- بعبدا ترفض الربط بين تشكيل الحكومة والرئاسة المقبلة
- الحملة على الحريري بسبب رفضه التطبيع مع النظام السوري
بيروت - عمر حبنجر
كأن قطار تأليف الحكومة اللبنانية خرج عن السكة وهذه النتيجة محتمة عندما تتفاوت سرعة العجلات بين خط وآخر، كما بدأ يظهر من هبوط مستوى الانسجام بين شريكي التسوية الرئاسية الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بعد تشتت شمل بعض المساعدين.
وقد خفت وهج هذه التسوية الى حد كبير، تحت وطأة التعقيدات المتوالدة من الأوضاع الإقليمية المتفاقمة، من التنازع على صلاحيات تشكيل الحكومة، الى المصافحة الباهتة في عيد الجيش، الى انقطاع اللقاءات بين الحريري وبين وزير العهد جبران باسيل وصولا الى كلام باسيل الأخير عن لبنان «المعتقل سياسيا».
أوساط «المستقبل» ترى أن الرئيس عون وفريقه السياسي في وضعية الهجوم على الحريري، منذ حسم خياره برفض التنسيق مع النظام السوري، على اي صعيد، مفضلا الوصول الى اعادة النازحين السوريين عبر الجسور الروسية، أمانا للعائدين، وتجنبا لمصافحة النظام.
هذه الأوساط ترى ان المانع الوحيد لانقطاع شعرة معاوية بين بعبدا وبيت الوسط هو الوضع الاقتصادي الهائم في غابة ضياع المسؤولية الوطنية، والذي حذر منه رئيس المجلس نبيه بري بقول الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه: «إذا دخل الفقر من النافذة خرج الإيمان من الباب».
هذا، وعقد الرئيس المكلف سعد الحريري اجتماعا مطولا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الأخير في عين التينة، بحضور وزيري الثقافة والمالية غطاس خوري وعلي حسن خليل والوزير السابق باسم السبع، حيث جرى عرض مفصل لأزمة تشكيل الحكومة. وقال الحريري بعد اللقاء: المشكلة بتشكيل الحكومة داخلية وهي تتعلق بالحصص وأتمنى على الجميع ان يفكروا في البلد قبل ان يفكروا بحصصهم وسنضع بعض الحلول على الطاولة وبري مستعد للمساعدة.
وفي هذا الاطار، أفيد ان وزير الخارجية جبران باسيل قد تسلم دعوة الحريري لزيارته واعلن انه سيلبيها.
من جهتها، أشارت كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها الأسبوعي امس الى ان تشكيل الحكومة هو المدخل الضروري لمنع مخاطر الانزلاق نحو التوتر ومعالجة الدين العام وعمل المؤسسات. وأضافت: ان الاتصال السياسي بين الحكومتين اللبنانية والسورية هو الممر الإلزامي الوحيد لمعالجة مسائل النازحين وتصدير الانتاج اللبناني. وتنطوي الإشارة الاخيرة على رد مباشر على رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يصر على اعتماد المبادرة الروسية كممر لعودة النازحين.
أما تلفزيون لبنان الرسمي فقد أضاء امس على زاوية محاطة بالظلمة، في الموضوع الحكومي، عندما تحدث عن رفض مصادر القصر الجمهوري الربط بين تشكيل الحكومة، وبين العمل من اجل ان يكون باسيل الرئيس المقبل للبنان.
وسرعان ما دخل الوزير باسيل على خط النفي، رافضا ما قيل ونشر عن تحضيره المبكر للمعركة الرئاسية، وعلى احتمال تقصير ولاية الرئيس عون تعجيلا لانتخابه، وقال المكتب الاعلامي لباسيل ان مثل هذه الاخبار تستهدف العهد وهو في مرحلة الانجاز لا الانتحار.
عمليا، الكل في دوامة الفراغ الحكومي، ولا احد من اللبنانيين يعرف حقيقة ما يدور، المشكلة بدأت مع الحديث عن العقد الثلاث: الدرزية والمسيحية، والسنية، ثم استحضروا التدخل الخارجي، ثم بدأ الحديث عن «وحدة المعايير» لنصل اخيرا الى ربط تأخير التأليف بالفتح المبكر للمعركة الرئاسية، التي اوانها بعد اربع سنوات ونيف، وهذا ما اعتبرته اوساط بعبدا، بمثابة استهداف مباشر للعهد.
وتلاحظ المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان ثمة مطابخ سياسية متخصصة في تسريب المعلومات حقيقية كانت او افتراضية، وآخر هذه التسريبات الزعم بأن في اساس اصرار باسيل وحلفائه على تطبيع العلاقات مع دمشق، تجميعا للأرصدة السياسية الخارجية، في حساب طموحاته الرئاسية، وأن بدء الحديث عن شعور الرئيس عون بالإرهاق جراء كثافة المواعيد والالتزامات التي يحرص على ألا يغيب عنها ابدا، مقدمة مدروسة، تحضر الأذهان، لإخلاء الموقع الرئاسي فور الاطمئنان الى ان ارصدة الوزير باسيل الخارجية والداخلية باتت كافية لخوض غمار الرئاسة بنجاح مضمون.
وتقول مصادر في بعبدا ان الجهات التي صورت المعركة الانتخابية في دائرة الشمال الثالثة على انها معركة رئاسة الجمهورية وأن الفائز فيها هو المرشح الرئاسي القوي، هم انفسهم الذين يربطون اليوم بين تأليف الحكومة والاستحقاق الرئاسي المقبل.
واعتبر زوار بعبدا ان رمي موضوع الاستحقاق الرئاسي الآن، هدفه صرف الأنظار عن العقدة الأساسية.
ومن ضمن هذه المقولات، ان تمسك باسيل بتوزير طلال ارسلان، غايته تأمين العطاء الدرزي لطموحاته الرئاسية.
وتجدر الإشارة الى ان الرئيس عون كان اول من اشار الى السباق الرئاسي في موضوع تشكيل الحكومة.
وجوابا على هذا، قال زوار بعبدا ان ما نقل عن الرئيس عون بأن الحملة التي تستهدف باسيل ترتبط بالسباق الرئاسي، جاء ردا على سؤال، بعدما كثرت التلميحات بأن نتائج انتخابات الدائرة الشمالية الثالثة (الدوائر المسيحية) مؤشر على هوية الرئيس الذي سيخلف عون في سدة الرئاسة، متناسين ان المجلس النيابي الحالي ليس هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية.
وزير الإعلام ملحم رياشي، نفى ان يكون هناك جبهة ضد العهد، وقال في حديث متلفز «حاولنا التواصل مع الوزير جبران باسيل، رغم محاولاته التنصل من تفاهم معراب، لكنه لا يريد التحدث معنا، وأشار الى تقاطع كبير بين القوات وبين الرئيسين بري والحريري ورئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.