما بإنزال يافطات الترحيب به في هذا الحي، وكذلك الصور، وذكرت قناة «الجديد» ان 564 من ابناء هذا الحي انتسبوا الى التيار البرتقالي عمدوا الى تمزيق بطاقاتهم بحجة ان قيادة التيار وعدت بتوظيفهم لكنها لم تف بالوعد كما قال عضو المكتب السياسي للحزب العربي الديموقراطي (العلوي) علي فضة.
في ضوء هذه المستجدات السياسية، يطرح السؤال: ماذا عن التحالفات الانتخابية؟ وبالتالي ماذا عن الانتخابات بذاتها؟ هناك من بدأ يتحدث عن ان التحالف الخماسي بين التيار الحر والمستقبل وحزب الله وحركة امل والتقدمي الاشتراكي هو تحالف سياسي وليس انتخابيا، ومعنى هذا الكلام ان لا شيء ثابتا في بلد الرمال المتحركة، لا التحالفات ولا الانتخابات، وعلى الرغم من اصرار الرئيس نبيه بري على اجراء الانتخابات في موعدها، وان الانشغال بالانتخابات لا يلغي الاهتمام بالامور الاخرى «لأن الغداء لا يلغي الترويقة»، فإنه ربط التحالفات بـ «مدى رغبة الآخرين بها» ما يؤشر على صعوبة الاوضاع.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان تأجيل الانتخابات، اذا تأجلت، لن يكون ذلك بفعل ارادي محلي، سيما مع تصاعد الازمات الاقليمية من القدس الى غزة الى الاشتباك الاميركي ـ الايراني والخليجي ـ الايراني، فضلا عن استمرار البرودة في علاقات لبنان مع الخليج والتي تبدو مرشحة للتجلّد بعد مطلع السنة الجديدة اذا ما استمرت حالة اللاوعي السياسي متحكمة بالمواقف اللبنانية، والتي يمكن ان تقود الى خفض التمثيل الديبلوماسي الخليجي اذا ما استمر الالتزام بـ «النأي بالنفس» على هذا المستوى المتدني من التنفيذ، وفقا لما قالته مصادر «الأنباء».