بيروت ـ عمر حبنجر
انعقدت المصالحة المرتقبة بين مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي في الشويفات ودير قوبل، وبين مناصري حزب الله وحركة أمل في الضاحية الجنوبية من بيروت، امس، في احتفال اعد له طويلا وبعناية سياسية وأمنية، بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان من جهة ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسين خليل، وشخصيات وزارية ونيابية ودينية وممثلين عن احزاب 8 آذار خصوصا.
وانعقدت المصالحة في قاعة مدرسة سيدة الشويفات، لتمحو ذيول احداث السابع من مايو 2008 التي أوقعت العديد من الشهداء بين الطرفين، ورافقتها اعمال عنف بالغة الشدة.
تواصل تاريخي
جنبلاط الذي افتتح الكلام في المهرجان قال: نختتم اليوم جرحا أليما كاد لو توسع ان يدمر التواصل التاريخي والنضالي والكفاحي والإنساني والسياسي بين الجبل والضاحية وبيروت ويدخل البلاد في دوامة من العنف لا مثيل لها، تقضي على مقومات العيش المشترك في كل لبنان، وعلى الجهود المشتركة لجميع القوى السياسية دون استثناء التي توافقت اثناء الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري عام 2006 بضرورة قيام دولة قوية قادرة وعادلة بكل ما في الكلمة من معنى، ومعالجة المشاكل العالقة الداخلية بالحوار، والخارجية مع سورية بالحوار البناء الذي انتج آنذاك نقاط اجماع وتوافق واستكمل لاحقا بهيئة الحوار الوطني واليوم بحكومة الاتحاد الوطني.
واضاف جنبلاط يقول: ان العودة الى ملابسات ما قبل السابع من مايو لا فائدة منها، إلا في إطار اثارة الغرائز عند بعض النفوس الضيقة او الموتورة من افراد او جهات سياسية او غير سياسية يغلب عليها الافق الضيق او الانغلاق او الحقد.
وثمن جنبلاط عاليا رغبة عائلات الشهداء، جميع الشهداء من الخندق أصحاب الكفاح الواحد في الجبل والضاحية وبيروت بالترفع عن الألم والمصيبة وفتح صفحة الوفاق والمعالجة شاكرا لكل القوى السياسية والشعبية والدينية احتضانها لهذه المصالحة منوها بجهود القوى الأمنية والعسكرية وخصوصا الجيش والمخابرات التي واكبت المحطات التفصيلية لهذه المصالحة وختم بالقول: قدرنا الكفاح المشترك، النضال المشترك، والعمل المشترك، وتقاسم الخبز والملح، الذي هو فوق كل اعتبار، انه ماضينا وحاضرنا وهو مستقبلنا ايضا.
التكامل بين الجميع
بدوره، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل ان العلاقة المشتركة مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» ليست لمواجهة احد او اصطفافا بل لتشكيل تكامل بين جميع ابناء الوطن.
واكد خليل باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري على دوام التفاهم عمق الروابط بين اهل الجبل والضاحية وبالقدرة على تجاوز المشاكل بالحوار مؤكدا على العمل المشترك والالتزام باتفاق الطائف لتحصين التضامن الداخلي. واعتبر خليل ان لقاء المصالحة هو تجسيد «لالتزامنا بالعلاقات المميزة مع سورية وإيمان بفلسطين التي تبقى القضية المركزية».
واعتبر خليل انه يجب ان يبقى الحوار هو خيار الجميع في التعاطي مع المشاكل الداخلية مهما كبرت، مشيرا الى ان اللقاء هو تجسيد لايماننا المشترك بلبنان الوحدة.
ولفت خليل الى ان مشهد المصالحات هو افضل رد على تهديدات اسرائيل التي تتصاعد والتي لا يمكن ردعها الا عبر الوحدة الوطنية.
واشار خليل الى ان الصفحات المؤلمة على مرارتها طويت بفضل الوعي من الجميع وبالدرجة الاولى عوائل الشهداء.
واعتبر خليل ان رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان قبض على عصب الأزمة وفتح قنوات التواصل من أجل الحل مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» وزعيمه الذي استقرأ مخاطر الانقسام ومع قيادة «حزب الله» وقيادة «حركة أمل».
العيش المشترك
من جانبه، وصف رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد لقاء المصالحة بأنه «ليس لمجرد طي صفحة لا نريد قراءتها بل لتأكيد عزمنا على المضي معا لنحفظ بعضنا وبلدنا وشركاءنا من اللبنانيين وحلفاءنا من المناضلين».
وذكر رعد في كلمة ألقاها عن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بالمناسبة، أنه «لا يمكن فصل وحدة العيش بين الشويفات والجبل والضاحية والجنوب والبقاع»، عازيا اياها بأنها «قدر محتوم من العيش الواحد والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل وهذا القدر عصي عن التبديل»، معتبرا ان «الشراكة بيننا أصل ثابت والتزام ثابت ومصلحة استراتيجية للبنان وهذه الشراكة أعمق وأوسع وأصلب من أن يهزها إعصار أو ضغوط». وذكر أنه «بالأمس كنا وسنبقى اليوم جبهة واحدة نرسم تاريخا مديدا من النضال ضد عدو عنصري يستهدفنا جميعا وضد تخلف داخلي على الصعيد الإنمائي والاقتصادي»، لافتا الى ان «هناك فريقا يريد أن يبقى لبنان رهن الانقسام والنزاعات».
وشدد على «أننا اليوم نسعى معا لقيام الدولة القادرة والعادلة والمطمئنة للجميع على اختلاف الطوائف وننتصر معا لضمان حق العودة للشعب الفلسطيني إلى أرضه ودعم قضيته وانتزاع الحقوق المدنية والإنسانية لأبنائه اللاجئين ونحرص على استنئاف العلاقات المميزة مع سورية لما لذلك من خير على بلدنا».
جورج عدوان نائب قائد القوات اللبنانية قال ان المصالحة في الجبل تحققت بزيارة البطريرك نصر الله صفير للجبل عام 2001، وتكرست بالتفاهم بيننا وبين النائب وليد جنبلاط، والذي على اساسه ينعم الجبل منذ 2005 بالهدوء والسلم الاهلي والعيش المشترك.
واعتبر عدوان ان المصالحة التي ستجري في الرابية، بين النائبين وليد جنبلاط وميشال عون اليوم هي استكمال لخيار القوات الذي قامت به عام 2005. وان المصالحة بين المسيحيين والدروز، وبقية الطوائف الطريق الصحيح لوحدة لبنان.