شكل حزب الكتائب لجنة خاصة بإشراف الرئيس أمين الجميل وعضوية الوزير سليم الصايغ ونواب الحزب لتتولى درس ملف الوجود المسيحي في ادارات ومؤسسات الدولة والذي تصفه مصادر كتائبية بأنه «مخيف» ومتجه الى «انقراض تدريجي» في وزارات وادارات مثل وزارتي الأشغال والاقتصاد ورئاسة مجلس النواب.
ومن المتوقع ان تخلص اللجنة الى اتخاذ التوصيات اللازمة وتحديد الخطوات المناسبة في هذا الشأن بما في ذلك اثارة الوزير الصايغ الموضوع على طاولة مجلس الوزراء عبر دراسة متكاملة.
وكان التيار الوطني الحر أعد في مرحلة سابقة دراسة مفصلة عن واقع «التهميش المسيحي» خلصت الى ان ثمة خطة مبرمجة بدأت باتفاق الطائف تستهدف المسيحيين تحت عناوين وشعارات متعددة، وعمدت الى استثمار كل ظرف اقليمي ودولي بهدف تحقيق مزيد من الاقصاء للمسيحيين وتحجيم مشاركتهم في السلطة وتحويلهم الى مواطنين من درجة ثانية في مفاصل الدولة السياسية والتربوية والاقتصادية.
وتحدثت هذه الدراسة عن وضع المسيحيين في الادارة وفي وظائف الفئة الأولى وأعدادهم في الادارات العامة، خصوصا في شركة كهرباء لبنان وبلدية بيروت وادارة المرفأ ووزارة التربية وطيران الشرق الأوسط وهيئة «أوجيرو» والسلك الديبلوماسي (توزيع السفراء) والجامعة اللبنانية والأجهزة الأمنية والهيئات التابعة لرئاسة الحكومة، مثل مجلس الإنماء والإعمار، سوليدير، سوكلين، إيدال، أوجيرو، والهيئة العليا للإغاثة.
واضافة الى تقرير خاص عن وجود المسيحيين الديموغرافي والسياسي والاقتصادي في العاصمة بيروت، سلطت الدراسة الضوء على قانون التجنيس الذي أدى إلى أكبر تغيير ديموغرافي في لبنان، والتوطين، والفضائح المتعلقة بملف المهجرين ومنع عودتهم إلى الجبل، إضافة إلى ثلاثة ملفات عن بيع الأراضي والهجرة والأحوال الشخصية (صعوبات التسجيل، عدم اعطاء الجنسية لمستحقيها، منع المغتربين من الاقتراع).
ويعتبر النائب ابرهيم كنعان ان «تكتل الاصلاح والتغيير» يلج باب التعيينات، آملا في تحقيق نقلة نوعية في الادارة، مشددا على ضرورة مراعاة التمثيل الطائفي والتوازن ومعايير الخبرة والكفاية والنزاهة، وخصوصا في ظل ما يعانيه المواطن على مستوى الفساد، ومذكرا بسلسلة تفاهمات عقدت بين العماد عون والرئيس سعد الحريري قبيل تأليف الحكومة واساسها المباشرة تدريجا وعلى مراحل في معالجة ثغر الادارة والسياسة المالية والقضاء.
وداعيا الى وضع سقف للتنافس على مستوى التعيينات أساسه تأمين الحضور والتمثيل المسيحي الصحيح في النظام، ولاسيما ان المسألة تتعلق بتعزيز حضور طال غيابه.
يمكن القول ان القوى والقيادات السياسية المسيحية المختلفة سياسيا تلتقي وتتفق على ضرورة تصحيح وتحسين التمثيل المسيحي في الدولة، وزارات وادارات ومؤسسات أمنية وعسكرية ومجالس عامة، وتعويض ما حصل في مرحلة ما بعد الطائف من نقص وغبن...
ولكن كيف يترجم هذا التوجه عمليا وما الجهة أو المرجعية المسيحية التي تتولى وتتكفل هذا الملف؟ ألا ينسحب منطق المحاصصة على الساحة المسيحية؟ ألا يقال هذه الأيام ان عقدة التعيينات هي في الدرجة الأولى «مسيحية» وان المشكلة تكمن أولا في تعدد المرجعيات المسيحية وعدم تطابق الواقع الرسمي مع الواقع السياسي والتمثيلي؟!